محمد نعمان جلال

تعود إلينا ذكري الخامس من يونيهrlm;1967rlm; تحمل الألم والمرارة

ولكن هذا العام ربما تحمل لنا بعض الأمل خاصة مع ربيع الثورات العربية وسوريا هي شريك مصر في الألم والأمل.
لقد عرفت سوريا بأنها قلب العروبة النابض, ولهذا خلقت سوابق مهمة, فمنها انطلقت شرارة القومية العربية من خلال فكر حزب البعث في بداية الأربعينيات من القرن الماضي, ومنها انطلقت أول وحدة عربية طوعية جماهيرية, وحملت رائد القومية العربية الزعيم جمال عبد الناصر في سيارته علي الأعناق عندما زار دمشق, وللأسف منها انطلقت جريمة الانفصال الذي قادته الشركة الخماسية.
وسوريا رائدة النضال وشريكة مصر منذ الحرب ضد التتار إلي الحرب ضد الصليبيين إلي حرب1967 م, وحرب1973 م, ويردد بعض العرب وبخاصة السوريون مقولة هنري كيسنجر ثعلب السياسية الدولية المعاصرة, أنه لاحرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا.
ولقد أعجبت بسوريا عندما قام شباب من البعث السوري بإيعاز طبعا من القادة للتظاهر أمام السفارة المصرية في دمشق تأييدا لثورة52 يناير, ولكنني استغربت عندما لم أجد أيا من الشباب السوري يتظاهر أمام السفارة الإيرانية في دمشق عندما اغتيلت براءة المعارضة بقيادة موسوي وكروبي, وعندما تظاهر شباب الجامعات في إيران خلال يناير وفبراير وتم قمعهم بعنف, واستغربت بنفس القدر عندما لم يتظاهر شباب إيران تأييدا لثورة سوريا, ولم يدل الرئيس الإيراني ولا المرشد الأعلي بتصريح يؤيد ثورة شباب سوريا بل حدث العكس بإرسال قوات خاصة لمساعدة سوريا في قمع الانتفاضة التي انطلقت تطالب بالحرية, في حين أن الزعيم الإيراني بادر بتأييد ثورة شباب مصر وأطلق مقولة بأنها من تداعيات الثورة الإسلامية في إيران, ولو استرجع سماحته قراءة التاريخ لوجد أن الثورة الإيرانية مضي عليها أكثر من ثلاثين عاما, وربما استلهم شباب مصر من ثورة52 يناير من شباب إيران الذي ثار منذ يونيو2009 م, لأن البلدين شهدا تزويرا سافرا للانتخابات وشهدا استبدادا أيضا ليس له مثيل باسم الوطنية والاستقرار في مصر وباسم الدين وولاية الفقيه الإيراني.
وكم أتمني أن يظهر العلامة سماحة الشيخ حسن نصر الله زعيم المناضلين الثوريين, ويدافع عن ثورة شباب سوريا كما دافع عن ثورة شباب مصر, عجبا للثوريين العرب والمسلمين في تناقض مواقفهم ويزداد هذا التناقض أحيانا إذا كان الثوري ممن ينتمون لرجال الدين.
أعتقد أن الثوار في كل مكان ينبغي أن يدرسوا ثورة52 يناير المصرية, ليأخذوا منها الدروس والعبر, ونصيحتي للثوار العرب والمسلمين ألا يدعي أي منهم ما ليس له به علم, ويتصور أن ثورة مصر سارت علي منوالهم, وسوف تظهر الأيام كما ظهر في الماضي, أن ثورة مصر نبعت من ترابها ومن ظروفها ورفعت شعارات تعكس ذلك.
وأنا لا أنصح أحدا أن يأخذ بمنهج الثورة المصرية, وإنما علي كل ثوري حقيقي لا يعيش في مراهقة فكرية, أن يدرس ظروف مجتمعه, ويبلور فكره في ضوء تراثه وحضارته, وإن اختلاف النظم من ملكية أو جمهورية, من ديكتاتورية أو نصف ديكتاتورية, أو شبه ديمقراطية, يجعل من الضروري اختلاف أساليب التعامل مع كل منها, فضلا عن الارتباطات الوطنية والإقليمية والدولية.
تحية لثورة سوريا وشعبها البطل, وإنني أتطلع لكي تعود سوريا لدورها العربي الأصيل بعيدا عن ارتباطها بقوي غير عربية تقيد حركتها, ولا تسمح لمواطن سوري أن يتظاهر ضد تلك الدولة, مهما فعلت من قمع لشعبها, وربما سوريا بعد ثورتها الراهنة تعود حاضنة لشعار القومية العربية, وهذا يساعد علي فك أسر العراق, الذي ارتمي في أحضان الطائفية القاتلة عبر السنوات الماضية منذ الاحتلال الأمريكي الغادر الذي بعد أن دمر بنية العراق الحديث سلمه للطائفية, وجعله أسيرا لقوي إقليمية, يكرر ما يقوله قادة تلك الدول المجاورة, وينسي بعده العربي الأصيل.
ولو عادت سوريا والعراق مع مصر إلي الحضن العربي الحقيقي بعيدا عن الطائفية البغيضة وتعاونت هذه الدول مع دول الخليج, فإن هذا سوف يقوي التلاحم العربي ويساعد في الوقوف ضد القوي الإقليمية أو القوي الدولية الطامعة في خيرات الأمة العربية.