غسان المفلح

عنوان المقال بودي أن يشير إلى نقطتين, الأولى تتعلق باستمرار تحفظي على انطلاق أي هيئة للمعارضة السورية من تركيا, وتحفظي هذا كان منذ بدء الثورة السورية ولايزال قائما, وكنت كتبت أكثر من مرة عن هذه النقطة سابقا, والنقطة الثانية لتمييزه عن غيره من المجالس التي قامت أو التي يمكن أن تقوم..
أعلن عن هذا المجلس في 15 سبتمبر الجاري أي بعد مرور ستة أشهر على الانتفاضة السورية, وبعد وصول أعداد الشهداء إلى أكثر من 3000 شهيد وعدد المعتقلين وصل إلى أكثر من 40000 , إضافة إلى اجتياح المدن وتدمير المنازل ونهبها, ومع ذلك أن نصل متأخرين خير من ألا نصل. بداية قبل أي شيء أنا مع دعم هذا المجلس, وليس دعما صوتيا فقط بل يجب الاستمرار في الحوار من أجل الوصول الى مجلس وطني أكثر فعالية وأكثر شبابية وأكثر تمثيلا, وليكن هذا المجلس نواة حقيقية جامعة لفعل مؤسسي يتناسب مع تضحيات شعبنا من أجل الخلاص من هذا النظام الدموي, كما انه يجب على الجميع أن يعرف أن طبيعة الوضعية السورية مع هذا النظام, وعلى مدار اربعة عقود من التهتك والعفونة, والقتل والتدمير الممنهج لقيمة الانسان السوري, من الصعب أن تجمع القوى السياسية السورية على مؤسسة واحدة, فدعونا لا نتحسب دائماً لهذه النقطة, ولما يمكن أن يصدر من اعتراضات على هذه المؤسسات, لكن الملفت للانتباه في كل مؤسسات المعارضة, أنها لاتزال تعتمد على معايير شخصانية وحزبوية ضيقة إلى حد ما, مع حفظ الفارق بين مؤسسة وأخرى. ولا يخلو هذا المجلس من هذا المثلب, رغم ذلك نقول أننا بهذا المجلس قد خطونا خطوة للأمام, خصوصاً أنني لمست أنه حقق اجماعا نسبيا في الداخل, طبعا اللهم ماعدا التيارات التي تجهز لجلسة حوار كبرى مع النظام. وأتمنى أن يكون هذا الاجماع النسبي حافزا لهذا المجلس الذي يجب أن يركز على البرنامج والأهداف لتلافي التباينات الأيديولوجية والسياسية بين مكوناته, وأزعم أن إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في الداخل قد اعطى ضوءا أخضر لممثليه في الخارج لكي يشاركوا في هذا المجلس.
ثمة ملاحظة أخرى نعود لنكررها هنا, وهي ان التيارات غير الاسلامية في المعارضة السورية تيارات تغيب عنها العملية المؤسسية والعقلية المؤسسية, كل يساري أو ليبرالي أو قومي يعتبر نفسه مؤسسة بحد ذاته, وليس ذاتها أيضا! ولهذا لا يجب أن نحمل التيار الإسلامي المسؤولية في أن لهم في كل عرس القرص الأكبر. ومن جهتي أيضا أرحب بمن كانوا حتى الانتفاضة مع السلطة ويلمعون صورتها في الخارج, لكن مع سؤال مهم وأولي: ماذا باستطاعتهم تقديمه لدعم هذه الثورة والوصول لأهدافها? وهؤلاء كثر وباتوا يحتلون قسما مهما من شاشة الفعل المعارض.
أنا أثق بمجلس فيه خالد الحاج صالح وعبد الباسط سيدا ومحمد العبدالله وحسام قطلبي وعبدالرحمن الحاج وعمر أدلبي وعفراء جلبي ووجدي مصطفى, والأسماء كثيرة, مهما كانت الأسماء التي تحيط بهم! على الأقل لن يمرروا أي اجندة لا تخدم ثورة شعبنا وايا كانت المصالح التي تقف خلفها والتي لا يخلو هذا المجلس منها, بل يوجد منها الكثير, وفق معرفتي المتواضعة لهذه الأسماء وغيرها.
دعونا نقول لتكن هذه النقلة محصلة لما سبق وبداية لما يأتي من أجل إنتاج مؤسسة المطلب السوري والذي عبر عنه شبابه بدمائهم, وليس إنتاج مؤسسات حزبية أو موالية لهذا التيار أو ذاك, ورغم تحفظاتي التي ذكرتها مرارا على التيارات الاسلامية, إلا أنني لا أجد ما يمنع مطلقا من حرص أكثريتهم على العمل السوري المدني. ولهذا يمكن لي أن أطرح ببساطة ما أراه من مهمات عاجلة لهذا المجلس ووفقا لبيانه التأسيسي: أولا الضغط من أجل مطلب حماية المدنيين, وثانيا الضغط من أجل رفع الشرعية عن هذا النظام وسحب الدول لسفرائها من دمشق. هذه مهمة ملحة ولا تقبل التأجيل والمطمطة, إضافة لاستمرار التفاعل والحوار مع كل أطياف المعارضة, أقله من أجل إدارة الاختلاف لمصلحة أهداف الثورة, وليس من أجل مزيد من الشقاق, ودعونا كما قلت على صفحتي على quot;الفيسبوكquot; نتمنى لهذا المجلس النجاح, ونعمل كل من موقعه من أجل تذليل كل العقبات التي يمكن أن تعترض الوصول لمؤسسة معارضة تمثيلية حقيقية وناجحة وفعالة وبأسرع وقت ممكن لأن الوقت هو دم شبابنا السوري في الداخل.
نقطة اخيرة: مطلب الثورة السورية واضح هوquot; سورية دولة القانون والمؤسسات وحقوق الانسان, بعد إسقاط النظامquot;, وهو ما يجب أن يكون الجامع لعمل المعارضة بكل تياراتها. والاستمرار في محاولة اقناع الجهات المعارضة التي لاتزال ترى في الحوار مع النظام امكانية ما, بأن سورية لن تتعايش مع هذا النظام بعلاقاته وشخوصه.