حاتم البطيوي

توسيع عضوية دول مجلس التعاون الخليجي المفاجئة من خلال قبول الاردن،وتوجيه الدعوة للمغرب للانضمام اليه،نقطة تحول اساسية في المنطقة العربية الحبلى بالتوتر والاهتزازات.فالمبادرة الخليجية تحمل في طياتها ولادة تكتل عربي جديد عماده الانظمة الملكية،التي استطاعت ان تخرج من مخاض الثورات السائد في المنطقة باقل الاضرار،وبكثيرمن الحكمة في التعامل مع جزء لا بأس به من الشارع الغاضب،عكس غالب quot;الجملوكياتquot;،جمهوريات كانت ام جماهيرية،التي اصبح التغيير فيها قضاء وقدر مصحوبا بالعنف ومخلوطا بالدم.
ثمة رسالة ضمنية وواضحة في نفس الان ، اعلنها الخليجيون خلال اجتماعهم في قمة الرياض الثلاثاء،هي ان quot;الجامعة العربية انتهتquot;،وان الخلاف حول من يخلف عمرو موسى جاء ليدق اخر مسمار في نعشها الذي انتظرمراسيم الدفن طويلا .
قبل سنوات جرى حديث بين مجموعة من الدول المعتدلة في المنطقة العربية حول تكوين تكتل يضم دولا لها قواسم مشتركة ورؤية متقاربة للخروج من متاهات quot; العمل العربي المشترك quot;،الذي ظل حبرا على ورق،لكنه حديث ظل اسير صالونات ضيقة ولم يطرح للنقاش على اعمدة الصحف ومنابر الحوار في القنوات التلفزيونية الفضائية المتعددة .بل ان هناك من بين وزراء الخارجية العرب من ذهب بعيدا وطالب بانشاء جامعة عربية جديدة،يتم الانضمام اليها على اساس استيفاء شروط الانضمام التي تحدد وفق اليات جديدة ، تقوم على اساس معايير تساير التطورات والمتغيرات في العالم العربي ، وذلك مثلما هو عليه الحال في الاتحاد الاوروبي ،على سبيل المثال.
ويبدو ان المبادرة الخليجية الجديدة بدأت رحلة الالف ميل نحو بناء تكتل عربي عقلاني وبراغماتي.لكن في سياق ذلك قد يتساءل البعض قائلاquot; ان المغرب بعيد جغرافيا عن الخليج ؟ quot;، هذا صحيح، لكن بعد الجغرافيا لا يحول دون تقارب وجهات النظرالاستراتيجية وتطابقها ازاء التعامل مع كثير من مستجدات الوضع العربي المتأزم.فالمملكة المغربية ظلت دائما ظهر الخليج العربي وامتداده الاستراتيجي،مثلما شكل الخليج دائما سند الرباط وموطىء قدمها في منطقة تغلي مثل المرجل.لكن ماذا عن مصر؟ومامحلها من الاعراب في المبادرة الخليجية؟
يمكن القول ان ازاحة الرئيس حسني مبارك،الذي ظل حليفا اساسيا لدول الخليج على امتداد اكثر من ثلاثة عقود،من حكم مصر،ربما جعل من الصعب ادخال القاهرة في معادلة التحالفات الجديدة في المنطقة.فالمشهد فوق ارض الكنانة لم يتضح بشكل كامل،واسس الحكم الجديد لم تستوبعد في انتظار ما سيقوله الشعب المصري عبر صناديق الاقتراع .
بيد ان الحقيقة الأكيدة الملموسة هي ان المبادرة الخليجية رمت حجرا في بركة العمل العربي الراكدة والاسنة،وها هي تخلق كوة ضوء وامل في منطقة فقدت بوصلتها منذ زمن طويل.اذ لا يختلف اثنان ان مجلس التعاون الخليجي رغم الانتكاسات الكثيرة التي عرفتها منطقة الشرق الاوسط،ظل التكتل الاقليمي الوحيد الذي استطاع ان يصمد في وجه الاعصار. لقد انهارت جبهة الصمود والتصدي جراء تشبثها بالمزايدات والعنتريات التي لاتقتل ذبابة ،على حد تعبير الشاعر الراحل نزار قباني ،ودفن الرئيس الراحل صدام حسين مجلس التعاون العربي دون ان يلبسه كفنا،حينماغزا الكويت، وجعلها المحافظة رقم 19 ، بينما دخل اتحاد المغرب العربي منذ سنوات في حالة موت سريري لا يبدو انه سيفيق منها جراء نزاع الصحراء .
ان حالة الموات التي عرفتها معظم التكتلات الاقليمية التي تنضوي دولها تحت لواء الجامعة العربية تستدعي دفن الجامعة في اقرب وقت لان اكرام الميت هو التعجيل بدفنه.والجامعة العربية فاحت رائحتها،ويجب وضع حد لهذه الاسطورة التي راكمت من الخطب اكثر مما قدمت من حلول.



اخبار اليوم المغربية