سمير الحجاوي
تضيق الأنشوطة يوما بعد يوم على رقبة نظام بشار الأسد، ويشتد الخناق عليه داخليا وخارجيا، فهذا النظام الذي اعتمد quot;الحل الدمويquot; لإخضاع الشعب السوري وإجباره على القبول بحكمه المستمر منذ نصف قرن، يخسر مواقعه يوما بعد يوم، فقد بدأت تقارير غربية تتحدث عن إجهاد يحيق بالجيش السوري الذي دخل في معركة مع الشعب، فهذا الجيش المستنفر منذ 6 أشهر يخوض حربا مرهقة ضد المدنيين الذين يفترض أن يقوم بحمايتهم، مما يعرض الجنود لإجهاد نفسي وأخلاقي وجسدي، مما قد يؤدي إلى انهيار الحالة المعنوية للجنود، وهذا ما يفسر انشقاق حوالي 4500 جندي من الجيش ووضع أكثر من 100 ضابط في السجن وقتل عدد من الجنود لرفضهم تنفيذ الأوامر بإطلاق الرصاص على المدنيين كما قال الجنود والضباط المنشقون في أفلامهم الموجودة على الإنترنت، وهذا يعني أن الجيش سيشهد مزيدا الانشقاقات مع توسع دائرة الاحتجاجات والثورة في سوريا ومع ازدياد الزخم الجماهيري.
أما خارجيا فإن النظام السوري يواجه مأزقا كبيرا بعد توالي المواقف الدولية والعربية المنددة بوحشية النظام السوري الذي يستخدم العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين، خاصة الموقف الروسي الذي كان يراهن عليه نظام الأسد للإفلات من العقاب الدولي، فموسكو تبتعد شيئا فشيئا عن حليفها القديم، بل حذر الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف من أن quot;الوضع يأخذ منحى مأساويا وأن عددا كبيرا من الأشخاص قتلوا في سوريا وهذا يثير قلقا هائلا لدينا وأن الأسد ينتظره quot;مصير حزينquot; في حال لم يطبق إصلاحاتquot;، لكن الموقف الذي قصم ظهر نظام الأسد هو الموقف السعودي، فقد طالب الملك عبد الله بن عبد العزيز بشار الأسد بوقف quot;آلة القتل وإراقة الدماء..quot;معتبرا أنquot; ما يحدث هناك ليس من الدين ولا من القيم والأخلاق لا تقبل به المملكةquot; وأن quot;مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما إما أن تختار بإرادتها الحكمة أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياعquot;، وعمدت الرياض إلى سحب سفيرها من دمشق وهي نفس الخطوة التي اتخذتها الكويت والبحرين وقبلهم بالطبع قطر، الأمر الذي يمهد الطريق أمام دول عربية وإسلامية أخرى لسحب سفرائها من دمشق، مما يعني بداية تقويض شرعية الاعتراف العربي والدولي بالنظام البعثي السوري، وفي المواقف الدولية تبرز مواقف ألمانيا وفرنسا وأمريكا التي قالتquot; إن نظام الأسد فقد شرعيته وإن وجود الأسد في سدة السلطة عامل عدم استقرارquot;، وذهبت الإدارة الأمريكية إلى القول quot;إن سوريا ستكون أفضل حالا بدون الأسدquot;، وطالب الأمين العام للأمم المتحدة الأسد quot;بوقف استخدام القوة العسكرية ضد المدنيينquot; ودعت وزيرة الخارجية الأمريكية إلى quot;إعادة الجيش السوري إلى ثكناتهquot;، وصعدت تركيا من لهجتها ضد النظام السوري ووصفت الهجمات العسكرية على حماة والمدة السورية بالوحشية وأعلن رئيس الوزراء التركي إيفاد وزير خارجيته إلى دمشق حاملا quot;رسالة حازمةquot; يحث فيها بشار الأسد على وقف إراقة الدماء.
كل هذا في الوقت الذي يدافع فيه الأسد عن جرائم قواته ضد المدنيين بقوله إن قواته تقوم بعمل وطني quot;بالتعامل مع الخارجين عن القانون من أصحاب السوابق والمخربين المسلحينquot;، فالأسد لا يرى الشعب السوري الرافض لحكمه وحكم حزبه الدكتاتوري أكثر من زمرة مخربة خارجة على القانون بعد أن وصفهم بالجراثيم سابقا.
لا يوجد أمام النظام البعثي الذي تقوده عائلة الأسد وأجهزتهم الأمنية الكثير من الخيارات، فقد منحهم العالم والحكام العرب 6 أشهر للقضاء على الثورة، وأغفل الإعلام كل الجرائم التي ارتكبها في البداية، لكن رائحة الدم في سوريا أصبحت أقوى من أن يتم تجاهلها، وعدد القتلى والجرحى والمعتقلين والمشردين أكبر من غض الطرف عنهم، وأصر الشعب السوري أن يسمع العالم هتافه quot; الشعب يريد إسقاط النظامquot; وquot;الشعب يريد الحريةquot;، ولهذا فإن البساط يسحب بقوة من تحت أقدام بشار الأسد وعائلته وحزبه وأجهزته الأمنية، وهو سقط نظريا ولم يبق سوى أن يسقط عمليا، وهو الأمر الذي أصبح قريب المنال، وكما قال رئيس الوزراء التركي أردوغان إن quot;من دَق دُقquot;.. فالأسد دق المدن والأبرياء، والشعب السوري سيدق النظام لا محالة.
التعليقات