دمشق ـ laquo; السفيرraquo;


خرج مئات آلاف المحتجين إلى شوارع المدن السورية، أمس، في جمعة laquo;لا للحوارraquo; التي شهدت مقتل 14 محتجا، وكان محورها الأبرز في مدينة حماه التي باتت كثافة الاحتجاج فيها تشير إلى احتمالات تحول خطير في مسار الأحداث. لكن الإساءة إلى المتظاهرين المعارضين، أتت أيضا من السفير الأميركي روبرت فورد الذي تجاهل الإجراءات السيادية، وفرض معادلة مشاركته على تظاهرات حماه، مثيرا في الوقت نفسه تصعيدا للتوتر في العلاقات السورية الأميركية، رغم laquo;شعرة معاويةraquo; التي أعلنت دمشق أنها laquo;لن تقطعهاraquo;، متهمة أميركا بعرقلة الحوار الذي تطلقه السلطة غدا الأحد.


جمعة laquo;لا للحوارraquo; حاشدة
وقدّر ناشطون أعداد المتظاهرين في مدينة حماه أمس، بحوالى 200 ألف متظاهر، مرجحين أن تكون الأعداد أكثر ارتفاعا من ذلك، وأظهرت لقطات مصورة نشرت على الانترنت حشدا كبيرا في ميدان العاصي حمل بعضهم علما سوريا كبيرا وهم يهتفون laquo;الشعب يريد اسقاط النظامraquo;. وفي ما بات نموذجا معتادا خرج المتظاهرون من المساجد للاحتجاج في العاصمة وفي مدينة درعا الجنوبية حيث بدأت شرارة الاحتجاجات وفي مدينة حمص وغيرها من المدن السورية.
وقال نشطاء إن قوات الأمن قتلت بالرصاص ستة اشخاص في بلدة الضمير قرب دمشق. وقال مدير المنظمة الوطنية السورية لحقوق الانسان عمار القربي ان ثلاثة محتجين قتلوا في بلدة معرة النعمان عند الأطراف الشرقية لمحافظة ادلب وقتل آخران في حي الميدان في وسط دمشق. وأضاف أن ثلاثة أشخاص قتلوا في حوادث أخرى منفصلة. وقال سكان ونشطاء إن قوات الامن أطلقت النار على محتجين عند المدخل الشمالي لحماه كانوا يحاولون الانضمام إلى تظاهرة في المدينة فأصابوا اثنين. وأكد الناشطون خروج عشرات آلاف المتظاهــرين في كــل من المدن السورية
الكبرى، كحمص ودير الزور، وإدلب وغيرها.
أما وكالة laquo;ساناraquo; السورية للأنباء، فقالت إن خمسة من المدنيين وقوات حفظ النظام قتلوا وأصيب العشرات بجروح معظمهم من قوات حفظ النظام برصاص قناصة ومسلحين عقب صلاة الجمعة. وذكرت وكالة الأنباء السورية أن اللافت للنظر كان استهداف laquo;المدنيين وعناصر حفظ النظام من قناصة استغلوا التجمعات في المناطق السكنيةraquo;، مشيرة الى أن دمشق وريفها شهدا تجمعات للمواطنين بالعشرات والمئات سجلت في مدن القدم والقابون والكسوة وعرطوز.
وفي الضمير قالت الوكالة إن مسلحين أطلقوا الرصاص على عناصر قوات حفظ النظام ما أسفر عن اصابة اثنين منهم واعتدى احد المجرمين على عنصر آخر بالساطور وألقي القبض على المهاجم في حين قام مسلحون بإلقاء قنابل المولوتوف على قوات حفظ النظام في داريا.
وأشارت الوكالة الى ان مدينة حمص شهدت تجمعات متفاوتة العدد فى احياء الإنشاءات والغوطة والخالدية، وأن اثنين من المدنيين قتلا برصاص قناصة في حي الخالدية وأصيب عدد آخر بجروح كما قتل عنصر من قوات حفظ النظام برصاص مسلحين في تلبيسة في ريف حمص، كما قالت إنه اطلق مسلحون النار على مركز لحفظ النظام في الرستن وهاجموا النادي الرياضي في المدينة بعد تدمير وإحراق مركز الشرطة فيها.
فورد وlaquo;شعرة معاويةraquo;
ومن الجانب السياسي، أثارت زيارة السفير الأميركي في واشنطن روبرت فورد إلى حماه ومشاركته في تظاهراتها، انتقادا حادا من الجانب الرسمي السوري، إذ تساءلت المستشارة الرئاسية بثية شعبان خلال مقابلة مع قناة laquo;بي بي سيraquo; عن معنى وصول الأخير إلى المدينة laquo;السادسة مساء (توقيت يوم الخميس) في الوقت الذي كان الاجتماع قائما بين أئمة المساجد والأهالي وبين السلطات؟raquo;، وإن كان الغرضraquo;منع حل المشكلة في حماه؟raquo;. وتساءلت شعبان laquo;كيف وصل السفير (الأميركي) في مناطق يقطع الطريق فيها مهربون ومشاغبون وحملة سلاح ومن أوصله إلى مسجد سريجة من دون أن يتعرض له أحد من المسلحين الذين منعوا الموظفين من الوصول إلى أعمالهم لأربعة أيام على التوالي؟raquo;.
