أماني خليفة العبسي

ليس التطرف الشيعي‮ ‬هو الخطر الذي‮ ‬يتهدد السلم والأمن في‮ ‬البحرين ودول الخليج العربي‮ ‬فقط،‮ ‬فالتطرف الشيعي‮ ‬الذي‮ ‬ترك في‮ ‬كل شارع وبيت بحريني‮ ‬جراحاً‮ ‬وندوباً‮ ‬وذكريات أليمة،‮ ‬بعيداً‮ ‬عن عمالته لإيران وازدرائه لمواطنته؛ فإن التطرف السني‮ ‬كذلك موجود ومن الواجب أن نحذر منه أيضاً‮ ‬كونه قادراً‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬مرحلة على أن‮ ‬يختطف المشهد أيضاً‮ ‬كما فعل أصحاب العمائم،‮ ‬ذاك بدعوى مظلوميته من الحكومة ومحاباتها لطائفتها والتي‮ ‬هي‮ ‬دعوى مردود عليها وباطلة جملة وتفصيلاً،‮ ‬والآخر بدعوى محاباة الحكومة للكيان السياسي‮ ‬الشيعي‮ ‬وعفوها المتكرر عن جرائمه،‮ ‬وبينهما تأتي‮ ‬الشريحة‮ -‬الأغلبية‮- ‬من أبناء هذه الأرض وهم سنة وشيعة كذلك‮.‬ هنا مربط الفرس وهنا‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تتوقف حكومتنا وقيادتنا ملياً‮ ‬وتتأمل وهي‮ ‬تملك من الحكمة ما‮ ‬يجعلها تدرك أن تحقيق الاعتدال والانضباط والتوازن موجود في‮ ‬نطاق هذه الفئة وبتشجيع سلوكها وقناعاتها،‮ ‬هذا الشارع هو الممثل للاعتدال والتعايش والالتزام والسمات الحقيقية للمجتمع البحريني‮. ‬لا أريد أن أتكلم هنا عن الجانبين المتشددَين دينياً‮ ‬وسياسياً‮ ‬وهما مسئولان عما‮ ‬يعتنقان من أفكار وعن ممارساتهما وسلوكياتهما السياسية أمام الله والقانون والتاريخ،‮ ‬أتكلم عن الفئة التي‮ ‬كانت مهمشة فعلاً‮ ‬لا صوت لها لا من خلال المأتم ولا منبر المسجد ولا مقار الجمعيات ولا مؤتمرات صحافية ولا إعلام ولا‮ ‬يحزنون،‮ ‬هؤلاء الذين‮ ‬يجب أن تعوّل عليهم القيادة وترسم مخططاتها من خلالهم،‮ ‬تسخير التنمية البشرية والسياسية والرفاهية والتعليم والمناصب وتوظيف الإعلام لدعم فكرهم المعتدل،‮ ‬هؤلاء من‮ ‬يجب أن نشد على أيديهم بعد هذه الفترة المريرة التي‮ ‬خاضوها دون أن‮ ‬يكون لهم ذنب،‮ ‬هؤلاء‮ ‬يجب أن‮ ‬يكونوا محور اهتمام الإصلاحات القادمة،‮ ‬ليس لأنهم لا‮ ‬يفتعلون المشاكل بل لأن لديهم قابلية كبيرة في‮ ‬حال وجود البيئة والمحفزات المناسبة على التحول من عنصر خامل إلى طاقة متفجرة هائلة وهذا واضح اليوم مثل الشمس،‮ ‬هناك طاقات وقدرات لا محدودة على التعلم وتبني‮ ‬الأفكار الجديدة وجرأة لخوض المجهول،‮ ‬لم‮ ‬يعد بإمكان أحد أن‮ ‬يصف البحريني‮ ‬الأصيل المعتدل بأنه لا وعي‮ ‬له أو أنه أداة في‮ ‬يد الحكومة أو ناخب‮ ‬يتقاضى المال مقابل صوته أو حتى موالٍ‮ ‬موالاة عمياء‮. ‬ما اتضح اليوم أن الغالبية لم تكن مخيرة بالكامل في‮ ‬مسألة صمتها وتقوقعها،‮ ‬إنما كانت مقموعة وواقعة تحت ضغوطات عنف الحوار الذي‮ ‬أرسيت قواعده في‮ ‬التسعينات وهو آخذ في‮ ‬التصاعد إلى ما شاء الله،‮ ‬وهي‮ ‬تعلم أنها لن تتمكن من مجاراته إلا لو تخلت عن طبيعتها وقناعاتها وصارت عنيفة متطرفة مثله،‮ ‬هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى الوصاية الدينية من جمعيات محدودة التأثير انتهى بها الأمر للتخلي‮ ‬عن مطالب عامة لمصالح ذاتية ثم للتشاحن والفشل وتقويض ثقة الشارع بها‮. ‬أناشد قيادتنا الحكيمة أن تستثمر في‮ ‬هذه الفئة فهي‮ ‬التي‮ ‬تمثل المستقبل المشرق للبلد،‮ ‬ليس من‮ ‬يفضل جماعته ولا طائفته وليس من‮ ‬يفرض صوته،‮ ‬لن تكون هناك حرية ولا عدالة ولا مساواة وكل واحد‮ ‬يحمل أجندته في‮ ‬قلبه،‮ ‬نحن حملنا البحرين في‮ ‬قلوبنا،‮ ‬وبكينا من أجلها خوفاً‮ ‬من خسارتها ونريد البحرين أيضاً‮ ‬أن تكون أحرص علينا وألا تخسرنا مرة أخرى‮.‬ نقطة حبر‮..‬ لمن‮ ‬يقول إن‮ ''‬وعد‮'' ‬سنية،‮ ‬بل وينشرون هذا المفهوم إعلامياً‮ ‬لإعطاء‮ ''‬وعد‮'' ‬حجماً‮ ‬أكبر بكثير من حجمها وإيهام المجتمع الدولي‮ ‬أن السنة والشيعة في‮ ‬البحرين منقلبون على النظام والشرعية،‮ ‬وبالتالي‮ ‬تصوير البقية‮ -‬وهم في‮ ‬الواقع‮ ''‬السنة‮'' ‬أنفسهم‮- ‬على أنهم بلطجية‮ ‬يدافعون عن الحكومة بالأجرة،‮ ‬متى كانت‮ ''‬وعد‮'' ‬سنية بالمعنى السياسي‮ ‬كما هي‮ ‬الوفاق شيعية بالمعنى ذاته؟ لا‮ ‬يمكن أن نلصق‮ ''‬وعد‮'' ‬في‮ ‬دائرة السنة لأنها لا تنتمي‮ ‬لهم ولا‮ ‬ينتمون لا بمعتقداتهم السياسية ولا بخلافها،‮ ‬لا‮ ‬يجوز ترويج هذه الكذبة الإعلامية الصارخة،‮ ‬فموقف السنة من هذا الصراع معروف وهم ملتزمون بالقانون وموالون لأرضهم وقيادتهم،‮ ‬ولن‮ ‬يكونوا‮ ‬يوماً‮ ‬طرفاً‮ ‬في‮ ‬ممارسات تتسم بالعنف،‮ ‬عندما تتكلمون عن‮ ''‬وعد‮'' ‬قولوا للأمانة إنها تمثل عشرات أو مئات على أكبر تقدير من الشارع البحريني‮ ‬وليست ولن تكون ذات وزن إلا بأصوات الوفاق طبعاً