فواز العجمي


قبل ثلاثة أيام حاولت معرفة ما يقوله النظام الرسمي السوري من خلال إعلامه عما يحدث في سوريا الشقيقة، لعل وعسى أن أجد في هذا الإعلام صورة موضوعية وحقيقية وشفافة، ما يؤكد ما ينقله هذا الإعلام عن وجود عصابات إرهابية مسلحة تستهدف قوات الأمن والجيش وتدمر وتحرق الممتلكات العامة والخاصة وتعيث في الأرض فساداً كما تدعي وسائل الإعلام السورية الرسمية.
وكم كانت دهشتي كبيرة وكم كان استغرابي شديداً، وكم كان المنظر الذي رأيته مرعباً ومخيفاً، بل إنه كان خنجراً قطع أوصال قلبي وأدمى فؤادي ولم أستطع تصديق هذا المشهد لولا أنه جاء بالصورة والصوت، والصورة لا تكذب أبداً، حيث شاهدت سيارة نقل صغيرة وقد امتلأت بالجثث ويا ليت الأمر توقف هنا، ولكن مما أدمى القلب وجرح الفؤاد وأتعب العين والبصر عندما بدأ بعض المرافقين لهذه السيارة وهذه الجثث بحمل تلك الجثث ثم رميها في النهر وقال التليفزيون السوري إنه نهر العاصي!!
الجثث التي تم رميها بهذا النهر لا يزال الدم حاراً ولم يجف بعد أي أن أصحابها قتلوا قبل رميها بدقائق لأن الدم خضب ماء النهر وتحول الماء إلى لون أحمر!!
المجرمون أو الإرهابيون أو القتلة كانوا يحملون الجثة ويرمونها بالنهر مع quot;التكبيرquot; ثم يحملون جثة أخرى ويرمونها بدم بارد والدم الحار لا يزال ينزف من هذه الجثث!!
هذه الجريمة الموثقة بالصور والحديثة أيضا يجب أن نقف عندها طويلاً ونسأل ونتساءل من يقف خلفها؟!
من هؤلاء القتلة الذين تجردوا من كل القيم الإنسانية والمشاعر والأحاسيس البشرية حتى تحولوا إلى وحوش ضارية تمثل بأجساد ميتة وتلقي بها إلى النهر؟!
كيف يمكن أن نتصور مشهداً مثل هذا المشهد اللا أخلاقي واللا إنساني واللا وطني واللا قومي واللا بشري؟!
كيف نصدق أن هناك بشرا في الشقيقة سوريا يتجردون من كل الصفات الإنسانية ويتصرفون كالوحوش الضارية؟!
كيف يمكن للعين أن ترى مثل هذه الجريمة وكيف يمكن للقلب أن يشاهد هذا الإجرام وكيف للأذن أن تصدق ما حدث؟!
لقد كان المشهد مرعباً ومخيفاً بكل ما تحمله هذه الكلمات من معان، وكان مستفزاً إلى أبعد الحدود.. وكان صادماً إلى أقسى حدود الصدمة.. وكان مؤلماً إلى حد البكاء وكان مزعجاً إلى حد النواح!!
لا أبالغ إذا قلت لكم إن ذلك المشهد كان كابوساً أقلقني طوال الليل ولا يزال في ذهني وعقلي ولا أستطيع أن أنساه لأنه لا ينسى من هول وفظاعة بشاعته.. هذا المشهد كافٍ لإسقاط النظام فوراً في حال صدق ادعاء المعارضة بأن النظام هو الذي صمم وأخرج ونفذ هذه الجريمة.
وكافٍ لإسقاط المعارضة في حال صدق ادعاء النظام بأن عناصر المعارضة الإرهابية هي التي تقف وراء هذه الجريمة.
ببساطة شديدة هذه الجريمة يجب أن تسقط النظام فوراً أو تسقط المعارضة فوراً.
المطلوب الآن هو معرفة الحقيقة ومن يقف وراء هذه الجريمة النكراء.. لابد من إجراء تحقيق فوري تقوم به السلطة السورية، خاصة أنها تملك هذه الصور وتملك صورة السيارة وصور الأشخاص الذين نفذوا هذه الجريمة، وهذا التحقيق يجب أن يكون على الهواء مباشرة ليعرف الشعب السوري حقيقة هؤلاء المجرمين ويعرف معه الشعب العربي حقيقة هؤلاء الإرهابيين وهذا التحقيق المطلوب ليس معجزة فكل عناصر الجريمة متوافرة من خلال تلك الصور التي بثها التليفزيون السوري.
لابد من إجراء تحقيق فوري وبأقصى سرعة ممكنة لمعرفة الحقيقة لأن مثل هذه الجريمة لا يمكن أن تمر مرور الكرام لأنها تمثل حياة شعب بأسره، لأن من يقتل بهذه الطريقة ويمثل بأجساد الموتى بهذه الطريقة ليس مستبعداً أن يدمر شعباً بأسره.
ولابد أيضا من ثوار سورية أيضا البحث وملاحقة هذه الجريمة ومعرفة هؤلاء المجرمين والإرهابيين لأنهم يسيئون إلى ثورة شعبية صادقة ومحقة في مطالبها المشروعة في الحرية والديمقراطية وهذا المشهد في حال صدقت وسائل الإعلام الرسمية السورية بأنه من عناصر إرهابية معارضة فإن ذلك يعتبر ضربة قاصمة وقاسية، بل ومميتة للمعارضة التي تنشد العدالة والحرية والديمقراطية لهذا نطالب المعارضة كما نطالب النظام بإجراء تحقيق فوري وملاحقة هؤلاء المجرمين وبدون تأخير لكي نعرف من سوف يسقط هو النظام أم المعارضة؟!