خالد بن حمد المالك

لا يستطيع المراقب أن يتنبأ مسبقاً بما سيتحدث عنه سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز عندما تكون هناك مناسبة يرعاها، أو اجتماع يرأسه، أو مؤتمر صحفي يجيب فيه عن أسئلة الصحفيين، فنايف من عادته أن يكون واضحاً وشفافاً وصريحاً ومعبِّراً بصدق عن أهم القضايا والمستجدات المحلية والدولية التي تهم الوطن وتمس حياة المواطنين، ما لا يمكن أن يقوله بهذا السقف العالي من الدقة والوضوح إلا وزير الداخلية والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير نايف بن عبدالعزيز.

***

وهذه الشخصية الهادئة المتسمة بالتواضع في كل تعاملاتها، والتي تبدو قريبة من الناس لاهتمامها بكل التفاصيل عن متطلباتهم، هي ذاتها الشخصية القوية التي لا تتسامح عن خطأ يسيء للوطن أو يضر بمصلحة المواطنين، لكن شيمها وعاطفتها تستحضر دائماً مبادئ العفو والعطف والرحمة وبأريحية كبيرة حين يكون الخطأ صادراً عن اجتهاد أو تصرف غير موفق، وصاحبه بلا سوابق، ولديه استعداد صادق بعدم تكراره، ومعتذراً -لا لبس فيه- عن كل ما ترتب على سلوكه من إساءات وأضرار لامست الحق العام وحقوق الآخرين.

***

وليس بوسعنا أن نستشهد بكل المواقف التي تميزت بها شخصية الأمير نايف بن عبدالعزيز في تعاملها الحكيم مع التطورات الخطيرة التي مرت بها المنطقة وتحديداً المملكة، والمعالجات المسؤولة التي ترجم سموه من خلالها قوة النظام الأمني بالمملكة في تصديه لكل الخروقات والأعمال الإرهابية التي قامت بها فئة ضالة محسوبة أو غير محسوبة على الوطن، إذ إن مواقف الأمير نايف في ذلك أكثر وأكبر من أن تحصيها وتوثقها كلمة صغيرة وعابرة كهذه الكلمة، فهو حاضر في كل موقف وله عندئذٍ تصرف حكيم وقرار مؤثر وتعامل مقدَّر، وهكذا هم القادة الذين يزنون الأمور بميزان العدل والإنصاف مصحوبة بالرحمة والمعالجة بالتي هي أحسن، مع الاحتفاظ بحق المواطنين والمقيمين بأن يعيشوا في بلاد تتميز بالأمن والاستقرار.

***

يكفي أن تقرأ كلمة سموه المرتجلة والعفوية التي ألقاها خلال ترؤسه الجلسة الأولى لمجلس منطقة المدينة المنورة في دورته الثالثة، حيث بشَّر المواطنين من خلال هذه المناسبة بأن الملك عبد الله بن عبد العزيز يهدف بأن لا يبقى مواطن واحد من دون سكن، وأن هذا يأتي في سياق اهتمام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بمناطق المملكة كافة وبالمواطنين جميعاً، وأنه قد وجَّه الوزراء بتنفيذ ما أُقِرَّ في ميزانية الدولة بشكل لا يجعل هناك وفراً في الميزانية.

***

نايف بن عبد العزيز بما يحمله من مسؤوليات جسام، وأعمال كبيرة، يحرص في كل مناسبة على إرسال رسائل ذات أهمية للمواطنين، فها هو هنا يدعو كل وزراء الخدمات إلى أن يلتقوا بأعضاء مجالس المناطق، وأن عليهم أن يستمعوا إلى وجهات نظرهم في كل ما هو مخصص للمنطقة، بل إن سموه ذهب إلى ما هو أكثر من ذلك بكثير، حين أعلن أن أي مشروع أو عمل في أي منطقة ينبغي أن لا يتم ما لم يكن مجلس المنطقة على اطلاع عليه لإبداء المرئيات إن وُجِدتْ.

