علي حماده

بداية مع أداء الدولة اللبنانية في ما يتعلق بالملف السوري. فللمرة الثانية يبرز المنحى الاستتباعي في سياستها للنظام السوري. فالحكومة تثبت مرة بعد مرة ما سبق ان قلناه فيها أنها حكومة quot;القتلة في لبنانquot; وحكومة quot;القتلة في سورياquot;. ولعل مواقف الديبلوماسية اللبنانية المشينة في مجلس الامن وفي جامعة الدول العربية تدفع بعض القوى المنضوية قسراً الى صفوف الاكثرية الجديدة الى التفكير جديا في مآل حكومة كهذه في المشهد العربي الجديد.
بالعودة الى الثورة السورية والحراك العربي والدولي المحيط بها، لا بد من التوقف عند ما حصل في الجامعة. فالموقف العربي الذي سبق ان قلنا انه في طور التشكل في مواجهة النظام في سوريا يتأكد اكثر فأكثر، والدول العربية المركزية اي السعودية ومعها دول مجلس التعاون ومصر والاردن صارت في المقلب الآخر، وقد اقتنعت حسبما بات معلوما بان الامل في نظام بشار الاسد بات معدوما. والكل يفكر في مرحلة ما بعد بشار، وهذا في وقت اصبح فيه بعض المسوؤلين في الخليج يلقبونه بـquot;بشار حسينquot; في اشارة الى دموية النظام السوري في التعامل مع الشعب الاعزل والتي تذكر بمآثر صدام حسين. ثم ان الثورة السورية صارت حقيقة لا يمكن النظام ولا لأي جهة عربية او دولية تجاوزها. فمع مرور الايام وارتفاع منسوب عذابات الناس وتضحياتهم في سبيل الحرية والكرامة، باتت الثورة السورية في وجدان كل عربي من المحيط الى الخليج، وصارت محط اعجاب العالم لصلابتها وعظمة صبر اهلها على الشدائد، مما عطل الى حد بعيد فاعلية المظلة التي يتمتع بها الاسد في الخارج ان في موسكو او في تل ابيب!
لقد تغير الموقف العربي، وكان بيان مجلس وزراء الخارجية العرب الذي رفضه النظام في سوريا، وارتبكت امامه حكومة القتلة في البلدين، مناسبة ليدرك الاسد الابن ان الحصار الدولي القادم بسرعة قياسية سيلقى مواقف عربية مؤيدة وداعمة. وفي المقابل فإن المعارضة السورية التي تسعى الى التكتل في اطار جبهة موحدة ستحظى عما قريب بجرعات من الدعم عربيا ودوليا. في المستوى الدولي، سيكون النظام في سوريا على موعد قريب مع حظر نفطي غربي، ولاحقا سيكون تعقيد للتعاملات بالاورو بما يسرع في اختناق البنك المركزي الذي سبق ان اوقف التعاملات بالدولار واعلن حاكمه ان على السوريين ان يشدوا احزمتهم. والحال ان المجتمع الدولي مطالب بمزيد من الاجراءات الحازمة في ملاحقة عمليات تهريب الاموال من سوريا الى الخارج في محاولة للالتفاف على العقوبات. واملنا ان يأتي وقت قريب يقتنع فيه رجال الاعمال الكبار في سوريا بان الرهان على النظام الحالي خاسر وقد يغرق بعضهم معه، فيما الرهان على الثورة هو رهان على افلات سوريا من عصر ظلامي عاشته طوال اربعة عقود، وهو استثمار في سوريا جديدة حرة وديموقراطية.
ان قتل الناس بلا حسيب او رقيب كما يحصل في سوريا لن يستمر الى ما لانهاية، ويقين الكثيرين ان مصير الاسد الابن يقترب يوما بعد يوم من مصير صدام حسين.