رشيد الخيّون

العِراق... حزب الدَّعوة في مواجهة الأَمة!
الاتحاد الأماراتية
رُفعت في يوم الجمعة (10 يونيو 2011) داخل ساحة التَّحرير ببغداد رايتان، راية الأمة في مواجهة السُّلطة، وراية السُّلطة في مواجهة بل جلد الأُمة. كانت الأولى بعنوان: quot;جمعة القرار والرَّحيلquot;، وذلك بعد انتهاء المائة يوم، التي تعهد بها رئيس الوزراء نوري المالكي بتحسين الأحوال بلا وفاء بالوعد. أما الرَّاية الثانية فكانت بعنوان: quot;جمعة القصاصquot; مِن فاعلي جريمة quot;عرس الدُّجيلquot;، حسب ما أخبرت به الجهات الأمنية.
لا شك أن القصاص ملح لآلاف الجرائم، لكن ما يوهم الفِكر هو التقابل بين الرايتين: quot;جمعة القصاصquot;، وquot;جمعة القرار والرحيلquot;، والمقصود إقرار شيء ما، فكلمة مسؤول بحجم رئيس الوزراء تُعد مسؤوليةً كبرى، وإلا ستعم الفوضى وتسوف التعهدات. قصة ذلك، أن جماعةً تأبطت السِّلاح الأبيض واندفعت إلى ساحة التَّحرير، والسَّماح لها بخرق تظاهرة الشَّباب، بما يُذكر بقمع انتفاضة (مارس 1991)، مع أن أولئك المنتفضين كانوا يحملون السِّلاح وهتفوا بإسقاط النِّظام، وهو نظام كان يفتخر بدكتاتوريته علانية، أما هؤلاء فليس بأيدهم سوى قطع قماش وعلم الوطن، ولوم المالكي أو الدَّعوة إلى رحيله لا يعني إسقاط النِّظام، فكم وزارة تبدلت خلال العهود بينما الأنظمة باقية. اخترقت الجماعات الدَّعوية ساحة التَّحرير تريد وضع حد لتَّظاهرات الجُمع. قالها المتظاهرون رداً على اتهام الدَّعوة لهم: quot;لا بعثية ولا تكفير إحنا نطالب بالتغييرquot;!
تعود حادثة عرس الدُّجَيل إلى 2006، أي قبل خمس سنوات، حينها تحولت أفراح العرس إلى مآتم، فالقتلى كانوا حوالى السبعين مِن غير المجروحين والمفجوعين، ومع جسامتها مرت، مثل غيرها، بلا وقفة جادة ولا إعلان مسؤولية، بل إن أهل السِّياسة ظلوا متشاغلين بتقاسم الغنائم التي نزلت عليهم بلا حسبان. فأكبر المقاتل (أكثر مِن 1300 قتيل) مقتلة جسر الكاظمية (30 أغسطس 2005)، وسُجلت حينها بماركة quot;شهداء الشعائرquot;، وقُدم العزاء للمهدي المنتظر وانتهى الأمر. أقول: هل مثل هذا الخطاب يُؤمل بوقفٍ لجريان الدَّم، والنَّاس ليس لديهم سوى اللوذ بظل الحكومة، لكن أن تستغل الحكومة، ممثلة برئاسة الوزراء، المقاتل الفظيعة في العِراك السياسي والكيد، تلك وأيم الله فاجعة الفواجع؟!
لا يخلو المشهد مِن لعبة السُّلطة، وهو على ما يبدو منسوخاً مِن التجربة المصرية، عندما اجتاحت الأباعر ميدان التحرير، وعلى ظهورها حملة الهروات والبنادق، ومع فشلها وردها إلى نحر السُّلطة لم تعِ الجهات الرَّسمية ببغداد ما آل إليه الحال، بل صرح نواب الدَّعوة بحق العراقي بالتظاهر متى شاء وفي أي مكان. مع أن مِن طبيعة الدِّيمقراطية التَّظاهر ضد الحاكم، لا تظاهر الحاكم ضد المحكومين. فلا صعوبة على أية سلطة مِن حشد الألوف المؤلفة مِن المتظاهرين، وهاهي التَّجارب مازالت تفشل بصنعاء ودمشق وطرابلس.
