الجانب الواطئ مع الجوار

فاتح عبدالسلام
الزمان اللندنية
الحكومة العراقية التي تعيش وضعا مزرياً وأزمات مع حلفائها الداخليين وأوضاعاً غامضة مع حلفائها الخارجيين، هل تظن هكذا حكومة أنها قادرة علي الدخول في مفاوضات متكافئة من أجل حقوق وطنية أو قضية سياسية أو اقتصادية مع دول الجوار التي تعرف عن ثغرات الوضع العراقي أكثر ممّا يعرف أي إنسان معلومات عن نفسه وعائلته واسمه وعمله وتاريخه الشخصي.
المنازلة بين العراق والكويت حول ميناء مبارك المزمع انشاؤه في رأس الخليج وقرب المنفذ البحري الوحيد للعراق توحي بأنَّ الأزمات تنبع بين يدي الحكومة من حيث لا تدري وان من لا يملك علاجاً للأزمة عليه أن لا يثيرها أفضل له.
هل جري تصفية ملفات سابقة مع الكويت، لكي تفتح الحكومة العراقية بقيادة وزارة النقل ملف أزمة جديدة مع الدولة الجارة، ذات الشجون والشؤون العالقة. ومن هو المتضرر اكثر من ميناء مبارك المحتمل، ايران أم العراق؟ ومَنْ يتحدث نيابة عن مَنْ؟
لماذا تفشل الطواقم السياسية العراقية في حل مشكلات ثنائية مع دول الجوار؟ هل لأن دول الجوار تعرف انها ذات يد أعلي في أية مفاوضات محتملة مع العراق؟
ألم تمر تلك الطواقم وهي في طريقها الي سدة الحكم بعد احتلال العراق من ممرّات أجهزة سياسية واستخبارية عربية واقليمية مجاورة؟ وربّما لهذا السبب تبدو امكانية ايجاد الحلول عملية مستعصية وأحياناً مضحكة وتثير سخرية ضباط استخبارات عواصم مجاورة.
كل مَنْ له اجندة خاصة به، لا يزال قادراً علي تنفيذها، سواء كانت تمس سيادة العراق أم مصالحه أم شؤونه الداخلية من دون ان يحسب حساب أحد.
لماذا يسكت الحكم في العراق علي ملفات شتي متراكمة مع الجوار ويتحدث بانتقائية فجأةً عن أمور غير مقنعة. هل هناك نيات لتصدير ازمات داخلية الي الخارج لاسيما الي ذلك الخارج الساخن الذي يمكن التجييش ضده بسهولة.
هناك ترميم مفاجئ للعلاقات مع سوريا في اطار تطورات دامية. وانفتاق للعلاقات مع الكويت وغموض علي جبهة ايران التي تشتعل المعارك عندها في جهة شمال العراق. ثمة جوار ساخن يسهم عملياً في تشكيل مواقف وحسابات المتصارعين في بغداد الذين هم بالنهاية ضحايا لموجة أعلي منهم ستلفظهم، مَنْ نال الحكم ومَنْ يتطلع إليه كغاية، لأن العراقيين لم يعودوا يأسفون علي شيء إذا خسروه بعد تاريخ طويل من الخسارات.
فصل جديد من التهديدات العراقية بعد صدام
سلطان الخلف
القبس الكويتية
ميناء مبارك الكبير المزمع إقامته في شمال البلاد يقع ضمن الأراضي الكويتية وليس العراقية، ولذلك لا قيمة للتهديدات التي تطلقها بعض الجماعات أو الأحزاب العراقية الموالية لإيران من أجل وقف المشروع الذي يعتبر حيويا لكل من الكويت والعراق، لكن يجب أخذ هذه التهديدات بعين الاعتبار وعدم الاستهانة بها مع اتخاذ كافة الاستعدادات التامة لمواجهتها سياسيا وأمنيا.
كنا نتوقع أن توجه هذه التهديدات للأسطول الأميركي الخامس وليس درع الجزيرة المرابط في مياه البحرين أو القواعد العسكرية الأميركية في أفغانستان وباكستان والعراق أو القطع البحرية الأميركية التي تجوب الخليج العربي ذهابا وإيابا مرورا بمضيق هرمز لكن يبدو من خلال تلك التهديدات أن ميناء مبارك يشكل خطورة على مصالح العراق أكثر مما يشكله التواجد الأميركي في المنطقة.
ما يلفت الانتباه في تلك التهديدات أنها لا تختلف عن التهديدات التي كان يطلقها نظام صدام الغابر حين اتهم الكويت بسرقة النفط العراقي كما أنها دعاية إيرانية باتهامها الكويت الوقوف إلى جانب العراق في حربه ضد إيران لكنها تناست أن تحرير العراق جاء من البوابة الكويتية وليس الإيرانية.
وهذا الخلط في الأوراق غير موفق ويعني تدخلا إيرانيا غير مباشر بالشأن الكويتي وبدول مجلس التعاون أعلن عنه وزراء خارجية دول المجلس بشكل رسمي بعد أحداث البحرين وتورط إيران فيها. بات من المؤكد أكثر من أي وقت مضى لدى شعوب وحكومات دول المجلس أن سياسة إيران في المنطقة فقدت المصداقية ولم يعد لتصريحات المسؤولين الإيرانيين المطمئنة أي قيمة بعد انكشاف أمر الممارسات الإيرانية على أرض الواقع وهي ممارسات لن تجدي نفعا في تغيير سياسات دول المجلس من أجل مصلحة إيران أو في فك العزلة الدولية عنها، وعلى إيران أن تبحث عن الحلول مع المجتمع الدولي وليس مع دول المجلس.