القدس
مظاهرات الاحتجاج الاوسع ضد حكم بشار الاسد وقعت في نهاية الاسبوع في أرجاء سورية. مركز الاحتجاج كان مدينة حماة، التي قتل فيها في الاشهر الاخيرة عشرات المواطنين. وافاد شهود عيان بان أكثر من مائة الف شخص شاركوا في المظاهرة الكبرى في المدينة المظاهرة الاكبر ضد حكم الاسد منذ بدء الاضطرابات. وتلقت شهادات النشطاء تعزيزا بالافلام القصيرة التي صدرت على موقع اليو تيوب والتي تؤكد بان بالفعل جرت مظاهرة قوية في حجمها.
الاحتجاج في سورية يواصل التصاعد وذلك رغم أن قوات الامن السورية قتلت عشرات المتظاهرين في الايام الاخيرة. وقد جرت المظاهرات تقريبا في كل مناطق في سورية، بعد أن وصلت يوم الخميس الى حلب، المدينة الثانية في حجمها في الدولة، والتي كانت حتى نهاية الاسبوع جزيرة هدوء. وكان عنوان المظاهرات التي جرت يوم الجمعة 'جمعة ارحل' على أمل بانصراف الرئيس الاسد.
وحسب تقارير منظمات حقوق الانسان، فان ما لا يقل عن 28 شخصا قتلوا في نهاية الاسبوع بنار قوات الامن السورية، معظمهم أغلب الظن في محافظة ادلب في شمالي الدولة. في الاشرطة التي صدرت على الانترنت من قبل المعارضة السورية، بدت قوات كبيرة من الجيش تصطدم بالمواطنين في احدى المدن في المحافظة وتستخدم الدبابات والمروحيات. وأمس أعلن الاسد عن اقالة محافظ حماة، الخطوة التي تأتي لتهدئة الخواطر العاصفة في المدينة، والتي تعاظمت فيها المظاهرات منذ مغادرة قوات الامن في بداية شهر حزيران. محافظ حماة ينضم الى محافظين آخرين فقدا وظيفتيهما بسبب الاضطرابات في المنطقتين اللتين تحت حكمهما محافظ درعا وحمص ولم تسهم الاقالات السابقة في قمع الاحتجاج.
سبب مغادرة الجنود حماة ليس واضحا. ذكريات المذبحة التي ارتكبها في 1982، حافظ الاسد، تجعل الاحداث في المدينة أكثر حساسية، وأغلب الظن يحاول الرئيس الامتناع عن المواجهات. منذ انسحاب قوات الامن، نال الاحتجاج في المدينة الزخم. فالشباب يتجمعون في الميدان المركزي وفي أيام الجمعة توجد مسيرات كبرى. أحد السكان قال ان الاحساس في يوم الجمعة الاخير كان 'مثل الكرنفال'. الخطباء تسلقوا الى أعلى السيارات، والمشاركون انشدوا والسكان وزعوا الطعام والشراب.
من الصعب القول اذا كانت هذه نقطة اللاعودة لنظام الاسد. ولكن بلا ريب فان هذا مؤشر آخر على تعزز المعارضة له في سورية. القتل الجماعي للمواطنين والاستخدام الوحشي للجيش لا ينجحان في تقليص عدد المشاركين في المظاهرات، التي تزداد من اسبوع الى اسبوع. كما أن المؤتمر الذي عقد في دمشق في الاسبوع الماضي تحت عنوان 'حوار وطني'، بمشاركة حركات المعارضة التي تحاول انهاء الازمة مع الرئيس، لم يقلص الاحتجاج. فقد اتسع حجمه أكثر فأكثر فقط.
مسؤولون كبار من المعارضة السورية يخططون لمؤتمر اضافي في 16 تموز، تحت عنوان 'مؤتمر الانقاذ'، للاعداد لخطة واسعة لحل الازمة في سورية. 'لما كان النظام اختار الحل العسكري لوضع حد للثورة، فان هدف المؤتمر سيكون تحقيق وحدة الاراء بتوجيه من حركة الاحتجاج الشعبي لفترة انتقالية، وتشكيل حكومة انقاذ وطنية تعد القاعدة لدستور جديد وانتخابات حرة'، كما جاء في البيان الذي ارسل الى وسائل الاعلام الدولية.
ووقع على البيان خمسون شخصية كبيرة، بما في ذلك الزعيم الكردي مشعل التمو، القاضي السابق هيثم المالح، نواف البشير، زعيم أحد القبائل في منطقة دير الزور في شرقي الدولة، الاقتصادي عارف دليلة وكذلك وليد البني، طبيب شارك في حركة 'ربيع دمشق' الذي قمعه الاسد قبل عقد من الزمن.
وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون تطرقت في نهاية الاسبوع الى المواجهات بين معارضي نظام الاسد وقوات الامن. وقالت ان 'زمن الحكومة السورية ينفد. اذا لم يسمح النظام بعملية سياسية جدية تتضمن منح إذن للمظاهرات والحوار مع المعارضة والمجتمع المدني، فانه سيصطدم بتنظيم مضاد له سيزداد اتساعا'. وحسب كلينتون، فان 'الخيار هو بيد النظام ونحن نتوقع منه عملا وليس كلاما'. واضافت كلينتون بان 'حكومة سورية ملزمة بان تبدأ عملية انتقال حقيقية الى الديمقراطية. أنا قلقة من التقارير الاخيرة عن استمرار العنف في منطقة الحدود وفي مدينة حلب، حيث ضُرب المتظاهرون وهوجموا بالسكاكين من قبل مجموعات من قوات الامن'. ولكن في نهاية المطاف لا يوجد لحركات المعارضة اليوم قيادة معروفة ولا حتى اتفاق على اطار واحد يقودها، ولكن هذا ايضا كان مبنى القوى المعارضة للنظام في اماكن اخرى في الدول العربية التي اجتازت ثورة. وبالمقابل ينبغي القول، انه على الرغم من ان حلب انضمت يوم الخميس الى دائرة المظاهرات، ففي يوم الجمعة عقد في المكان اجتماع احتجاجي جماهيري بحجم ضيق نسبيا. هكذا ايضا في دمشق، حيث عقدت حتى مظاهرات شملت مركز المدينة. ولكن كما أسلفنا، فان العاصمة السورية ايضا لم تشهد الكتل والجموع التي أغرقت شوارع حماة.
الطبقة الوسطى العليا والنخبة الحاكمة في سورية لا تزال تمتنع عن الانضمام الى الاحتجاج. يحتمل أن تكون الصور التي وصلت من حماة، والتي ذكرت بمئات الاف الاشخاص في ميدان التحرير في القاهرة، ستتسلل أيضا الى أبناء هذه الطبقة. حاليا تجدهم يتركون الكفاح في يد المحافظات المضطهدة البعيدة عن العاصمة، ولكن اذا ما استمر القتل، والحديث يدور عن مسألة متى وليس اذا حتى تغرق الجماهير المدينتين الكبريين الشوارع.
هآرتس
التعليقات