فمَن يخرج إلى الميادين بتدبير السُّلطة لا يُقاس بهواجس الخارجين ضدها، فكان صَّدام حسين (أُعدم 2006) يُخرج مئات الألوف يهتفون له، بينما إذا تظاهر عشرة ضده، يُعادلون الألف أو المليون ممَن معه! حزب الدَّعوة، ولا نحمله كلَّ الإخفاقات، تبقى مسؤوليته الرضا برئاسة وزارة محاصصة، وعمل المستحيل للاحتفاظ بها، ولم يتقدم خطوة في لجم الفساد، وهو الذي ترأس مجالس أغلب المحافظات، وتعهد بدولة القانون ولم يفِ. وتدريجياً أخذ يتشبه بالخصم اللدود (البعث)، فأظهر ذلك علانية بساحة التحرير الجمعة الماضية، وحذاري من التَّشبه، بقصد أو بغير قصد، فمما قاله الحسن البصري (ت 110 هـ): quot;تشبه الحَجَّاج بزياد فأهلك النَّاسquot; (الجاحظ، البيان والتبيين). كان زياد ابن أبيه (ت 53 هـ) والياً قاسياً على البصرة، أما الحَجَّاج فمشهور خبره بين أهل العِراق.
كان الأجدر بالدَّعوة، ممثلاً بأمينه المالكي، أن يخرج إلى جمعة quot;القرار والرحيلquot; ويقول كلمته معتذراً عن إخفاقه، بدلاً مِن حشد الأتباع في تظاهرة مضادة مسلحة. وبهذا وقف quot;الدَّعوةquot; في مواجهة الأمة، وهو المصطلح الذي يستخدمه الإسلام السِّياسي عادة، أو القادة الدِّينيون، عوضاً عن مفردة الشَّعب أو الجماهير، فتلك أسماء ظلت حكراً لزمن طويل على الأحزاب غير الدِّينية. والأمة التي يتوجه إليها quot;الدَّعوةquot;، حسب طابعه المذهبي، هم فئة مِن الشَّعب العِراقي، بل فئة داخل فئة، فليس الشِّيعة كافة هم أتباعه، مثلما ليس السُّنَّة كافة هم أنصار لـquot;الإخوان المسلمينquot;.
ما بين ماضي الدَّعوة، أيام الجهاد مِن أجل إسقاط السُّلطة، ووضعه الحالي في الجهاد للاحتفاظ بها، بون شاسع. كان يبرر كلَّ ممارسة ينقض فيها على الخصم، ومنها ارتكاب التَّفجيرات، في زمن المعارضة، ومِن دون أن يعلن ذلك كان يمارس فتاوى quot;التترسquot;، تلك التي أطلقها ابن تيمية (ت 728 هـ)، وملخصها: quot;الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين، وخيف على المسلمين، إذا لم يقاتلوا: فإنه أن نرميهم ونقصد الكفارquot; (النَّجدي، مجموع فتوى شيخ الإسلام). وتمثلت بها التنظيمات الإسلامية، وراح ضحيتها الأبرياء، وهو منطق الغاية تبرر الوسيلة. بعد ذلك التَّاريخ تحول quot;الدَّعوةquot; إلى حزب السُّلطة، فأخذ يمارس طرق الاحتفاظ بها، وهو ضرب آخر مِن ضروب الجهاد، وما حصل بساحة التَّحرير كان مؤشراً خطيراً، وهو الجهاد ضد الأُمة.
إن تاريخ حزب الدَّعوة الجهادي، الإيجابي في عيون مناصريه، أفرغته ممارسة السُّلطة، وما صاحبها مِن فساد مالي وإداري مِن الصيت البارق، ففي اختياره لمحاكمة رأس النِّظام السَّابق على quot;قضية الدُّجيلquot; (محاولة اغتيال صدام 1982)، دون غيرها مما يجمع العراقيين، قد غلّب مصلحة الحزب على الوطن. وها هو يعود يستخدم اسم المنطقة نفسها quot;عُرس الدُّجيلquot; آلة للاستخفاف بمعاناة الأمة. فالقصاص مِن فعلة تلك الجريمة النَّكراء لا يحتاج إلى تظاهرة مسلحة بالهروات والسكاكين.
