بركات شلاتوة

ما يجري في الصومال من فوضى وحرب أهلية مستعرة منذ ما يزيد على 20 عاماً، ومجاعات بين الفينة والأخرى، يجب أن يسترعي انتباه العالم المطالب بأن يسارع في البحث عن حل يعيد لأبناء الشعب الصومالي بعضاً من الأمل الذي ينضب يوماً بعد يوم، ما يجعلهم لقمة سائغة أمام التطرف الأعمى الذي يدك بلدهم، لأن الفقر والبطالة وفقدان الأمل أصبح من سمات المجتمع الصومالي، كونه مل الانتظار وتعليق الآمال على العرب والعالم .

صراع الحركات المسلحة مع بعضها أو مع القوات الحكومية المدعومة بنحو 9 آلاف من القوات الإفريقية، ومعارك الكر والفر والتفجيرات، خلّفت آلاف القتلى، معظمهم من المدنيين، وجعلت مناطق الصومال أشبه بمدن أشباح وأرجعت البلاد مئات بل آلاف السنين إلى الوراء، مع أن الصومال لديه من الإمكانات ما يؤهله ليكون بلداً مزدهراً . كما أن الصراع السياسي الدائر بين الرئاسات الثلاث (رئيس الدولة والحكومة والبرلمان)، والاتفاق الأخير بالتمديد للحكومة الانتقالية، التي لم تحقق إعادة الأمن، زاد من النقمة في أوساط الصوماليين المحبطين، وأشعل احتجاجات عنيفة ضد الحكومة التي لا تحكم، بل يسيطر المسلحون على غالبية مناطق البلاد، وحتى أجزاء كبيرة من العاصمة مقديشو .

ما تقدم يستدعي تدخلاً حقيقياً من العرب والعالم لمساعدة الصوماليين ووضعهم على الطريق الصحيح، فالملايين التي تصرف على محاربة التطرف يمكن لو وظفت بطريقة صحيحة وخصص جزء منها لمساعدة الصوماليين، وانتشالهم من الفقر والبطالة التي هي دفيئة مناسبة للتطرف، لمَنعَ ذلك وقوع المزيد من الشباب، وحتى الأطفال في شباكه . كما يمكن تخصيص مساعدات لإنشاء بنية تحتية، وإقامة مشاريع خدمية وتشغيلية تسهم في إيجاد الحد الأدنى من المستوى المعيشي للصوماليين، وتساعدهم في التغلب على ظروف حياتهم البائسة .

القرصنة البحرية التي تؤرق العالم يمكن القضاء عليها هي الأخرى من خلال مساعدة الصوماليين على تجاوز أوضاعهم المأساوية، لأن القراصنة غالباً ما يبررون هجماتهم بأنها تأتي رداً على استباحة المياه والأراضي الصومالية، ولأن العرب والعالم أداروا ظهرهم للصوماليين . والمليارات التي تكلفها القرصنة البحرية سنوياً تفوق ال12 مليار دولار، هذا فضلاً عن ما يصرف في محاربة الظاهرة والأساطيل التي تجوب البحر الأحمر وخليج عدن لحماية السفن، والفدى التي تدفع لتحريرها، يمكن لها أن تقضي على الظاهرة نهائياً لو تم تخصيص ما يصرف على شكل مساعدات ومنح وحتى قروض لتغيير واقع الصوماليين المر .

الصومال بلد عربي وعضو في الجامعة العربية التي تنص مواثيقها على التضامن العربي، فلماذا لم يحرك العرب ساكناً مع أنهم أولى بمساعدة إخوانهم في الصومال؟ ولماذا لا يتم تخصيص مساعدات عربية حقيقية للصومال لإيقاف تشرذمه وتقسيمه إلى دويلات متناحرة ووقف تراجعه؟ فمحاربة الإرهاب لا تكفي لأن جذوره لن تزول طالما بقيت أوضاع الصومال الاقتصادية كما هي . وما يعقد من اجتماعات لا تتجاوز البروتوكولية لن تسهم في وقف التدهور .

ما دام هناك الكثير من الحلول التي يمكن للعالم إيجادها فلماذا التأخير في البحث عن مخرج؟ أم أن الصومال ليست بلدأ نفطياً والمطامع فيه ليست كباقي الدول مثل السودان وليبيا؟