القدس


مع مرور خمس سنوات على حرب لبنان الثانية يهاجم رئيس الوزراء السابق اهود اولمرت بشدة قادة الحملة الجماهيرية التي أُديرت ضده في نهاية 2007، عشية رفع تقرير فينوغراد النهائي. ويتهم اولمرت المنظمين بادارة 'حملة سياسية، حقيرة ومتهكمة' بمشاركة محافل من اليمين واليسار، استخدمت ألم العائلات الثكلى وعرضت التغيير الاستراتيجي كفشل، كي تؤدي الى استقالته.
وعقب اولمرت بذلك لصحيفة 'هآرتس' على وثيقة تنشر هنا لاول مرة. وتحمل الوثيقة عنوان 'الى البيت خطة عمل'. وقد صيغت في كانون الاول 2007، قبل ايام من موعد رفع تقرير فينوغراد النهائي. في الوثيقة تظهر خطة عمل مفصلة ومهنية لحملة جماهيرية، اعلامية وسياسية حول التقرير. لاسباب عديدة، ليست كل الأحداث المذكورة في الخطة أُخرجت الى حيز التنفيذ. ولكن بعضا من الاشخاص الذين تظهر اسماؤهم في الوثيقة، بمن فيهم اللواء احتياط عوزي ديان، الذي يعتبر من قادة الكفاح الجماهيري، أكدوا لـ 'هآرتس' تفاصيل عديدة منها.
واليكم التفاصيل الأساسية التي تظهر في الوثيقة: مبلغ المال الذي خُصص للنشاط المركز (اعلانات، انترنت، نشاط ميداني و'محاكمة جماهيرية') كان 230 ألف شيكل. 90 ألف منها مولتها جمعية 'خريطة حياة' لعوزي ديان. 50 ألف كانت بمسؤولية يسرائيل يغال، رئيس جمعية رجال الاحتياط 'خذوا المسؤولية'. ولاحقا عمل يغال كنائب رئيس قيادة الليكود الانتخابية. ويشار في الوثيقة الى أن تحت تصرف المنظمين كان مبلغ مالي آخر، 300 ألف شيكل، لتمويل النشاط حول التقرير.
الهيئات التي شاركت في الكفاح، حسب الوثيقة، كانت ضمن آخرين: العائلات الثكلى، جنود الاحتياط، حركة جودة السلطة، حركة 'أومتس'، مجلس 'يشع' للمستوطنين، نواب من ميرتس وحزب العمل. مجلس 'يشع' شارك على نحو مركزي في النشاط الميداني. وقال ديان لـ 'هآرتس' ان الليكود ايضا، الذي كان في حينه في المعارضة، شارك في الكفاح، وشارك نشطاؤه فيه. وقال ديان انه 'مع بيبي ايضا كانت أحاديث عن امكانيات مختلفة'. وكان ديان تنافس في انتخابات 2009 في قائمة الليكود للكنيست دون أن ينجح في أن يُنتخب. وقبل بضعة اسابيع عينه نتنياهو رئيسا لمشروع هبايس لليانصيب.
تفاصيل اخرى من الوثيقة: منظمو الحملة الجماهيرية أقاموا 'مناسبات تلاوة' لفصول من التقرير، بعد بضع ساعات من رفعه ونشره. وقد جرى الحدث في خيمة كبيرة في شمال تل ابيب، قرب برج سكن اهود باراك، الذي كان في حينه وزير دفاع في حكومة اولمرت. وهكذا تصف الوثيقة الاستعدادات للحدث في يوم نشر تقرير اللجنة الحكومية: 'خلق حدث اعلامي كبير قدر الامكان، مع التطلع الى تركيز البث الموازي لتقرير فينوغراد. العائلات الثكلى وجنود الاحتياط. تنسيق العائلات بمسؤولية عوزي. جمع الاقتباسات الشديدة من التقرير وطرحها على الجمهور وعلى وسائل الاعلام، امكانية نشرها مع 'اسرائيل اليوم'... حملة موجة ثانية انترنت ويافطات كبيرة.
رسالة علنية من مفكرين مع التشديد على رجال اليسار قدامى الحزب/ جنرالات احتياط/ مفكرين، شباب الحزب، خلايا الطلاب لحزب العمل/ تجنيد كبار المسؤولين بمسؤولية عوزي'.
وكما تفصل الوثيقة، في التنظيم، ادارة واخراج الحملة شاركت جهات واشخاص كثيرون، ولا سيما من اليمين، ولكن من اليسار ايضا. وقال ديان لـ 'هآرتس' ان هذا بصراحة كان هدف الصراع: أن يُدخل تحت كنفه محافل سياسية من اليسار ومن اليمين وذلك كي لا يتخذ الصراع لونا واحدا.
'الصراع لم يكن سياسيا، ولكنه وجه نحو الساحة السياسية، ليس فقط لاعتبارات النجاعة، بل وايضا لاعتبارات قيمية، بمفهوم اقناع منتخبي الجمهور لأخذ المسؤولية، أو القيام بعمل ما. بالتأكيد لعبنا في الساحة السياسية وأشركنا ايضا رجال احتياط وعائلات ثكلى. الصراع كان عادلا، كان قيميا، وأنا فخور بمشاركتي فيه'.
ونقل اولمرت لـ 'هآرتس' رد فعل مفصل ينشر هنا بايجاز ما: الوثيقة التي طُلب الينا التعقيب عليها هي دليل خالد على كل ما قدرت بأنه حصل، ولكني لم أعرف بيقين أنه حصل. يدور الحديث عن وثيقة عسيرة على الهضم من ناحيتي، تصف كيف ارتبطت معا محافل مصلحية سياسية، من اليمين المتطرف من جهة واليسار من جهة اخرى، بتمويل مجلس 'يشع' والليكود، ولكل الاعتبارات غير الجديرة جدا استغلوا ألم العائلات الثكلى وانطلقوا في حملة ضعضعت شرعية الرد الذي اتخذته اسرائيل في 12 تموز 2006، ونتائج الحرب التي أدت الى الهدوء لمئات آلاف السكان في شمالي البلاد، الهدوء المستمر منذ أكثر من خمس سنوات...
'قلت، وأعود لاكرر القول، مثلما شهدت ايضا في لجنة فينوغراد: منظمة حزب الله تلقت ضربة قاضية في حرب لبنان الثانية. فقط اولئك الذين من بيننا ممن بادروا الى الحملة السياسية، الحقيرة في نظري، والتي تطرح أمامكم، هم الذين حاولوا اقناع أعدائنا أن ليس هكذا هو حال الامر. وكما يمكن أن نرى، فقد فعلوا ذلك بتهكم، في ظل ضعضعة الأمن وبثمن المس بالمكانة الاقليمية والدولية لاسرائيل. مرة اخرى ثبت لأسفي بأن مدمريك ومخربيك منك يخرجون...
'لفرحتي، فان هذه الحملة، التي أُعدت ضدي، والتي مست بي شخصيا ايضا، لم تنجح فهي لم تدفع حزب الله لأن يرفع رأسه. رغم الضربات الأليمة التي تلقتها هذه المنظمة ايضا منذ تلك الحرب، لم تتجرأ على استفزاز اسرائيل مرة اخرى. لم تنجح ايضا بمعنى أن لجنة فينوغراد أنهت عملها في أن القرارات التي اتخذتها كانت مناسبة'.

هآرتس 24/7/2011