لقد ذهبت السُّلطة بترابية (نسبة إلى كُنية الإمام علي أبي تُراب) حزب الدَّعوة المزعومة، وصار احتفاله بترابي مخلص مثل محمد باقر الصَّدر (أُعدم 1980) يُثير الشَّفقة، فتاريخ الحزب شيء وممارسته السُّلطة شيء آخر. هذا، ولمعروف الرَّصافي (ت 1945) ما يُغني: quot;وهل إن كان حاضرنا شقياً.. نسودُ بكون ماضينا سعيداًquot; (الأعمال الكاملة، نحن والماضي). لا المائة عام ولا الألف عام كافية، ولا أفيون الدَّنيا يُسكن الألم العِراقي، إذا لم ينلها quot;جريئون في ما يدعون كفاةquot;! وقد ثبت أن قادة حزب الدَّعوة ليسوا كفاةً في إدارة البلاد فعلام المكابرة.
أمريكا تطالب بثمن احتلالها للعراق!!
ابراهيم زيدان
الدستور العراقية
بعد أن دمروا البلاد وسبوا العباد وأذلوهم (ماغزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ) ، بذريعة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي نفوها أنفسهم وفضحوا أكذوبتهم أمام الملأ ، وهذه الأكذوبة وحدها كافية لان يطالب العراقيون بتعويضات من الاحتلال الامركي لبلادهم التي تعرضت للدمار والخراب وشرد أبناؤهم وقتل من قتل ، فضلا عن نهب ثروات العراق التي تجري على قدم وساق منذ التاسع من نيسان عام 2003 والسعي بشتى الأساليب القذرة إلى تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي تمهيدا لإنهاء وجوده إرضاء لإسرائيل ، واليوم بكل وقاحة يحضر القاتل ليطالب الضحية بتعويضات عن احتلال العراق وقتل أبنائه وتدميره وإعادته إلى عصر ماقبل الصناعة حسب المخطط الشرير الذي بشرت به الإدارة الأمريكية أيام بوش الأبالمجرم التي فرضت على العراق حصارا استمر 13 عاما ثم غزته بذريعة كاذبة سرعان مافضحها السياسيون الأمريكيون أنفسهم ، فقد طالب رئيس وفد الكونغرس الأمريكي ( دانا رور باخر) العضو عن الحزب الجمهوري من ولاية كاليفورنيا ، طالب الحكومة العراقية بدفع ما اسماها بالتعويضات عن خسائر الجيش الأمريكي في العراق ، وقال عضو لجنة الشؤون الخارجية في مؤتمر صحفي عقده في السفارة الأمريكية ببغداد بعد لقائه برئيس الوزراء نوري المالكي أن وفد الكونغرس بحث مع المالكي موضوع تعويضات الجانب الأمريكي حول خسائر جيشه في العراق ، وتقدر التكاليف التي صرفت خلال الاحتلال الأمريكي للعراق بـ ( 8 .1) تريليون مليار دولار حسب المصادر الأمريكية ،واثر الصلف الأمريكي هذا ، قرَّرت الحكومة العراقية، طرد النواب الأمريكيين الستة من بغداد الذين طالبوا بدفع تعويضات لواشنطن عن سنوات احتلالها للعراق ، وأبلغت الحكومة العراقية السفارة الأمريكية في بغداد بوجوب مغادرة عدد من أعضاء الكونجرس، يزورون العراق، بسبب مطالبتهم الحكومة العراقية بدفع تعويض لواشنطن عن سنوات الاحتلال منذ عام 2003 ، ووصف الناطق باسم الحكومة علي الدباغ تصريحات وفد الكونجرس بأنها تتسم بـ (عدم المسؤولية) ، معتبرًا أنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا محل ترحيب في العراق وأنهم يثيرون قضية تؤثر على العلاقة الإستراتيجية بين البلدين ، فيما نأت السفارة الأمريكية ببغداد بنفسها عن أقوال النائب رورباخر ، في بيان أصدره الناطق باسمها ، مؤكدة أن آراء هؤلاء لا تعكس بالضرورة موقف الإدارة الأمريكية أو حتى أغلبية أعضاء الكونغرس، ووصف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي همام حمودي هذه المطالبة ( بالغبية) وقال إنه ينبغي على الأمريكيين أن يعوضوا العراق وليس العكس ، فيما عزت النائبة أسماء الموسوي عن التحالف الوطني الصلف الأمريكي بالمطالبة بالتعويضات إلى التقصير الحكومي الخاص بطلب التعويضات للشعب العراقي،محملة مؤسسات المجتمع