سيد أحمد الخضر
أولا، نسجل أن اختلاف الكثيرين مع حزب الله في توقيت وأسلوب المقاومة وبناء تحالفات قوية تتجاوز الحدود العربية لا يعني أن هذا الحزب إيراني خالص، ولا يقلل من تاريخه في مقاومة ودحر المحتل، فحماس والجهاد وحزب الله وفتح -قديما- كلها حركات ترمز لكفاح الأمة وقد امتزجت دماء شهدائها بالهوية والوجدان. لكن هذا لا يمنع أن هناك ملاحظات في موقف هذه الحركات من الثورات التي تشهدها معظم دول الإقليم.
في السبت الماضي رفع المواطنون في حماه (وهي محافظة سورية يحتفظ سكانها بذكريات ليست طيبة عن الرئيس الراحل حافظ الأسد) شعارات تندد بحزب الله اللبناني، بعدما أعلن السيد حسن تأييده لفخامة الرئيس الدكتور بشار الأسد، كما يحلو لبثينة شعبان أن تصفه.
تقول الشعارات: laquo;جاي دورك يا نصر الله... يسقط النظام السوري.. يسقط النظام الإيرانيraquo;. يعني موقفُ سماحة السيد أن المقاومة اللبنانية لا تكترث بما يجري في ساحات سوريا من جرائم فظيعة تطال حتى القصر. وتعني الشعارات أن حزب الله لم يعد في نظر السوريين حركة عربية تحررية، بقدر ما هو كيان مرتبط بالبعث في دمشق والآيات العظمى في طهران.
لقد رأينا في السنوات الماضية أن الشباب العربي كان يحترم مواقف حسن نصر الله حتى في الدول المعتدلة، والتي لا تكنّ كثيرا من الاحترام لخامنئي ونجاد. وبعبارة أكثر وضوحا استطاع حزب الله أن يكون مؤثرا في القوى الحية العربية والإسلامية بغض النظر عن مرجعيته السياسية والمذهبية. كل هذا الرصيد بات في خطر كبير، فخسارة التيارات المقاومة والحركات التحررية لتأييد الشارع يؤذن بزوال شرعيتها، أو على الأقل يجعل نضالها محل جدل في المستقبل لأن الشعوب لا تخطئ.
إن استعداء حزب الله لثورة الشعب السوري لن يتوقف أثره عند عزوف الناس عن متابعة تلفزيون المنار واختفاء الشعارات التي تحتفي بالحزب من ساحات وميادين دمشق، بل يعني أن المقاومة اللبنانية فقدت صلاحيتها بالكامل لأن دمشق هي التي تمدها بالمال بالسلاح وتؤمّن لها التواصل مع طهران. يا سيدي حسن نصر الله سوريا ليست بشار ولا حافظ الأسد، وما كان ينبغي لرجل بمثل دهائك أن يتخندق مع نظام تشير كل الدلائل إلى أنه قاب قوسين أو أدنى من الرحيل. ليس من المفيد لحزب الله أن يختزل سوريا في شخص هذا الرئيس أو ذاك فهناك تقاطعات في العلاقة بين الجانبين ينبغي الإبقاء على زخمها دون ربطه بهذا القائد أو ذلك الزعيم.
عندما يربط السوريون بين حزب الله والنظامين السوري والإيراني ويقولون بوضوح laquo;جاي دورك يا نصر اللهraquo; نعلم أن رحيل الأخير وما يرمز له بات مطلبا شعبيا، وإذا هتف الشباب في حماه وحمص ضد المقاومة اللبنانية فمن باب أولى أن يتخلى عنها أنصارها في الرياض والرباط وعمّان.
وإذا ما أضفنا لغضب السوريين من نصر الله الأجواء التي تطبع المشهد السياسي في المنطقة والتي تتجه في معظمها لعزل وإدانة طهران يكون حزب الله في وضع لا يحسد عليه، وأعتقد أن الآلة الإعلامية العربية لن تجد كبير عناء في نقله من خانة المقاومة إلى التبعية للخارج بما تعني من تنفيذ أجندات مشبوهة والعمل ضد استقرار المنطقة.
إن على حزب الله أن يعتذر للشعب السوري إذا كان يهمه الإبقاء على مصداقيته في الوطن العربي، وقبل أن يرفع المتظاهرون شعار: الدور على حماس أو الجهاد، على حركات المقاومة الانحياز لخيارات الشعوب حتى لا ترحل مع الحكام.
التعليقات