ياسر سعد الدين

بعد نحو خمسة أشهر من القتل والتنكيل والتجاوزات المروعة لحقوق الإنسان وانتهاكات الحرمات والمحرمات، تدخلت الجامعة العربية في الشأن السوري. الجامعة قدمت للنظام السوري حبل النجاة للخلاص من المستنقع الدموي الذي وضع نفسه فيه.
غير أن عصابة الأسد واجهت التحرك العربي بالرفض واعتبرته كأن لم يكن، وهو أسلوب إقصائي أدمنت تلك العصابة عليه في الداخل والخارج، وكان من ضمن سياقه شطب وليد المعلم لأوروبا من الخريطة.
رفض النظام لمبادرة الجامعة رغم مخالفتها لإرادة شعبية سورية ولتوجهات دولية تطالب الأسد بالرحيل والمطالبة بإصلاحات لم تتوقف عند جرائم الأسد المفزعة أو تطالب بمحاكمة القتلة، هذا الرفض القاطع والمتشنج يبرهن على أن النظام لم يكن يوما جادا بالإصلاحات. إصلاحات النظام اللفظية هي للاستهلاك الإعلامي الخارجي وللتغطية على الجرائم والانتهاكات.
الإعلام السوري انتقد سلبية العرب عما يجري في البلاد، لا بل إن المعلم طلب في رسالة سابقة للأمين العام للأمم المتحدة المساعدة في مواجهة الإرهاب والمتطرفين. وحين تحركت الجامعة العربية ولمصلحة النظام تم التعامل مع مبادرتها بالرفض ومع أمينها بالازدراء والاستعلاء.
من مبررات رفض نظام الأسد (القومي البعثي صاحب شعار أمة عربية واحدة والمتحالف حتى النخاع مع آيات قم) هو تدخل الجامعة العربية في الشأن السوري، وهو أمر فعله النظام السوري ومن شهور في المسألة الليبية. كما أن النظام السوري عمد لأكثر من ثلاث عقود وما يزال للتدخل في الشأن اللبناني عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وتحت غطاء الجامعة العربية ومن غيرها تحت مبررات عديدة، فيما يناقض نفسه في موقفه من الجامعة العربية في المسألة السورية.
لن تجدي مبادرة الجامعة ولا غيرها مع نظام دموي وفاسد، فهذا النظام ليس عاجزا عن الإصلاح فحسب بل ولا يرغب فيه. النظام قائم على الفساد ويحكم بعقلية مافوية تشكل أية إصلاحات جدية -وإن كانت جزئية- عملية انتحار سياسية له. إن أي شهادة لهذا النظام برغبته بالقيام بإصلاحات هي بمثابة شهادة زور سياسية مهما كان مصدرها، لا بل وإن مقترفها يشارك الأسد في تحمل وزر جرائمه من خلال إعطائه غطاء لجرائمه ومزيد من الوقت لارتكاب المزيد منها.