مبارك محمد الهاجري



يبدو أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بتصريحاتها الأخيرة، معجبة أيما إعجاب بالنظام laquo;البعثيraquo; في سورية، مشيرة إلى أن هذا النظام هو أرقى بكثير ومتميز عن نظام معتوه ليبيا معمر القذافي!
السيدة كلينتون ترى القتل والسحل الذي يتعرض له الشعب السوري رأي العين، ولم تبدِ أدنى أسف تجاه الجرائم البعثية هناك، ويا ليتها وقفت عند هذا الحد، بل وطالبت بضبط النفس، وكأنها توجه حديثها إلى الحكومة الإسرائيلية التي اعتادت معاليها أن توجه نصائحها إليها! وليست إلى حكومة laquo;البعثraquo; الديكتاتورية التي حكمت سورية بالنار والحديد منذ 40 عاماً دون أن يكون للحرية مكان في قاموسها!
أي زمان هذا، هل عاد القرن الواحد والعشرون إلى الوراء، هل نحن في عالم يسوده قانون الغاب؟ واشنطن التي ينظر إليها ملايين البشر على أنها دولة القانون والديموقراطية، تؤازر وبشكل فج ووقاحة لا مثيل لها وعلى لسان وزيرة خارجيتها، نظاماً دموياً أهدر دماء شعبه لأجل المكوث على كرسي الحكم مدة أطول! هل هذه واشنطن التي تزعم حماية حقوق الإنسان، وتدعم الديموقراطيات والثورات المنادية لها، قلناها ومازلنا، أن المغررين بسياسات أميركا كثر يعتقدون أنها على صواب دائماً وواقعها يقول عكس ذلك تماماً، ولكن، إذا عرف السبب بطل العجب، تأييد وزيرة الخارجية الأميركية لم يأتِ من فراغ، فأمن إسرائيل لا يُعلى عليه، ولا يمكن التفريط به، وما صرحت به يتوافق وسياسات بلادها التي وضعت خطوطا حمراء حول أمن إسرائيل، وهذا ما جعلها تعلن تأييدها لنظام laquo;البعثraquo; الذي لم يجرؤ قط على إطلاق رصاصة تجاه نظام الصهاينة المجاور لبلاده!
واشنطن تعلم يقينا أن ملفات النظام السوري سوداء كالحة كظلام الليل، متناسية ما فعله بلبنان وزرعه فيها حزب (اللات) المسلح، وجعله ألعوبة يهدد به أمن وسلامة لبنان والمنطقة، فهل تعتقد عزيزي القارئ نظاماً كهذا سيكون عامل استقرار في منطقة تحاصرها إسرائيل من الغرب، ونظام طهران من الشرق!
*
طالت الأزمة الليبية ويبدو أن الأموال التي يتلاعب بها معمر القذافي قد فعلت فعل السحر في نفوس بعض الساسة في أوروبا، وإلا بماذا يُفسر التلكؤ والمماطلة في دعم الثوار الذين يسعون للحصول على الأسلحة لكي يواجهوا بها كتائب المرتزقة القذافية التي دمرت المدن الواحدة تلو الأخرى، كمصراته التي نالها ما نالها من القصف والدمار تحت أنظار أوروبا التي ترفض وحتى هذه اللحظة إنقاذ أرواح البشر، أو حتى دعمهم بسلاح يدافعون به عن أنفسهم!