سوسن الشاعر

لو خصصت مساحة هذا المقال مدة أسبوع لنقل ما قاله أعضاء جمعية الوفاق في‮ ''‬إنجازاتهم‮'' ‬التي‮ ‬تحققت بالأدوات الدستورية تبريراً‮ ‬لإعادة مشاركتهم في‮ ‬الفصل التشريعي‮ ‬الثالث لما استطعت،‮ ‬ولكنني‮ ‬أعطيت لكم نبذة بسيطة،‮ ‬ولكم أن تعودوا لموقع الجمعية الإلكتروني‮ ‬وتقرأوا ما قاله الأعضاء في‮ ‬لقاءات صحافية متعددة،‮ ‬أو في‮ ‬ورقة الأمانة العامة التي‮ ‬قدمتها،‮ ‬وكلها كانت قبل الانتخابات الأخيرة،‮ ‬أي‮ ‬لم‮ ‬يجف حبرها الإلكتروني‮ ‬بعد‮!‬ تلك الإنجازات تمت بالطبع من خلال أدوات دستورية أثبتت فعاليتها بتصريحاتهم وإقرارهم أنها قادرة،‮ ‬وأن بإمكانها أن تحقق‮ ''‬إنجازات‮'' ‬ودونها لا‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يحقق أي‮ ‬عضو أو كتلة شيئاً‮.‬ هم‮ ‬يعلمون أن الأدوات الدستورية أتاحت لهم المشاركة في‮ ‬صنع كل القرارات،‮ ‬والمشاركة في‮ ‬إدارة الدولة،‮ ‬ومناقشة الميزانية،‮ ‬بل ورفضها حين تتقدم الحكومة بها كمشروع بقانون،‮ ‬وهذه الأداة هي‮ ‬الأكثر فعالية وقوة في‮ ‬كل برلمانات العالم‮.‬ ليس هذا فحسب،‮ ‬بل إن الأدوات الدستورية تتيح للسلطة التشريعية رد المراسيم الملكية ورفضها،‮ ‬في‮ ‬حين لا‮ ‬يستطيع خادم أن‮ ‬يرد فتوى صادرة من السيد‮! ‬هذه حكمة خذوها مني‮!!!‬ الأدوات الدستورية الديمقراطية لم تكن محصورة في‮ ‬السلطة التشريعية،‮ ‬بل حتى خارج القبة البرلمانية أعطت تلك الأدوات للجمعية الحق أن تكون حزباً‮ ‬سياسياً‮ ‬يدخل انتخابات،‮ ‬ويعقد الندوات،‮ ‬ويسير المسيرات،‮ ‬ويصدر النشرات،‮ ‬ويمول من قبل ميزانية الدولة،‮ ‬هذه كلها حقوق تمتعت بها الوفاق بفضل الدستور الذي‮ ‬أساءت إليه‮.‬ الأدوات الدستورية التي‮ ‬تنتقدها الوفاق أتاحت لأعضائها أو مؤيديها أن‮ ‬يؤسسوا نقابات مهنية،‮ ‬واتحادات نوعية،‮ ‬وتكون لهم صحيفتهم اليومية‮. ‬العديد من الحقوق التي‮ ‬توفرها الأدوات الدستورية لا‮ ‬يتسع المقال لذكرها وتمتعت بها الوفاق وكافة القوى السياسية،‮ ‬هذا الدستور الذي‮ ‬تمتعتم بحقوقه ولم تحفظوا له حقه‮.‬ هذه أدوات لا‮ ‬يحلم بها أي‮ ‬مواطن سوري‮ ‬أو ليبي،‮ ‬حتى تقارنوا بين احتجاجاتكم واحتجاجاتهم،‮ ‬هل‮ ‬يمكن لأي‮ ‬مواطن سوري‮ ‬أو ليبي‮ ‬أن‮ ‬يكون عضواً‮ ‬في‮ ‬اتحاد عمالي،‮ ‬ويكون في‮ ‬ذات الوقت عضو مجلس إدارة لصندوق كـ‮''‬تمكين‮'' ‬رأس ماله‮ ‬يصل لملايين الدنانير،‮ ‬ويكون عضواً‮ ‬في‮ ‬مجلس التأمينات الاجتماعية؟ ألا كيف تحكمون؟