وردا على سؤال عن الخطوة التي ستقدم عليها وزارة الخارجية السورية تجاه تصرف السفير الاميركي قالت شعبان laquo;هذا أمر تقرره القيادة السورية وهذه علاقات بين دول تقررها الدولة بمجملهاraquo;، مضيفة إن سوريا لا تريد قطع laquo;شعرة معاويةraquo; مع الإدارة الأميركية وraquo;لكن هناك احتجاجا واستياء شديدا من قبل الشعب السوري حول بيان الخارجية الاميركية بأن السفير موجود في حماه ويعتزم البقاء إلى يوم الجمعة، وذلك عشية التوجه إلى الحوار الوطني بين كل شرائح المجتمع السوري وهذا يعطينا رسالة أن الولايات المتحدة تقول لا للحوارraquo;.
وفيما أكدت السلطات السورية أن فورد زار حماه من دون إذن رسمي، اعربت الادارة الاميركية عن laquo;استيائهاraquo; ازاء انتقاد النظام السوري لزيارة فورد، وصرحت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند بأن واشنطن ابلغت دمشق مسبقا بهذه الزيارة. وقالت laquo;نحن بصراحة مستاؤون قليلاraquo; لرد الفعل السوري، مشددة على ان قول الحكومة السورية انها تفاجأت بالزيارة التي قام بها فورد الى حماه laquo;لا معنى لهraquo;. وأضافت المتحدثة ان المتظاهرين في حماه احتشدوا لتحية السفير وغطوا الزجاج الامامي لسيارته بالورود التي نثروها عليها، ولكنه رفض الترجل من السيارة لتحيتهم كي لا يحول التظاهرة عن مجراها ويصبح محطا للأنظار.
وذكرت نولاند ان زيارة السفير الفرنسي لدى دمشق الى حماه كانت منفصلة عن زيارة فورد ولم تكن منسقة، مشيرة الى ان السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى laquo;يسافر بحرية كاملة وليس عليه ان يقول لنا الى أين هو ذاهبraquo;. وردا على قول وزارة الخارجية السورية ان زيارة فورد كانت لتحريض المتظاهرين، قالت نولاند laquo;هذا هراء مطلق. سبب زيارته هو الوقوف تضامنا مع حق الشعب السوري بالتظاهر سلمياraquo;، مشيرة الى ان السفير فورد laquo;شهد سوريين عاديين يطلبون التغيير في بلدهمraquo;.
وكان مصدر دبلوماسي أميركي قال لـraquo;السفيرraquo; إن الملحق العسكري الأميركي laquo;أخطرraquo; السلطات المختصة بنيته الزيارة، وذلك من دون إشارة للسفير فورد، الذي سافر مع الملحق من دون افصاح عن هويته، ليدخل المدينة ويلتقي بمعارضين طوال مساء الخميس الماضي، ومن ثم يشارك بتظاهرة ما بعد الصلاة ظهر أمس في ساحة العاصي، علما بأنه عاد الى دمشق امس.
وترددت انباء أن فورد توجه عند وصوله حماه إلى فندق laquo;النواعيرraquo;، لكن صاحب الفندق رفض استقباله، مما دفعه إلى اللجوء إلى فندق آخر، هو فندق laquo;أفامياraquo;. كما تداولت الانباء زيارة قام بها دبلوماسي اوروبي ثالث لحماه، يعتقد انه الماني.
إلى ذلك، تتوجه وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الى أنقرة بين 15 و16 تموز الحالي لحضور اجتماع laquo;مجموعة الاتصالraquo; حول ليبيا، على ان تجري مباحثات ثنائية مع الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو لبحث الملف السوري.
إلى ذلك، نشرت هيئة مكافحة الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية laquo;توصيةraquo; تتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها في مواجهة laquo;زيادة محتملة للأصول المرتبطة بأعمال العنف الدائرة حالياً في سورياraquo;.
ودعت الهيئة laquo;في هذه الفترة من عدم الاستقرار المؤسسات المالية إلى إبداء مزيد من الحذر حيال الحسابات المصرفية الخاصة (العائدة) لشخصيات سياسية أجنبية رفيعة المستوىraquo;. وحضت المصارف على laquo;مراقبة العمليات التي قد تخص الأموال العامة المكتسبة بطريقة غير شرعية أو المهرّبة والرّشى والأشكال الأخرى من المدفوعات غير الشرعية فضلاً عن الأرباح المتأتية عن فساد عناصر السلطةraquo;.