بيروت ـ محمد عبدالهاديrlm;
في غياب بيانات رسمية شافية من الحكومة أو من جماعة الاخوان المسلمين في مصر حول طبيعة ومغزي زيارة المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع علي رأس وفد منها للبنان أمس الأول بشكل مفاجئ باتت الأبواب مشرعة أمام الأوساط السياسية لطرح تساؤلات !
لاسيما حول ما إذا كانت زيارة المرشد ولقاءاته السياسية تأتي في اطار تنسيق وتحرك رسمي مصري أو في إطار مبادرة من الجماعة ولأي هدف؟! وفي الحالتين اعتبرت هذه الأوساط أن الزيارة وتلك اللقاءات هي نتائج وافرازات ثورة25 يناير, والتي كان من تجلياتها أيضا الدور الذي لعبته الجماعة في دعم الجهود الرسمية لاتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في ضوء العلاقة الوطيدة بين الجماعة وحماس, ولا ينفصلان عن التطورات في المنطقة وإعادة ترتيب أوراقها في ضوء الثورات العربية وصعود دور الاسلام السياسي في مصر ومساهماته في صناعة القرار بعد الثورة, وجهود فتح حوار معمق بين الولايات المتحدة والحركات الاسلامية الرئيسية في المنطقة حول احتمالات وصولها للسلطة وتصوراتها للأوضاع الدولية والإقليمية, وموقفها من الديمقراطية والتعددية لاسيما بعد اغتيال اسامة بن لادن كرمز للاسلام الجهادي والدفع بتيارات الاسلام السياسي السلمي, واطلاق الجماعة في هذا الصدد سلسلة من المواقف حول ايمانها بالديمقراطية والتعددية وقبول الآخر وتداول السلطة ورفض نهج الاقصاء.
ومن ثم فالزيارة الخارجية الأولي للمرشد بعد الثورة إلي لبنان ـ بعد إنجاز المصالحة بين فتح وحماس ـ لم تكن أمرا مفاجئا للبعض بل أكدت صحة توقعاته بأن تكون لبنان ساحة التحرك التالية بعد الساحة الفلسطينية, في وقت تشهد فيه لبنان سجالا حادا بين الأكثرية الجديدة( قوي8 آذار) والمعارضة( قوي14 آذار) حول تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي مما يعطل تشكيلها منذ تكليفه في يناير الماضي, ومخاوف من دخول لبنان مرحلة عدم استقرار وفي الخلفية أحداث سوريا.
وبرغم الحرص من الجانب اللبناني علي إعطاء اللقاءات طابعا إستكشافيا واعتقاده أن السلطة الرسمية في مصر تشاركها الرأي, فإن مصادر مطلعة في كل من قوي8 و14 آذار ذكرت لـ الأهرام أن اللقاءات شهدت نقاشات صريحة حول التطورات في مصر ولبنان والمنطقة وتبادل وجهات النظر وتقييم كل جانب لمساراتها خلال الفترة المقبلة علي الصعيدين المحلي والعربي وكذلك الإقليمي.. وشددت علي أهمية الوحدة والتضامن وحل الخلافات بالحوار والطرق السلمية ودعم تطلعات الشعوب للحرية والديمقراطية وتداول السلطة وحق جميع التيارات في المشاركة بالعمل السياسي. وقد جاء لقاء المرشد والوفد المرافق( جمعة أمين ومحمود حسين وسعد الكتاتني) مع كل من رئيس مجلس النواب زعيم حركة أمل( أحد قوي8 آذار) السيد نبيه بري, ورئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي ليدعم ـ حسب المصادر ـ امكانية قيام الجماعة بمساع حميدة بين الفرقاء اللبنانيين في هذه المرحلة حيث تحتفظ الجماعة بعلاقات طيبة مع كل من تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري كأكبر تيار سني وحزب الله بزعامة السيد حسن نصر, وتجلي ذلك في انضمام النائب عماد الحوت من الجماعة الاسلامية حليف تيار المستقبل إلي الوفد المرافق للمرشد في لقاءاته مع قيادات قوي8 آذار.هذه اللقاءات مع القوي الحليفة لسوريا وعلي ضوء ما يجري فيها من أحداث حملت ـ من جانب آخر دلالات, وتقول المصادر إن وفد الجماعة نفي بشدة الاتهامات التي وجهتها الحكومة السورية للجماعة بالتورط في أعمال إرهاب تستهدف النيل من سوريا لحساب مخططات خارجية, لكنه شدد علي حق الشعوب في نيل حريتها, ولم تؤكد ولم تنف المصادر ما إذا كان الوفد حمل حلفاء سوريا رسالة للنظام السوري تطلب منه فيها الاعتراف بفرع جماعة الإخوان المسلمين في سوريا والسماح له بمزاولة العمل السياسي السلمي العلني في إطار تعهداته باجراء إصلاحات سياسية, لاسيما أن الجماعة لم تعلن تأييدها للاحتجاجات في سوريا وشعاراتها المطالبة بإسقاط النظام.أماعلي صعيد العلاقات المصرية اللبنانية فقد عبرت المصادر عن التطلع لعودة الدور المصري الحيادي بعيدا عن انحيازات النظام السابق والتي ساهمت في تعميق الخلافات الداخلية حتي لو جاءت هذه العودة ـ مؤقتا ـ عبر بوابة جماعة الاخوان والتي لديها علاقات طيبة مع كل من الطائفة السنية وحزب الله الشيعي, وتقول المصادر ان اللبنانيين يتطلعون إلي استعادة السياسة الخارجية المصرية عافيتها بسرعة وعدم ترك جماعة الاخوان وحدها لكي تملأ الفراغ!
التعليقات