راجح الخوري

يشكل كلام الامير سعود الفيصل تطوراً نوعياً وصريحاً في هندسة العلاقة المقبولة والمريحة بين ايران والسعودية، واستطراداً دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك على قاعدة سؤالين اساسيين:
اي دور تريد طهران ان تؤديه في المنطقة؟ وما هو المفهوم الايراني لمصالح دول الخليج؟
يفتح هذان السؤلان على ما يفترض باباً يفضي الى نوع من الحوار المباشر والصريح بين ايران ودول الخليج. وهو حوار ضروري وملحّ بالنسبة الى الطرفين، وخصوصاً الآن مع ارتفاع حمى الحساسيات المذهبية بين السنة والشيعة في العالمين العربي والاسلامي على السواء.
طبعاً، لايخرج كلام وزير الخارجية السعودية عن ثوابت استراتيجية المملكة، التي اكدت دائماً الحرص على علاقة الحوار والتفاهم والتضامن بين الدول الاسلامية والسهر على وأد كل محاولات بث الفرقة والفتنة بين المسلمين. وفي هذا السياق، لا تزال صورة خادم الحرمين الشريفين ممسكاً بيد الرئيس محمود احمدي نجاد وهما يسيران في الرياض، ماثلة في الاذهان.
واذا كان كلام الامير سعود الفيصل في خلال مؤتمره الصحافي مع وليام هيغ، يضع نقاطاً صريحة على حروف الغموض الايراني، فانه بالتالي يذكر بما يتردد دائماً في دول الخليج من دعوات الى الايرانيين تقول: ايها الاشقاء الجيران ادخلوا البيوت من ابوابها.
ويأتي كلام وزير الخارجية السعودي بعد القمة التشاورية التي عقدتها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي وجهت انتقادات مباشرة وصريحة الى quot;التدخلات الايرانية المتزايدة والسافرة في الشؤون الداخلية للدول الخليجيةquot; وكأنه دعوة للتنبه الى ان لمجلس التعاون استراتيجية في التعامل مع طهران. وهذا يعني ان كل دول المنطقة تتبنى هذه الاستراتيجية، لكنها استراتيجية صراحة وانفتاح واحترام متبادل تتطلب في المقابل قبولاً ايرانياً عملياً لهذه الاسس.
فعندما يقول: quot;ان ايران دولة كبيرة وجارة ولا شك في ان لها دورا في المنطقةquot;، فإن ذلك يكتسب اهمية بعيدة. لكن على هذا الدور الايراني ان يراعي مصالح دول الخليج لا المصلحة الايرانية على حساب هذه الدول لكي يكون مقبولاً: quot;اذا ارادت ايران ان تمارس دور دولة قائدة للمنطقة، فعليها مراعاة مصالح دول المنطقة وليس مصالحها quot;.
هذه نقاط سعودية متقدمة توضع على الحروف الايرانية. لكن الاستعداد السعودي لاستئناف الحوار مع طهران، التي لم ترد سابقاً على quot;ورقة النقاطquot; التي وضعتها الرياض وتسلمها منوشهر متقي في حينه، انما يكشف مدى حرص السعودية على تبريد الاحتقان المذهبي في المنطقة كلها، وارساء العلاقات بين ايران ودول مجلس التعاون على قاعدة من الصراحة والتفاهم اساسها عدم انكار الدور الايراني شرط احترام مصالح دول الخليج وعدم المس بها.
والكرة السعودية الآن في الشباك الايرانية.