عدنان حسين


كنت سأصفق بحماسة لرئيس ائتلاف العراقية إياد علاوي لو كان هو في حال غير الحال التي يبدو عليها. وكنت سأحيّيه تحية حارة بأعلى صوت أو بالبنط العريض لو كان هو غير السيد علاوي الذي نعرفه وخبرناه خلال السنوات الثماني الماضية.التصفيق الحماسي والتحية الحارة كان السيد علاوي سيستحقهما عمّا نشرته له صحيفة quot;واشنطن بوستquot; متهماً رئيس الوزراء نوري المالكي بالسعي للتشبث بالسلطة من خلال مزيج من الدعم الإيراني والتواطؤ الأميركي، ومعتبراً أن حكومة المالكي تستخدم quot;تكتيكات دكتاتورية سافرةquot;.

تسويغاً لاتهماته أورد السيد علاوي سلسلة من الوقائع والإشارات والدلائل التي لا يصعب إثبات بعضها مثلما لا يصعب تفنيد البعض الآخر، لكن الجوهري في الأمر أن هذه الاتهامات، حتى لو كانت صحيحة بالكامل، تعيبها نقطة ضعف كبيرة تتجلى في كونها صادرة من السيد علاوي بالذات.
المالكي دكتاتور أو لديه ميول دكتاتورية.. ممكن، لكن هل علاوي بريء على هذا الصعيد؟ ماذا نسمي استقتاله للعودة إلى رئاسة الوزراء بأي ثمن ووسيلة؟ وماذا نسمي تمسكه برئاسة حزبه (الوفاق) منذ إنشائه قبل عشرين سنة حتى الآن؟
المالكي يلعب على الحبلين الإيراني والأميركي.. ممكن جداً؟ لكن ماذا عن علاوي الذي لا يكلّ ولا يملّ من الطيران بين الرياض وأنقرة ودمشق (قبل الانتفاضة السورية) ولندن وواشنطن والقاهرة (قبل إطاحة نظام مبارك)؟
حكومة المالكي، كما كتب علاوي لـquot;واشنطن بوستquot;، تستخدم تكتيكات دكتاتورية سافرة وتقوم بترهيب المعارضة لقمعها... ممكن جداً كذلك، ولكن من هي حكومة المالكي؟ أليس ربع عدد وزرائها، بينهم اثنان سياديان، فضلا عن واحد من ثلاثة من نواب رئيس الوزراء، من ائتلاف علاوي؟.. لماذا يمنح علاوي الشرعية لحكومة هذه تكتيكاتها ببقاء وزرائه فيها؟
ومن هي المعارضة التي يشكو علاوي حال القمع التي تتعرض له من حكومة المالكي؟ أليست هي التي أمسك السيد علاوي ورفاقه في quot;الوفاقquot; وحلفاؤه في quot;العراقيةquot; ألسنتهم عن التنديد بقمعها على مدى أسابيع منذ الخامس من شباط الماضي؟ .. أليست هي التي حرّضها علاوي على التظاهر (بعد تظاهرة أنصار المالكي التي اتهموا فيها علاوي باحتضان الإرهابيين) ولم يرسل نفراً واحداً من مساعديه أو ممثليه إلى ساحة التحرير لمؤازرة المتظاهرين المطالبين بالإصلاح؟
حكومة المالكي مقصّرة في توفير الخدمات العامة.. وهي مقصّرة أيضاً في مكافحة الفساد المالي والإداري وفي تأمين فرص العمل للعاطلين عن العمل .. هذا كله صحيح، لكن أين السيد علاوي وائتلافه؟ ما الذي فعلاه باعتبارهما كتلة برلمانية وحكومية كبيرة؟ كم مرة حضر السيد علاوي إلى البرلمان في هذه الدورة والدورة السابقة لكي يرفع صوته عالياً دفاعاً عن حقوق ناخبيه وناخبي قائمته ولكي يفضح داخل قبة البرلمان تقصير حكومة المالكي كما يفعل كل رؤساء الكتل وزعماء المعارضة في برلمانات العالم؟ أليس علاوي وكتلته من تواطئا مع الكتل الأخرى في تمرير قانون quot;حقوقquot; الصحفيين السيئ؟ أليس هما من يتواطأ الآن مع الكتل الاخرى لتمرير قوانين العفو عن سفّاكي دماء العراقيين والفاسدين ومزوري الشهادات الدراسية والوثائق الرسمية؟
كنا نتمنى أن يكون السيد علاوي في وضع غير وضعه الحالي حتى يكون لكلامه صدى قوي وأثر واضح.