خالد ضيدان العتيبي

تحذير الحكومة العراقية للكويت من الاستمرار في بناء ميناء مبارك الكبير ليس مستغرباً فقط, بل هو وقاحة سياسية لم يسبق ان شهدتها العلاقات الدولية, فالميناء كما هو معروف يبنى ضمن الاراضي الكويتية, وبالتالي ليس من حق احد التدخل في هذا الامر, واذا كانت المشكلة في الممرات الملاحية كما تدعي الحكومة العراقية فان المسألة تحل في الاطر الفنية, ولا تحتاج الى التصعيد السياسي الذي نشاهده منذ اكثر من شهرين, وسلسلة التهديدات التي اطلقتها مجموعة من الاحزاب العراقية, والتظاهرات التي نادت بقطع العلاقات الكويتية - العراقية, واخرها ما جرى يوم الجمعة الماضي في ساحة التحرير في بغداد, حيث طالب المتظاهرون بقطع العلاقات بين البلدين.
لن يضير الكويت اذا اقدم العراق على قطع العلاقات الديبلوماسية, والجميع يعرف ان العلاقات قطعت منذ العام 1990 وحتى العام 2003 ولم تتأثر الكويت من ذلك,بل كانت الامور اكثر هدوءا من الان, وفي ظل الفوضى السياسية التي يشهدها العراق حاليا فمن الافضل للكويت قطع العلاقات, لان في تلك الحالة سيصار الى الزام مجلس الامن الدولي بتنفيذ القرارات ذات الصلة بالحالة بين العراق والكويت.
ما يجب ان يفهمه العراقيون, وبخاصة الحكومة ومجلس النواب هو ان التصعيد السياسي مع الكويت ولا سيما في موضوع حيوي مثل ميناء مبارك الكبير لن يكون مسألة عابرة عند الشعب الكويتي, لانه يفتح الكثيرمن الجروح التي تسبب بها الغزو العراقي في العام 1990 للكويت, وبخاصة مسألة الاسرى والمفقودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى اليوم, والتعويضات التي يماطل فيها العراق, وكل يوم يطلع علينا بحيلة جديدة للتهرب من دفعها, اضافة الى ارشيف الدولة, وكل هذه القضايا عالقة منذ سنوات طويلة ولم يتغير الموقف العراقي منها, اكان في عهد صدام حسين او في عهد نوري المالكي حاليا, وهذا يؤدي بنا الى نتيجة واحدة وهي ان النهج العراقي تجاه الكويت ليس مرتبطا بنظام انما هو سياسة ثابتة, وهذا ما يجب ادراكه, وبهذه الحالة ليس مستغربا ان تكون هناك رغبة شعبية مشتركة في قطع العلاقات بين البلدين, فاذا كنا لا نستطيع تغيير الجغرافيا لا يعني ذلك ان نبقى طوال العمر تحت رحمة الابتزاز العراقي.
ميناء مبارك الكبير لن يكون نقطة الخلاف الاخيرة بين العراق والكويت, اذ ان العراقيين كل يوم سيطلعون علينا بقضية جديدة من اجل المزيد من الابتزاز, وخصوصا في هذه المرحلة التي تحتل فيها ايران العراق بطريقة غير مباشرة, وتسيطر على قراره السياسي فان الوضع سيتجه الى مزيد من التأزيم, ولذلك لابد من اقفال الباب العراقي الذي تأتينا منه الريح دائما وتعكر صفو حياتنا, لكن قبل كل شيء لا بد ان يعرف العراقيون ان ميناء مبارك الكبير وكل المشاريع التي ستنفذها الكويت على الحدود مع العراق ليست محل تفاوض ولا تقبل الابتزاز لانها ستقام ضمن السيادة الكويتية, وما على العراقيين الا ان يشربوا من شط العرب.