الوطن السعودية

وضعت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حزب الله أمام اختبار حقيقي، حين كشفت عن القرار الاتهامي بحق أربعة متهمين باغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري، وهم من المنتمين إلى حزب الله، أو مناصريه بحسب القرار الاتهامي.
قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين يؤكد على quot;أن المدعي العام قد قدم أدلة كافية بصورة أولية للانتقال إلى مرحلة المحاكمةquot;، ويشير إلى أن ذلك quot;لا يعني أن المتهمين مسؤولون، بل يبين فقط توافر مواد كافية لمحاكمتهم، وعلى المدعي العام أن يثبت، في أثناء المحاكمة، أن المتهمين مسؤولون quot;بدون أدنى شك معقولquot;، ما يعني أن على حزب الله ـ إن كان يرى براءتهم وبراءته ـ ألا يستمر في رفع الشعارات التي تتكئ على العواطف، وتصف المحكمة بأنها محكمة أميركية إسرائيلية، دون اتخاذ أي إجراءاتٍ قانونية حقيقية تدفع التهم عن مناصريه وعنه.
القرار لم يشر ـ بشكلٍ مباشر ـ إلى مسؤولية حزب الله عن عملية اغتيال الحريري، ولم يتضمن أي فقرة تقول: إن العملية كانت لحساب حزب الله، أو بتخطيط من قياداته، وذلك يعني أن الاتهامات موجّهة إلى الأفراد وحسب، لا إلى التنظيم، مما يجعل حزب الله أمام مهمة سهلة، لا تتطلب سوى إعلان فك ارتباطه بالمتهمين الأربعة، وإيقاف الخطاب الإعلامي المدافع عنهم.
حكومة نجيب ميقاتي هي ـ أيضاً ـ أمام اختبار تاريخي لمصداقيتها أمام الرأي العام اللبناني أولاً، والدولي ثانياً، إذ إن عليها ـ الآن ـ أن تؤكد عمليّاً على التزامها بالمحكمة الدولية، بوصفه التزاماً لبنانياً، تجاه عمليّة إرهابية راح ضحيتها رئيس وزراء البلاد، وعشرات آخرون.
إن أي تعطيل لملاحقة المتهمين، والقبض عليهم، يعني أن الجهات التي تقف وراء هذا الفعل ملتزمة أمامهم بحمايتهم، على اعتبار أن ما أقدموا عليه، إنما كان لمصلحتها، أو بتوجيه منها، وهو المعنى الذي ينبغي أن يتجاوزه حزب الله، باختياره المضي في المحاكمة وفق الإجراءات القضائية، دون حشر الشعارات السياسية.
إن الاستجابة لدعوة رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، لحزب الله إلى الإعلان عن quot;التعاون التام مع المحكمة الدولية بما يؤدي إلى تسليم المتهمينquot; في قضية اغتيال والده، لاتعني خضوعاً سياسيّاً، أو انتصار طرف على آخر، وإنما تعني إخراج لبنان من مأزقٍ قد يطول أمد المكوث فيه، ما لم يستشعر الفرقاء مسؤولياتهم الوطنية.