‮! ‬ دعكم من الفارق في‮ ‬المستوى المعيشي‮ ‬بين البحريني‮ ‬والليبي،‮ ‬الذي‮ ‬هو في‮ ‬صالح الفرد البحريني،‮ ‬رغم فارق الموارد بين الدولتين،‮ ‬فهذه لم تحسبوها وما كانت لتكون لولا إدارة الموارد التي‮ ‬وفرت ذلك المستوى من الخدمات،‮ ‬فتلك مقارنة أيضاً،‮ ‬ولكن فلنجارِكم ونحصر الجدل في‮ ‬الأدوات الدستورية فحسب‮.‬ الحجج التي‮ ‬سيقت للمقاطعة ما هي‮ ‬سوى ذريعة لتبرير قرار نعرف أن أكثر من نصف أعضاء الجمعية‮ ‬غير راضين عنه،‮ ‬ولكنهم بلعوا الموس وسكتوا،‮ ‬لأنه قرار لا‮ ‬يتخذه من هو في‮ ‬مرتبة خادم‮.‬ في‮ ‬النهاية لا نملك إلا أن نقول‮ ''‬على راحتكم‮''.. ‬ولكنّ‮ ‬البحرينيين أحرار،‮ ‬وهناك من لا‮ ‬يريد أن‮ ‬يخلو المقعد النيابي‮ ‬من شخص‮ ‬يمثله وينوب عنه،‮ ‬هناك بحرينيون‮ ‬يريدون أن‮ ‬يختاروا نائبهم ليساهم هو الآخر بمزيد من‮ ''‬الإنجازات‮''‬،‮ ‬أم أنكم تريدون أن تحتكروا الإنجازات وحدكم؟ الشعب البحريني‮ ‬لن‮ ‬يتعطل ولن‮ ‬يقف‮ ‬يتفرج والسفينة ستمضي،‮ ‬وهناك أحرار في‮ ‬كل مناطق البحرين لا‮ ‬يريدون أن‮ ‬يكونوا خدماً‮ ‬وعبيداً‮ ‬يجمعون النقيضين في‮ ‬عقولهم ويصدقونهما معاً‮.‬ هناك أحرار‮ ‬يحددون قناعاتهم بأنفسهم،‮ ‬ويريدون أن‮ ‬يتمتعوا بحقوقهم وينفعوا وطنهم ومجتمعهم بتعاطٍ‮ ‬إيجابي‮.‬ هناك من‮ ‬يريد أن‮ ‬يراقب الخطة الإسكانية وتوزيع الوحدات،‮ ‬وهناك من‮ ‬يريد أن‮ ‬يبحث عن مخرج لزيادة رواتب القطاع الخاص،‮ ‬وهناك من‮ ‬يريد أن‮ ‬يراقب أوجه صرف المساعدات الخليجية التي‮ ‬وُعدت بها البحرين،‮ ‬وهناك من‮ ‬يريد أن‮ ‬يراقب جودة التعليم وماذا ستفعل الوزارة بتقارير هيئة ضمان جودة التعليم،‮ ‬وهناك من‮ ‬يريد أن‮ ‬يراقب هيئة التراخيص الطبية،‮ ‬وتقارير ديوان الرقابة المالية،‮ ‬ومازالت القائمة أطول فيما‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يحققه النائب والكتل النيابية‮.‬ البحرين بخير والحمد لله،‮ ‬وأهلها من كل الطوائف قادرون على أن‮ ‬يسيروا الدفة،‮ ‬ومن‮ ‬يريد أن‮ ‬ينضم للمركب فعلى الرحب والسعة،‮ ‬ومن‮ ‬يريد أن‮ ‬يأوي‮ ‬إلى جبل‮ ‬يعصمه،‮ ‬فلا نستطيع أن نجبره على ذلك‮.‬ إنما مثلما أُعطيتم حرية الاختيار،‮ ‬ولم ولن‮ ‬يجبركم أحد على المشاركة فتلك حقوق منحها لكم الدستور واحترمنا خياراتكم،‮ ‬نتمنى أن تتمتعوا بقدر من الجرأة بترك الآخرين‮ ‬يحددون خياراتهم،‮ ‬بلا رسائل على الهاتف،‮ ‬أو تهديد أو تصعيد،‮ ‬أو تلميح بحرب أهلية،‮ ‬وغير ذلك مما‮ ‬يفقدكم ما تبقى من مصداقية