المدني هذا التقصير أيضا لأنها لم تفعل موضوع التعويضات العراقية بالوجه المطلوب، وشددت على أن الموضوع الخاص بالتعويضات مرفوض ومستهجن جملة وتفصيلا ويذكرنا بأسلوب النظام السابق عندما كان يأخذ ثمن الاطلاقة من عوائل الشهداء ، واليوم الأمريكان يطالبون بثمن قتل أبنائنا من 1991 وخاصة ملايين الأشخاص الذين تضرروا من الحروب والحصار الاقتصادي والضرر العلمي والسياسي وآخرها الضرر الدبلوماسي باعتداء الكويت على حدودنا وهذا كله نتيجة مباشرة للاحتلال الأمريكي ، مطالبة بضرورة التقييد ببنود الاتفاقية الأمنية والتي لم نكن أصلا موافقين عليها كنا مع الخروج المباشر للقوات المحتلة والآن نحن مع الجلاء لقوات الاحتلال وحسب الموعد المحدد في نهاية العام الحالي من اجل إيقاف الاستنزاف المستمر لأموال ودماء العراقيين بالأيادي الأمريكية مشددة على إن موقف الحكومة العراقية كان موفقا في إعلانها عن عدم الرغبة في بقاء الوفد الأمريكي ، داعية إلى رفع دعاوى شخصية بأسماء الذين تضرروا في المحاكم الأمريكية الفيدرالية التي تستطيع أن تنظر بهذه القضايا وان يكون هناك رفع دعاوى للمتضررين من وجود الاحتلال الأمريكي بشكل مباشر أو غير مباشر ويمكن أن يقدم وسنعمل على هذا الموضوع بشكل جدي خلال الفترة القادمة ) ، فيما استنكرت النائبة عالية نصيف عن الكتلة العراقية البيضاء ، قيام الدبلوماسية الأمريكية بمطالبة العراق بتعويضات عن الحرب التي قادتها في العراق عام 2003 ، داعية الحكومة العراقية إلى مطالبة الجانب الأمريكي بتعويضات عن الدمار الذي تسببت فيه العمليات العسكرية الأمريكية في العراق ، وقالت نصيف في إن ( إدارات البيت الأبيض المتعاقبة تسببت بالعديد من الكوارث للعراق منذ عهد جورج بوش الأب الذي عاقب الشعب العراقي في عام 1991 على أمر لا ذنب له فيه بدلا من معاقبة النظام السابق، بدءا من الحرب التي نسفت البنى التحتية للعراق ومرورا بالحصار الاقتصادي الذي جعل هذا البلد النفطي يعيش مجاعة حقيقية) ، وأضافت ( كما أن إدارة بوش الابن قامت بغزو العراق وتدمير ما تبقى من البنى التحتية فيه دون أن يطلب الشعب العراقي منها ذلك، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قامت أمريكا بنقل حربها على الإرهاب إلى الأراضي العراقية ، مما تسبب بقتل الآلاف من العراقيين الأبرياء سواء برصاص الأمريكان أو بمفخخات التنظيمات الإرهابية) ، وتابعت ( وبعد كل هذه المآسي المروعة التي استغرقت سنوات عدة نرى عددا من أعضاء الكونغرس الأمريكي يطالبون دون خجل بتعويضات عن غزو قوات بلادهم للعراق، دون حتى مراعاة لمشاعر العراقيين الذين ذاقوا الويلات من سياسات الولايات المتحدة الأمريكية) ، مؤكدة أن ( الكتلة العراقية البيضاء ستجمع تواقيع أعضاء مجلس النواب العراقي لمطالبة الجانب الأمريكي بدفع تعويضات عن كافة الخسائر المادية والبشرية التي تسببت بها للعراق منذ عام 1991 والى يومنا هذا) ، وقال خبير القانون الدولي والمحلل السياسي سردار قادر إن الحكومة العراقية ليست ملزمة قانوناً بتقديم تعويضات للولايات المتحدة نظير خسائرها في العراق ، موضحا أن ( الحكومة العراقية ليس لها صلة بتقديم تعويضات للولايات المتحدة نظير خسائرها في العراق لأن القوات الأمريكية لم تدخل العراق بطلب مباشر من الحكومة لأنها لم تكن ذات سيادة في حينها، رغم وجود مساعدة أولية من قبل أطراف المعارضة آنذاك إلا أن هذا الأمر لا يوجد له مبرر قانوني) ، مرّجحاً أن (يكون الطلب الأمريكي كنوع من الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة لحمل الحكومـــــــــة على تقديم طلب لتمديد بقاء قواتها في العراق) .