يوسف البنخليل

نؤيد صراحة تغيير النظام الإيراني‮ ‬الحاكم القائم على ثيوقراطية ولاية الفقيه منذ‮ ‬‭.‬1979‮ ‬ولكن أعتقد أن الوضع الحالي‮ ‬يستدعي‮ ‬تحليل الفرص المتاحة من وراء هذا التغيير،‮ ‬وتداعياته على المصلحة الوطنية في‮ ‬البحرين‮. ‬ يمكن فهم هذه المصلحة هنا على مستويين؛ أحدهما إقليمي‮ ‬والآخر محلي‮. ‬ففيما‮ ‬يتعلق بالمستوى الإقليمي،‮ ‬فإن تغيير النظام الحاكم في‮ ‬طهران من شأنه أن‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى الحيلولة دون بروز إيران كقوة إقليمية كبرى مع مساعيها نحو امتلاك القوة النووية،‮ ‬بالإضافة إلى الحد من النفوذ الإيراني‮ ‬المهيمن على عدد من البلدان العربية،‮ ‬وتشمل كلاً‮ ‬من العراق وسوريا ولبنان‮. ‬ أيضاً‮ ‬من التحديات التي‮ ‬تواجهها دول الخليج تأثير النفوذ الإيراني‮ ‬على البلدان المجاورة للحدود الشرقية لمنطقة الشرق الأوسط وتشمل تحديداً‮ ‬أفغانستان وباكستان وحتى الهند‮. ‬وخطورة هذه الهيمنة،‮ ‬أنه بالإمكان استغلال هذا النفوذ في‮ ‬الضغط على حكومات هذه البلدان للدفع بعمالتها الوطنية العاملة في‮ ‬بلدان مجلس التعاون الخليجي‮ ‬للقيام بأنشطة إرهابية أو أنشطة ترمي‮ ‬لزعزعة الأمن والاستقرار‮. ‬وبالتالي‮ ‬فإن التغيير المنشود في‮ ‬طهران من شأنه أن‮ ‬يساهم في‮ ‬تقليل هذا النفوذ بدرجة كبيرة،‮ ‬خصوصاً‮ ‬في‮ ‬ظل الأزمة النفطية القائمة بين طهران ونيودلهي،‮ ‬والمحاولات السعودية لإنهاء نفوذ طهران النفطي‮ ‬في‮ ‬الهند‮. ‬ عانت منطقة الخليج العربي‮ ‬كثيراً‮ ‬من تهديدات إيرانية منذ حرب الخليج الأولى بين طهران وبغداد بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة الدولية،‮ ‬ووقف حركة الصادرات النفطية العالمية من أهم منطقة للنفط على وجه الأرض‮. ‬ولذلك فإن التغيير المنشود سيساهم بشكل كبير في‮ ‬تأمين الصادرات العالمية للنفط من الخليج العربي‮ ‬إلى بلدان العالم،‮ ‬بعد انتفاء أية تهديدات إيرانية بشأن المضيق‮. ‬ بالمقابل فإن التغيير المنشود في‮ ‬طهران سيحد من حالة الصراع الإقليمي‮ ‬في‮ ‬منطقة الخليج العربي‮ ‬التي‮ ‬دفعت دول مجلس التعاون الخليجي‮ ‬إلى سباق تسلح منذ مطلع الثمانينات وحتى الآن‮. ‬ولكن هذا لا‮ ‬يمنع ظهور صراع إقليمي‮ ‬بشكل آخر مستقبلاً‮ ‬بين بعض القوى الإقليمية في‮ ‬ظل المتغيرات الدولية‮. ‬ ننتقل إلى المستوى المحلي‮ ‬لتداعيات تغيير النظام الحاكم في‮ ‬طهران،‮ ‬فمثل هذا التغيير المنشود سيقطع العلاقات السياسية القائمة حالياً‮ ‬بين أنصار ولاية الفقيه في‮ ‬المنامة وطهران،‮ ‬وهو ما‮ ‬يساعد ويشجع على دعم فكرة المرجعية الدينية العربية أو الوطنية،‮ ‬بدلاً‮ ‬من مرجعية ولاية الفقيه‮. ‬ مثل هذا الوضع سيتيح المجال أمام توسيع هامش المناورة والنفوذ للتيارات السياسية الشيعية الأخرى‮ ‬غير المؤيدة لولاية الفقيه،‮ ‬ليكون لديها نفوذ سياسي‮ ‬أكبر داخل النظام،‮ ‬وبالتالي‮ ‬اتساع في‮ ‬شبكة مصالحها الداخلية‮. ‬وهو ما‮ ‬يتوقع أن‮ ‬يؤدي‮ ‬إلى إضعاف تيار ولاية الفقيه النافذ حالياً‮ ‬وسط التنظيمات السياسية الإسلامية الشيعية‮. ‬ وما دام التوقع بتراجع تيار ولاية الفقيه،‮ ‬فإنه من المنطقي‮ ‬أن ترتفع درجة الأمن والاستقرار داخل النظام السياسي‮ ‬البحريني،‮ ‬لتكون هناك خيارات أكثر تنوعاً‮ ‬للحكم في‮ ‬التعامل مع الشأن السياسي‮ ‬المحلي‮.‬