خلف الحبتور
لقد طفح الكيل فعلاً. وكأنه لا يكفي أن الدول الغربية macr; هي نفسها التي شنت حروباً عدوانية على العراق وأفغانستان macr; تطلق مواعظ ملؤها الاستعلاء والرياء عن البحرين, فها هو رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر ينضم إلى الجوقة. تفاجئني حقاً جرأته.
أولاً, إنه ينظم تجمعات في مختلف أنحاء العراق من الموصل إلى البصرة دعماً للشعب البحريني الذي يعاني من quot;القمعquot; كما يزعم macr; أو بعبارة أخرى يعمل على تأجيج التوتر بين البحرينيين وحكومتهم. ثم بعد محاولة إثارة النعرات, يدعي القلق حيال ما يجري معلناً بلهجة الموافِق أن أمير دولة قطر, الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني quot;وعد بالتوسط لإيجاد حل لأزمة البحرين وبأنه سيلتقي شخصياً مع الرؤساء والملوك العرب لتسوية هذه الأزمةquot;.
إذا كان الصدر مهتماً إلى هذه الدرجة بحل الأزمة سلمياً, فلماذا يبذل كل ما بوسعه لصب النار على الزيت? قد يكون الصدر عراقياً, لكنه رجل إيران, وليس له أن يتدخل في شؤون دول quot;مجلس التعاونquot; الخليجي. ويجب ألا ننسى بأن ميليشيا الصدر الشيعية المعروفة باسم quot;جيش المهديquot; مسؤولة عن مقتل الآلاف في عامي 2006 و2007 عندما كان النزاع المذهبي في أوجه في العراق. كان quot;جيش المهديquot; يُعتبَر همجياً جداً إلى درجة أنه ورد في تقرير صادر عن quot;البنتاغونquot; أنه يشكل تهديداً لأمن العراق أكبر من ذاك الذي يمثله تنظيم القاعدة في البلاد.
وفي مرحلة معينة, أصدر قاضٍ عراقي مذكرة توقيف بحق مقتدى الصدر بتهمة قتل زعيم شيعي معتدل, لكن الولايات المتحدة عملت على صرف النظر عنها بموجب هدنة جرى التوصل إليها عن طريق التفاوض. عام 2008, أقنعت طهران الصدر بالتخلي عن السيطرة على البصرة لصالح الحكومة العراقية الخاضعة لسيطرة الشيعة عندما توجه فجأةً إلى إيران في رحلة ادعى أن الهدف منها هو الدراسة في مدينة قم الإيرانية معلناً عن رغبته في الحصول على لقب آية الله. وقد عاد إلى دياره بعدما توسطت إيران لانتزاع ثمانية مقاعد لكتلته في مجلس النواب العراقي.
نظراً إلى أن إيران هي المحرِّضة الأولى على الاضطرابات الراهنة في البحرين, تثير جهود quot;إحلال السلامquot; التي يدعيها مقتدى الصدر الكثير من الشبهات. ليس صعباً على الإطلاق أن نستشف موقع طهران في المعادلة. يكفي أن نشاهد القناة الإخبارية الإيرانية الناطقة باللغة الإنكليزية (برس تي في) لنفهم الرسالة بوضوح شديد; إنها المحطة الفضائية الوحيدة التي تبث أخباراً سلبية توجه فيها انتقادات لاذعة لحكام البحرين وكذلك للسعودية التي تساعد على بسط الأمن في البحرين.
الأسبوع الفائت, طالب الايراني آية الله أحمد خاتمي السعودية بأن تسحب قواتها من البحرين فيما حض البحرينيين على quot;المقاومةquot; قائلاً لهم quot;اعرفوا أن النصر حليفكمquot;. وفي الوقت نفسه, كان الأئمة الإيرانيون في قم يهتفون quot;الموت لآل سعودquot;, quot;الموت لآل خليفةquot;.
أنى لهؤلاء الأشخاص أن يعتقدوا أن بإمكانهم الإفلات بريائهم الفاضح. إنه لأمر يتجاوز قدرة العقل على الاستيعاب فيما يُعتقَل المعارضون الإيرانيون باستمرار ويُضرَبون وحتى يُقتَلون. في فبراير الماضي, هتف الآلاف من مؤيدي الحكومة الإيرانية مطالبين بإعدام قادة المعارضة. لا بد لأحدهم من أن يقول للملالي إن من يُقيم في منزل من زجاج لا يرشق الآخرين بالحجارة.
في الواقع, لا مقتدى الصدر ولا أمثاله في قم يأبهون لخير الشعب البحريني ورفاهه. هدفهم الحقيقي هو توسيع النفوذ الإيراني في الخليج, ومن شأن إطاحة الملَكية في البحرين واستبدالها بحكومة يسيطر عليها الشيعة أن يساهم في تعزيز هذا النفوذ. وفي الفترة الأخيرة أعلنت إيران صراحة عن أطماعها الإقليمية في البحرين , وقد قالها رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية, الجنرال حسن فيروز أبادي, صراحةً أن quot;الخليج الفارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيرانquot;.
ندد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي, الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني, بهذا التصريح المشين الصادر عن مثل هذه الشخصية العسكرية الإيرانية الرفيعة, معتبراً أنه مؤشر عدواني عن أطماع إيران التوسعية. ومما قاله quot;الخليج ملك لجميع الدول المطلة عليه, وليس من حق إيران أن تدعي غير ذلك, فهي لا تملك من الخليج إلا مياهها الإقليميةquot;, ووصف كلام الجنرال الإيراني بأنه quot;غير مسؤولquot; محذراً من تأثيره السلبي على العلاقات بين إيران وquot;مجلس التعاونquot; الخليجي.
لا يرحب أحد بانتشار الدبابات في شوارع المنامة. لكن ما دامت للبحرين جارة عدوانية وتتدخل في شؤونها مثل إيران, يجب أن تبقى الحكومة البحرينية متيقظة وحذرة ممن يسعون في الداخل إلى تسليم البلاد إلى طهران ووضعها تحت سيطرتها. فضلاً عن ذلك, البحرين دولة لا يمكنها أن تسمح بأعمال شغب تقوِّض سمعتها كمكان آمن ومستقر للأعمال.
إذا تُرِك مثيرو الشغب ينشرون الفوضى في البحرين, فسوف يعود ذلك بنتائج كارثية على البحرينيين المحبين للسلام والذين ينعمون بمستواهم المعيشي المرتفع, وسوف يقوِّض أيضاً أمن الخليج ككل. لا تريد السلطات البحرينية اللجوء إلى القمع, لكن لا خيار آخر أمامها كي لا تقدم البلاد هدية للملالي. من شأن أي وجود عسكري أو مدني إيراني في البحرين عند الحدود مع السعودية أن يشكل استفزازاً يؤدي في نهاية المطاف إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها.
إذا كان السيد الصدر في حيرة من أمره ويبحث عن شيء مفيد ليفعله, من الأجدى به أن يركز على المشكلات التي يعاني منها العراق أو يتدخل في المشكلات التي تتخبط فيها إيران. فلديهما ما يكفي من المتاعب ليبقى منهمكاً بها طوال 50 عاماً. وليعلم أن حكام الخليج وشعوبه قادرون تماماً على تدبر أمورهم بأنفسهم.
التعليقات