أماني خليفة العبسي

كثيراً‮ ‬ما‮ ‬يُجمع الفاتح والدوار،‮ ‬الواقع أنني‮ ‬أحاول النظر للأحداث من منظور إيجابي‮ -‬مع وجود سلبيات ومآسٍ‮ ‬كثيرة للتحدث عنها‮- ‬فالتغيير قد حدث بالفعل والأمور لن تعود إلى ما كانت عليه،‮ ‬هناك درجة تواصل بين الشيعة والسنة‮ -‬أعني‮ ‬على المستوى السياسي‮- ‬لم تكن موجودة‮ ‬يوماً،‮ ‬السنة‮ ‬يقولون بصوت عال اليوم أن مطالبنا تتقاطع إلى حد بعيد مع مطالب الشيعة‮.. ‬وهمنا واحد‮.. ‬الصامتون ذهبوا للفاتح وأعلنوا مطالبهم بصوت عال،‮ ‬وتوجهوا للمدارس وأخذوا جداول الحصص وأعلنوا دعم التهدئة والحوار ورفضهم للتشدد والضغط على شرايين الاقتصاد والتعليم والحياة الطبيعية مع وجود أمل في‮ ‬حوار مفيد ومثمر‮.‬ الإعلام البحريني‮ ‬خرج من شرنقة الأحداث الرتيبة التي‮ ‬ينقلها كل‮ ‬يوم،‮ ‬ومن بروتوكولات تعود لعقود مضت،‮ ‬ومن جو شامي‮ ‬طبخات وأزياء ونصائح اختطه مؤخراً‮ ‬لسبب نجهله إلى عرض الواقع دون تزيين وهذه سابقة،‮ ‬حتى مقالاتنا لا تنقح ولا‮ ‬يطلب منا أي‮ ‬تعديل‮.‬ ما‮ ‬يجمع الفاتح والدوار كثير؛ إلا أن هناك من‮ ‬يريدنا أن نظل نواصب وبني‮ ‬أميه وروافض إلى آخر الأمور التي‮ ‬يعلم الله سبحانه كم هي‮ ‬بعيدة عن تعاليم الإسلام وفلسفته الداعية للوحدة والتكافل والتراحم بين الناس،‮ ‬فما بالكم بين مسلمين،‮ ‬هناك من لا‮ ‬يكفيه سقوط ضحايا وأزمة كبيرة تعصف بنا،‮ ‬فيتعمد إخراج الطلبة من حصصهم،‮ ‬وافتعال فوضى في‮ ‬المدارس،‮ ‬أول المتضررين فيها هم أبناؤنا،‮ ‬هناك من‮ ‬ينثر شعارات الموت والفوضى بين شعارات السلمية في‮ ‬الدوار،‮ ‬وهناك من لا‮ ‬يمانع استمرار الوضع الحالي‮.‬ من الأولويات التي‮ ‬يجب على تجمع الوحدة الوطنية أن‮ ‬يدركها هو أن‮ ‬يضع في‮ ‬اعتباره أن الدوار جزء منا ولا‮ ‬غنى لنا عنه،‮ ‬وأنه إن كان واقعاً‮ ‬جزئياً‮ ‬تحت تأثيرات متطرفة،‮ ‬فإن هذا أدعى لأن نظهر الاحترام والخلق والالتزام بالمسؤولية وبأهداف التجمع التي‮ ‬أرى أن من أهمها توفير البديل الوطني‮ ‬للتكتلات الطائفية وللجماعات المتشددة التي‮ ‬تخطفت الشباب وأثرت على فكرهم،‮ ‬وأن‮ ‬يكون ملكاً‮ ‬وعوناً‮ ‬للطائفتين ولكل المذاهب والأديان بلا استثناء ولا مفاضلة،‮ ‬إن أي‮ ‬شعار سيرفع بأي‮ ‬درجة من التلميح ضد فئة أو مع فئة‮ -‬خاصة أن التجمع الثاني‮ ‬مقرر عقده اليوم‮- ‬سيكون مرفوضاً‮ ‬وسيخرج التجمع عن أهدافه ومغزاه،‮ ‬هذا أمر‮ ‬يجب أن نقوله في‮ ‬قلوبنا ونخلص هذه النية‮.‬ نحن حقيقة‮ -‬سواء الفاتح أو الدوار‮- ‬ضحايا سياسات بطيئة‮ -‬باعتراف سمو ولي‮ ‬العهد‮- ‬تخلت عن أهداف الإصلاح وانخرطت في‮ ‬تخبط وتجارب كلفتنا ميزانيات هائلة،‮ ‬نحن ضحايا القبلية والطائفية السياسية على السواء،‮ ‬وضحايا فساد مرتبط برقابة طارئة لا تدوم ولا تلزم ولا‮ ‬يؤازرها هيكل قانوني‮ ‬فعال،‮ ‬إلا أننا لنكون واضحين ومحددين ضحايا أيضاً‮ ‬للخطاب المتشدد في‮ ‬لندن والبحرين‮.‬ أدين الذي‮ ‬دعا لحزب طائفي‮ ‬شيعي‮ ‬يرجع لمجلس علمائي‮ ‬شيعي،‮ ‬وكأن بإمكانه أن‮ ‬يدعو السنة والشيعة للتوحد في‮ ‬حزب أكبر،‮ ‬أدين الذي‮ ‬يصنف الناس مؤمنين وغير مؤمنين،‮ ‬وأدين الذي‮ ‬يخرج لنا من فريق تشدد مضاد‮ ‬يهتف لولاة الأمر في‮ ‬كل مناسبة بشكل استفزازي،‮ ‬قادتنا نحبهم ونقدرهم؛ لكن الواقع أن هناك أموراً‮ ‬تحتاج تصحيحاً‮ ‬وإعادة لمسار الإصلاح‮.‬ أهل الدوار والفاتح سواء؛ إن عزلنا عنصر التشدد والتطرف ستكون هذه التجربة مفيدة،‮ ‬ولن نخرج منها إلا وكلنا منتصرين،‮ ‬من كل النواحي‮ ‬سواء الصحوة التي‮ ‬حدثت في‮ ‬كل بيت ونهوض الشعب ككل مدافعاً‮ ‬عن حقوقه ومستقبله،‮ ‬سواء وجود فرصة عرض كل المطالب وحق الاختيار أو صوتنا الذي‮ ‬سمعه العالم ومطالبنا،‮ ‬الأمر الذي‮ ‬يجعلنا نثق أن الأمور لن تعود على ما كانت عليه،‮ ‬لكننا اليوم كالمعلق في‮ ‬الفضاء‮ ‬يشتاق للاستقرار وللشعور بجاذبية الأرض وهذا الأمر بالغ‮ ‬الأهمية في‮ ‬قدرتنا على الحوار وتقرير المستقبل