نجاة المضحكي
سيبقى خليفة بيرق البحرين العالي على رؤوس أهل الفاتح ما حيوا وداموا، ومجرد الخوض في إمكانية تنحية رئيس الوزراء الموقر أمر يستفز المشاعر ويقهر النفس، التي حملت لواء العزة والكرامة في ذلك اليوم الذي ذابت فيه قلوب جماهير الفاتح التي تركت بيوتها لتهتف ''الشعب يريد خليفة بن سلمان''، إن إقصاء هذه الجماهير وقبول مبادرة بفكر إيراني إهانة كبرى لا أعتقد أن جماهير الفاتح تستطيع أن تتحملها ولا يمكن حتى التفكير فيها، لأن هذه المبادرة ستجر البلد إلى كارثة، وذلك عندما تتحول المعارضة إلى مارد لا يشبع بعدما أغرته التنازلات. إنها بالفعل مبادرة صناعة حزب الله بحريني شرعي، وذلك بعدما حصلت هذه المعارضة ما حصل عليه حزب الله اللبناني عندما أجبر سعد الحريري على التنحي، وإحلال مكانه حكومة ميقاتي التامة الولاء لحزب الله، وليس هذا ما سيحصل للبحرين فحسب، وإنما كل التضحيات التي قدمتها جماهير الفاتح والصمود، ودخول قوات الجزيرة جميعها ستذهب مع الرياح، حيث كان من الأجدى للدولة أن توافق على طلب مشيمع وإبراهيم شريف وعبدالوهاب حسين والسنكيس والمقداد وعلي سلمان وعبدالرؤوف الشايب وسعيد الشهابي وعيسى قاسم والمدرسي ونبيل رجب من البداية، وتترك الخيار لجماهير الفاتح في أخذ القرار. إن جماهير الفاتح ليست تواقة للدم وليست رأس الفتنة، إنما أهل عزة وكرامة، وأهل حياء وشهامة، لا يمكن أن يساوموا على سلامة البحرين، فسلامة البحرين مقدمة على كل شيء، وسلامة البحرين هي بقاء آل خليفة وكرامتهم، وإن تنحي رئيس الوزراء لن يضرب كرامة جماهير الفاتح بل سيضرب كرامة دولة الفاتح، تلك الدولة الكبيرة التي بناها رجال الفاتح عندما دخلوا محررين البحرين من الاحتلال الفارسي، والذي يجب أن يكون هذا الفتح العظيم علامة لامعة في سماء الخليج العربي، التي كان يجب على قادتها ألا يتقدموا بهذه المبادرة التي ستبلع البحرين، حيث إن هذا التنازل الكبير مخجل في حق الدولة بأكملها، وإذا كانت الدولة تظن أن هذه المبادرة سوف تكسب رضا المعارضة، فإنها بالطبع لا تدرك أن رضا المعارضة هو تعيين السنكيس أو علي سلمان رئيساً للوزراء، وأن تكون وزارة الدفاع والداخلية تحت سيادتهم، بالضبط مثل حزب الله اللبناني، وبعدها سنرى ما يقدمه لنا أصحاب هذه المبادرة، الذين يسعون بكل قوة في تثبيت أركان دولتهم ولا يقبلون رأياً ولا مبادرة في أي شأن داخلي لهم. الجرح الغائر بدأ ينزف، وحالتنا بالأمس أفضل من اليوم، حيث كنا نعيش غمرة العزة ونحن نذود عن وطننا البحرين، لكن اليوم ماذا نقول؛ فالمبادرة إن كانت صحيحة فإننا نقول على البحرين وباقي دول الخليج السلام، ولكن هناك مبدأ ثابت في كتاب الله نود أن نذكر فيه )وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ( على الدول الخليجية اليوم التفكير الجدي بمبادرة تعيد ليس للبحرين مكانتها وإنما سائر دول الخليج العربي، وذلك لن يكون إلا عبر الاندماج في بوتقة الكونفدرالية التي ستذوب فيها الخلايا الإيرانية والمعارضات الموالية لولاية الفقيه التي ستسعى لتحقيقها في بعض الدول الخليجية، كما إن هذه الكونفدرالية ستسد الباب أمام أمريكا وحلفائها، وذلك عندما تفكر بالتحالف مع إيران حين ترى أمامها جيوشاً ضخمة نظامية، وجيوشاً جهادية لا تستطيع مواجهتها، وإن أي مبادرة غير ذلك، لن تكون إلا مثل العراق أولاً والبحرين ثانياً وبعدها العالم الله.
التعليقات