صالح الشيحي
جذبت شخصية laquo;أردوغانraquo; الكثير من العرب.. سيما وأنه نشأ عصاميا، ينتمي لأسرة فقيرة.
تقول سيرته الذاتية إنه كان يبيع laquo;كيك السمسمraquo; بعد عودته من المدرسة: laquo;لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في المرحلة الابتدائية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيرًاraquo;.
كان أردوغان -أو الشيخ رجب كما أطلق عليه معلمه- رجلا جادا وحازما منذ شبابه.. ساهم بشكل مباشر مع رفيق دربه laquo;غولraquo; قبل عشر سنوات في تأسيس حزب العدالة والتنمية، بعد حل حزب الرفاه.
ما زلت أحتفظ بصورة رجب طيب أردوغان في منتدى دافوس، وهو يشير نحو الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قائلا: laquo;أنتم تقتلون الناسraquo;!
في تلك المنصة الشهيرة تحدث أردوغان عن الأطفال الفلسطينيين الذين قتلهم الإسرائيليون على الشاطئ، وذكّر العالم بقول شارون وإيهود أولمرت إنهما يشعران بالرضا عن نفسيهما عندما يهاجمان الفلسطينيين بالدبابات.
كانت لحظات جميلة للغاية -لنا على الأقل كعرب مغلوبين على أمرهم- حينما غادر أردوغان المنصة في موقف شجاع وهو يقول: laquo;إنني لن أعود إلى دافوس مرة ثانيةraquo;!
لكن اليوم شتان ما بين أردوغان في laquo;موقعة دافوسraquo;.. وأردوغان في دمشق!
لا فرق بين الدماء التي انتثرت في غزة.. وتلك التي أريقت في سوريا.. لكن ثمة بونا شاسعا بين موقف أردوغان هنا وهناك..
أدرك أن الرجل اليوم أمام خيارات صعبة للغاية.. الأحداث في سوريا والاحتجاجات الشعبية الواسعة هناك، أربكت سياساته الخارجية، ووضعته في موقف حرج للغاية.. هو في نهاية المطاف لا يريد أن يظهر بصورة رجل يدعم نظاما دمويا أسرف في قتل المئات، واحتجز الآلاف.
أردوغان أمام مفترق طرق..
هل يرضخ للضغوطات المختلفة التي تطالبه علناً بالتخلي عن laquo;بشار الأسدraquo;؟ أم يحافظ على العلاقات الاستراتيجية سيما وأن البلدين تربطهما علاقات استراتيجية قديمة.. والتحديات مشتركة وكثيرة، ويربطهما، وهذا المهم، شريط حدودي طويل يبلغ 900 كيلو متر؟!
شخصياً أشعر بكمية الحرج التي تحاصر أردوغان.. قام بتأييد الثورة التونسية.. وكلنا نتذكر كلماته للرئيس المصري.. وبالأمس القريب عاد وطالب القذافي بالتنحي.. لكنه اليوم لا يفعل ذات الشيء مع الجار الاستراتيجي!
خيارات صعبة زادت من صعوبتها الانتخابات التركية القادمة.. حتماً خصوم laquo;أردوغانraquo; سيستغلون دوامة المتناقضات التي يقف وسطها.
إنه يحاول المستحيل من أجل إطفاء ألسنة اللهب القادمة من جهة الجنوب.. قام بإرسال الوفود نحو الأسد.. هاتفه مرات عديدة.. لكن لم يتغير شيء.. الذي فاقم المشكلة أن النظام السوري لا يرغب جديا في الانتقال نحو عملية ديمقراطية حقيقية.
حتماً في نهاية المطاف ستضطر laquo;أنقرةraquo; للدفاع عن أمنها ومصالحها!
التعليقات