عمرو عماد

الاغتيالات الفكرية وتبادل الاتهامات التي تحدث بين التيارات الفكرية والدينية والسياسية في مصر الآن تشكل جدارا منيعا أمام التنمية وأمام عبور مصر من هذه الأزمة السياسية والاقتصادية، اتهامات بالعمالة والخيانة والكفر والفسق وسرقة الثورة والوصولية والأنانية فهذه الاتهامات جعلت الضباب يخيم علي الحوار الوطني والفكري في مصر، وأصبح اهتمام هذه التيارات هو السيطرة علي الحوار الوطني بدون تقديم حلول حقيقية مفيدة للأزمة في مصر فأين مقترحات وبرامج هذه التيارات لحل مشاكل التعليم والصناعة والزراعة والبطالة في مصر؟ فالكثير من هذه التيارات الفكرية يخلط بين الأفضل والأنسب لمصر في هذه الفترة، وبين الأنسب والأفضل لتفعيل ونشر أفكارهم ومعتقداتهم فالكل يتبع منهج التعميم ويفتقر الي وضع الدائل فنحن لاننكر وجودهم بالعكس نحن نتعلم منهم ونأخذ برأيهم في بعض الأمور ولكن نرفض الإرهاب الفكري بفرض رأي ومنهج وحيد، بالإضافة لذلك نتج اختلاف وانقسام حتي داخل الكيان الواحد، فبعض هذه التيارات فقد الديمقراطية بداخلها وفرضت ديكتاتورية فكرية علي الآخرين فأصبحت هذه التيارات صورة لديمقراطية بطعم الديكتاتورية. ففي جماعة الاخوان المسلمين استقال أحد أعضاء الجماعة وهو المهندس هيثم أبوخليل اعتراضا علي ما وصفه بتفاوض سري بين الجماعة وأمن الدولة وعمر سليمان مقابل إنشاء حزب وجمعية، فجماعة الإخوان بالأمس كانوا يملأون المعتقلات بسبب قمع النظام السابق واليوم يداعبون السلطة وأيضا حدث خلاف بين قيادات الجماعة وبين شباب الجماعة بسبب تحفظ الشباب علي بعض القرارات داخل الجماعة، أما التيار السلفي فيتهم الآخرين بقمع آرائهم وتشويه صورتهم وعدم اعتبارهم جزءا من المجتمع المصري بالإضافة لاتهامهم الآخرين بالتفريط في الدين وتنفيذ أجندات غربية من زاوية الاختلاف علي مصر مدنية أم دينية في حين يتهم الليبراليون التيار السلفي بالتشدد والعنف وفقدان فقه الواقع خاصة أثناء الاستفتاء الدستوري، وبعد أحداث الفتنة الطائفية، فالأمر هنا ليس مجرد سرد اتهامات بل محاولة للوصول الي حوار وطني بين هذه التيارات من أجل تحقيق عمل مثمر بسواعد هذه التيارات يحقق المنفعة العامة لا أن يكون الحوار الوطني مجرد شو إعلامي يزيد الفرقة، ويجب أن نفرق بين السلف كمنهج وبين مواقف بعض المنتسبين للسلفية لأن منهج السلف الصالح الذي خلف نبينا محمد صلي الله عليه وسلم بلاشك أفضل العصور والعقول التي عبدت الله وتحلت بالأخلاق، وفي نفس الوقت قامت ببناء حضارة إسلامية في جميع المجالات، فأنا وكثير من المصريين لا ننتمي الي تلك التيارات ولكن ننتمي الي أخلاق السلف الصالح والي الحرية والعدالة والمشاركة المجتمعية التي ينادي بها كثير من التيارات والأحزاب والفيصل هو صحة المبدأ وليس الانتماء لتيار بعينه ولا أحد يختلف علي الدين والأخلاق والحرية ولكن الخلاف علي الأسلوب والمنهج المتبع داخل كل تيارفكري ومن الآراء والتصريحات المتزنة في هذا الضباب الفكري هذه التصريحات وهي محاولة لاحترام جميع الأطراف وتوضيح المفاهيم التصريح الأول للدكتور عصام العريان المتحدث باسم جماعة الاخوان المسلمين قائلا: raquo;يجب أن تتوحد القوي الوطنية علي أهداف لبناء مصر للاتفاق علي برنامج يحقق أهداف المصريينlaquo;، التصريح الثاني للدكتور عبدالله شاكر رئيس جماعة أنصار السنة السلفية قائلا: raquo;إن الدولة الدينية لا تعني أن يكون لها موقف معاد للتيارات أو الديانات الأخري لذلك لا مانع أن تكون مصر دولة مدنية قائمة علي الدينlaquo;، الثالث للدكتور raquo;عمروحمزاويlaquo; في ندوة قائلا: أن بعض التيارات لاتمتلك برامج واضحة ومحددة واستنكر لجوء البعض حاليا الي لغة تخوين الآخر في محاولة لإقصائه والانفراد بالساحة السياسية، وأكد أن فريقا من الليبراليين واليساريين قد تعاونوا مع النظام السابق لإقصاء بعض القوي السياسية، الرابع لمهدي عاكف المرشد السابق لجماعة الاخوان المسلمين يقول: raquo;إنه يرحب بتولي مسيحي حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الاخوان المسلمين لأنه حزب لكل المصريينlaquo;، والتصريح الأخير للشيخ محمد حسان وهو شخصية تتمتع بالقبول والجماهيرية من معظم التيارات الفكرية والدينية بسبب أدبه واحترامه للمخالفين له في الرأي، حيث صرح الشيخ قائلا: raquo;مصرليست ملكا للمسلمين فقط وإنما هي ملك لأهلها من المسلمين والأقباطlaquo;. كما ناشد حسان الجماعات الإسلامية الموجودة علي الساحة مثل الإخوان المسلمين والجماعات السلفية بالوحدة، وللأسف انشغلت التيارات الفكرية والدينية بتبادل التهم وتركت العمل والإصلاح، فهذه التيارات أولي بها أن تعمل وتتحد خاصة أن ما يجمعها أكثر ما يفرقها، فعندما قامت ثورة 25 يناير ضد الظلم والفساد اشتركت فيها كل التيارات الفكرية والدينية من التيار الناصري والاخواني والليبرالي والتيار السلفي واليساري لأن الكل لا يختلف علي محاربة الفساد وعندما حدثت الفتنة الطائفية استنكرت كل هذه التيارات ذلك بمن فيها المواطن البسيط الذي لا يفهم هذه التيارات ولا يعرف لهجتهم لكنه يعرف أن مصر الآن في خطر، فعلي هذه التيارات أن تحترم اختلاف وجهات النظر فيما بينها مادامت وجهات النظر يحتملها الدليل ويطلبها الواقع ولا تخل بالشرع وأن تتعاون للتوصل لحلول وسط بديلة تحقق المنفعة العامة ولنفكر جميعا في المستقبل بأن تقوم هذه التيارات بإعداد برامج تنموية عملية للنهوض بالمجتمع، فغياب الحوار الفعال والاختلاف علي المفاهيم والمصطلحات بين هذه التيارات أنشأ فجوة كبيرة ومشاكل كثيرة واتهامات خطيرة تشتت الشخصية المصرية وتمنع سبل الإصلاح.