سمر المقرن

أحترم كثيراً الإعلام البريطاني، وأنظر له من خلال العين الإعلامية الفاحصة. وقد اقتربت منه أكثر في عام 2004م، خلال دورة تدريبية في تومسون فونديشن وهي مؤسسة إعلامية ذات تاريخ طويل في مجال التدريب، وضمن هذه الدورة أجريت عددا من الزيارات من بينها زيارة إلى صحيفة laquo;غارديانraquo;، والتعرف على آلية العمل الصحافي. أبهرني سياق العمل وآليته والاهتمام بردود أفعال القراء، حيث تعقد الصحيفة اجتماعا في الحادية عشرة صباحا في كل يوم لمناقشة ردود القراء والتي تصل إلى المئات مع أن الوقت لا يزال مبكراً. أعجبت بتفرغ الصحافي لمادة واحدة في الأسبوع إذ يعمل على مادته أسبوعا كاملا لتظهر قصة رئيسية في الصفحة الأولى وتعيين معاونين له، وتذكرت صحفنا ليس في السعودية فقط بل في كل العالم العربي التي تضغط على الصحافي وتعتمد على الكم وليس الكيف، ويظل في صراع يومي من أجل جلب أكثر عدد من المواد من بينها أعمال رديئة أو يعتمد فيها على بيانات إدارات العلاقات العامة! طريقة التفكير المهنية مختلفة جداً. أيضا زرت قناة laquo;bbcraquo; التي كنت إلى وقت قريب أعتقد أنها القناة الإخبارية الوحيدة المحايدة، وتغير هذا بعد أحداث البحرين التي لم تكن هذه القناة محايدة أبداً في نقل أخبارها، بل حاولت التأجيج وصنع شيء من لا شيء.
قد يكون الحدث الأبرز في الإعلام البريطاني فضيحة صحيفة laquo;نيوز أوف ذا وورلدraquo; التي انتهت بعد 168 عاماً من الصدور بعد أن تم كشفها في قضايا تنصت على الهواتف، احترمت الموقف الجماهيري الذي تمكن من إيقاف هذه الصحيفة برغم أنها تعود في ملكيتها لمؤسسة من أهم المؤسسات وهي ضمن المنظومة الاستثمارية للمليونير laquo;جيمس مردوخraquo;، ومع ذلك لم يستطع لا هو ولا ملايينه أن يشتري الضمائر لتستر عورة صحيفته!
وليس بعيداً عن هذا وذاك، فإن حدثاً مهماً حدث أمس الأول مع صحيفة laquo;الإندبندنتraquo; الشهيرة، إذ كسب صاحب السمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز قضية قام برفعها على هذه الصحيفة التي تجنّى مراسلها في الشرق الأوسط laquo;روبرت فيسكraquo; في مقال له على وزير الداخلية زاعماً أنه أمر قادة الشرطة بإطلاق النار على المتظاهرين!
في الحقيقة حكاية المتظاهرين في السعودية تكاد تكون نكتة الموسم، فأين هم المتظاهرون؟ مع ذلك استضافت السعودية مراسلين وصحافيين طلبوا الحضور لتغطية المظاهرات، وحضروا ولم يحضر إلى المكان المزعوم سواهم وشخص واحد يبدو أنه مختل عقلياً، وشاهد هؤلاء الصحافيون الحدث بأنفسهم، ومع ذلك نجد laquo;روبرت فيسكraquo; مستمراً في كذبه، وليست هي المرة الأولى التي يكذب فيها.
ما أردت التأكيد عليه هو أن لجوء وزير الداخلية إلى القضاء خطوة صحيحة حتى يعيد الكاذبون والمزورون حساباتهم قبل أن يتجنوا ويكذبوا علينا، فالقضاء والمحاكم والعدل لهم بالمرصاد!