القدس

هل تحاول الولايات المتحدة انقاذ حكم بشار الاسد؟ تفيد مصادر المعارضة بان ممثلي وزارة الخارجية الامريكية التقوا مع ممثلي المعارضة وهم يشجعونهم على ادارة مفاوضات مع الاسد على اساس 'خريطة طريق'، صاغها نشطاء المعارضة يوم الاثنين الماضي في دمشق. رجل معارضة سوري، يعارض من خارج سورية، قال امس لـ 'هآرتس' انه يعرف بان محافل امريكية بحثت الاسبوع الماضي مع بعض رجال المعارضة في مبادرتهم للمطالبة بالتطبيق الفوري للاصلاحات دون أن يطالبوا في هذه المرحلة بتنحية الاسد وأجهزته.
'يبدو ان الامريكيين يأخذون الانطباع بان المعارضة السورية لا تنجح في احداث ثورة على النمط المصري أو التونسي، وهم يخشون من التدهور الى حرب أهلية كاملة'، قال رجل المعارضة. تقارير بروح مشابهة نشرت في نهاية الاسبوع في صحيفة 'الغارديان' البريطانية أيضا، والتي اقتبست ضمن امور اخرى عن رجل المعارضة رضوان زيادة الذي يسكن في الولايات المتحدة، والذي قال ان السفير الامريكي في دمشق روبرت فورد حث رجال المعارضة السوريين على دفع الحوار مع النظام الى الامام. واقتبست الصحيفة عن محافل اخرى تدعي بان الولايات المتحدة لا تضغط عليهم لدفع الحوار مع النظام الى الامام.
في هذه الاثناء يبدو أن هذا الحوار يثير خلافا اكثر مما يبعث على الاتفاق. اقتراح الحل الوسط الذي صاغه مثقفون من رجال المعارضة، مع بعض ممثلي النظام، يجد صعوبة في تحقيق تأييد معظم حركات المعارضة، التي تطالب بالرحيل الفوري للرئيس. وأمس وقع حدث محرج عندما رفضت ادارة فندق سمير اميس في دمشق، حيث كان يفترض أن تعقد جلسة اخرى لممثلي المعارضة، السماح لهم بالاجتماع بل وقطعت الكهرباء عن قاعة الاجتماع. وذلك على الرغم من أن الجلسة نالت مباركة نائب الرئيس فاروق الشرع، الذي يقف على رأس لجنة الحوار الوطني التي أمر الاسد بتشكيلها. هذه المجموعة، التي تسمي نفسها بـ 'الطريق الثالث' تضم نحو 200 شخصية عامة من أوساط مؤيدي النظام ومعارضيه، ممن يعتقدون بان الحوار مع النظام يجب أن يقوم ضمن امور اخرى على اساس اعادة الثقة بين النظام والجمهور وبناء خطة اقتصادية تضمن فرص نيل الرزق المناسبة للمواطنين.
أعضاء المعارضة المستعدون للحل الوسط صاغوا اقتراحا بموجبه يكف النظام فورا عن النشاط العسكري ضد المتظاهرين، يكف عن اعتقال المتظاهرين ويفرج عن المعتقلين. في المرحلة التالية عليه أن يوافق على عملية تحول ديمقراطي في اطارها تجرى انتخابات حرة للبرلمان في غضون وقت قصير يتحدد بالمفاوضات. قبل ذلك يوافق النظام على تغيير قانون الاحزاب واقامة احزاب جديدة.
الادارة الامريكية وان كانت نفت دورها في نشاط المعارضة. الا أنه يبدو أنه في غياب بديل سلطوي، للولايات المتحدة مصلحة في الابقاء على الاسد كزعيم ضعيف، أو على الاقل تجده افضل في نظرها من المخاطرة بقيادة جديدة ليس معروفا ما هي طبيعتها.
بالمقابل، يبدو أن الاسد، رغم تصريحاته بدفع الحوار الى الامام، لا يعتزم التخفيف من استعراض القوة، وهو لا يزال يؤمن بقدرته على قمع المظاهرات الجماهيرية. وعلم أمس ان الجيش السوري بعث بعشرات الدبابات الى مدينة حماة حيث جرت يوم الجمعة مظاهرات ضخمة بمشاركة مئات الالاف، حسب التقديرات. نشطاء المعارضة يتحدثون عن اعتقالات جماعية في المدينة. وقبيل هذه المظاهرات سحب الجيش قواته، والان يبدو أنه يعتزم العمل بقوة لمنع تسلل المظاهرات الى حلب ودمشق، حيث جرت مظاهرات صغيرة يوم الجمعة. وفي نفس الوقت افاد نشطاء منظمات حقوق المواطن في سورية باكتشاف قبور جماعية في محافظة ادلب، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين الجيش والمواطنين قبل نحو اسبوعين، وان عدد القتلى حتى الان في المظاهرات من شأنه ان يصل الى ألفي شخص.

هآرتس