عبد الوهاب بدرخان

مع اطلاق quot;حوار وطنيquot; او ما يشبهه في سوريا، اذا انطلق، يمكن ان تعطي دمشق اشارة البدء بتشكيل الحكومة في لبنان، من قبيل الايحاء بان الازمة تتحلحل هنا وهناك. بالنسبة الى ذاك quot;الحوارquot; بذلت جهود وتُبذل اجتهادات لاظهار انه يشمل معارضين وquot;مستقلينquot;، وسيعتمد على هؤلاء لاعطاء الحوار صدقية، وليس معروفا الى اي حد سيمكنهم اسماع اصواتهم وافكارهم تحت سقف الدولة الامنية والحزب الحاكم والاحزاب التابعة، خصوصا ان مؤتمر المعارضة في انطاليا (تركيا) رفع سقف المطالب بدعوة الرئيس الى الاستقالة. اما حكومة لبنان، اذا شكلت، فمن المؤكد انها لن تضم معارضين، وستكتفي بمشاركة رمزية لـquot;مستقلينquot; موالين صراحة او محسوبين فعليا على سوريا، ولن يكون لهم دور او صوت وسط ضجيج quot;اللون الواحدquot; الموالي رسميا لسوريا.
من المبكر، واقعيا، حتى لو بوشر quot;الحوارquot;، اعتبار ان النظام السوري بدأ عمليا تجاوز الازمة. نعم، تستطيع فاعلية الاصدقاء الروس تخفيف الضغوط او تعطيلها على الجبهة الخارجية، لكنها لا تفيد شيئا على الجبهة الداخلية حيث تكمن الازمة فعلا. في المقابل، قد تكون دمشق استشعرت ان تأخيرها الحكومة اللبنانية لم يعد يحقق لها المصلحة التي توختها، بل لعلها بدأت تخسر، لذا اوعزت بتحريك مداولات التشكيل، ولاح quot;حزب اللهquot; وquot;التيار العونيquot; يتسابقان على التبرؤ من اسباب العرقلة والتأخير لالقاء اللوم على تدخلات وشروط خارجية، اي غير سورية، اي بالاحرى اميركية واوروبية.
لكن هواجس quot;حزب اللهquot; ndash; وايران ndash; بالنسبة الى المرحلة المقبلة وتحدياتها لا تزال حارة ومتوترة، ولن يطمئن الى حكومة لا يستطيع السيطرة عليها او لا تكون كاملة التواطؤ معه في مختلف تحركاته، باعتبارها حكومة الاكثرية الجديدة. غير ان الحزب يعرف ان هذه الاكثرية صنيعة سوريا، فالنواب الذين انقلبوا انما انقلبوا بأمر دمشقي. فأي تنازل سوري في التركيبة الحكومية استدراجا لتنازل غربي في الازمة السورية، لن يكون مريحا لـquot;حزب اللهquot;. في اي حال، لا شيء مؤكدا بأن مقايضة كهذه واردة، فالحسابات الدولية تغيرت، لكن النظام السوري قد يحاول، اذ ان خياراته الاخرى الدموية لا تنفك تعمق مأزقه.
في مسلسل التأخير الحكومي، المضجر والمقلق، في انتظار صفاء الذهن السوري، كان لا بد من ملء الفراغ بمسلسل إلهاء داخلي سخيف وممض هو الآخر. فمن دونكيشوتيات شربل نحاس، الى الحسابات غير الموفقة لزياد بارود، الى مسرحيات اغلاق المجلس النيابي وفتحه... كل ذلك وغيره مترافق بعبث مفزع بالقوانين وتطويعها لقذارات سياسية. فمن اوعز بالإلهاء فوجئ بمبالغات اللاعبين. هذا دليل عملي على ان حكومات الاضداد ليست مؤهلة لادارة اي بلد، ولو تحت مسمى quot;التوافقquot;. مثال الحكومة العراقية واضح.