***

وفي ذات المناسبة، وفي جزء من كلمته الشاملة، قال إن مجالس المناطق يجب أن تُفعَّل بشكل أكثر، وتشارك مشاركة فاعلة في مشاريع المنطقة. إنه بذلك يضع يده الكريمة على الجرح، فيعلن أن أمام مجالس المناطق مسؤوليات ينبغي أن يضطلعوا بها ويهتموا بما يرضي ويريح ويحقق آمال المواطنين، إذ لا قيمة للمجالس دون تفعيلها على هذا النحو وبمثل هذه الرؤية التي طرحها وزير الداخلية.

***

والأمير نايف الذي قال لأعضاء مجلس المنطقة في المدينة المنورة إن عليهم بذل الجهد في سبيل راحة سكان منطقة المدينة المنورة، مفصلاً ذلك بالدعوة إلى الاهتمام بالخدمات الصحية وأن تكون لها الأولوية من الاهتمام، بحيث تكون شاملة وجاهزة لاستقبال أي مريض في أي وقت، هو الأمير نفسه الذي قال إنه كان لزاماً عليه أن يلتقي بجميع مجالس المناطق في كل منطقة للاستماع منهم عما لديهم ومناقشة الأمور التي هي في صالح كل منطقة، مع أنه أكد بأنه يطلع ويتابع جهود المجالس قبل انعقاد الاجتماع السنوي لأمراء المناطق.

***

ما أثار انتباهي ضمن أمور كثيرة، أن الأمير نايف في كلمته أدرك بحكم مسؤولياته ومتابعاته أنه على علم بتأخر تنفيذ بعض المشروعات على امتداد الوطن، ولهذا فقد سارع إلى القول إن على المسؤولين إزالة كل الأسباب التي تعطلها وترسيتها على الشركات القادرة على التنفيذ فقط، وهو توجيه كريم يفضي إلى إنهاء ظاهرة الأسباب غير المبررة في تأخير إنجاز المشروعات المعتمدة في ميزانية الدولة، ما يعني أنه لم تعد هناك أسباب يتكئ عليها أي مسؤول للتهرب من المسؤولية في عدم إنجاز ما هو مطلوب منه.

***

بل إن سموه وضمن ما تتميز به لقاءاته مع المسؤولين والإعلاميين والمواطنين، وعد بأنه سيتحدث مع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد من أجل منح مجالس المناطق صلاحيات أوسع لتمكينها من أداء مسؤولياتها بشكل أفضل، وهذه استجابة كريمة سوف تلقي بظلالها إيجابياً لصالح تفعيل مجالس المناطق التي ربما اشتكى المواطنون من حين لآخر من أنها لا تقوم بمسؤوليات تنسجم مع الآمال والتطلعات والنظرة المتفائلة التي كانت ضمن الانطباعات في بدء قيام هذه المجالس.

***

في كلمة الأمير نايف توقفت عند فقرات وعناوين عريضة وكثيرة تمثل بعض ما كان مثار تساؤل لدى عدد من المواطنين، فإذا بأميرنا لا ينتظر من يسأله عنها، ها هو يقول إن بلادنا آمنة ومنافذها مفتوحة للجميع، وأنه لا قيود على المواطنين أو المقيمين في الخروج والدخول، مع أنه يتسرب من خلالها المفسدون والمخربون، مؤكداً أن مائتي محاولة للإفساد والتفجيرات والتخريب تم إفشالها من قبل رجال الأمن، فالمملكة مستهدفة من جهات متعددة - كما يقول سمو الأمير - وبالتالي فإن المواطن ورجل الأمن لن يسترخيا بانتظار أن يتعرض أمن البلاد للتهديد والعدوان.

***

في كلمة سموه ومضات كثيرة، وأفكار جديرة بالتعليق، وآراء تجيب عن كثير من الأسئلة وبخاصة حين تحدث عن ارتفاع الأسعار، فأكد أن الزيادة الفاحشة في الأسعار حين تأتي من الداخل، أو حين يستغل ظرف معين بدعوى عدم وجود مخزون وبخاصة في المواد الغذائية، فإن هذا أمر غير مقبول ولا ينسجم مع توجه الدولة، وبالتالي فإن على وزارة التجارة والإمارات متابعة ذلك، وإعطاء الحقائق لصاحب القرار، فرفعة وطننا وسعادة شعوبنا والاهتمام بشبابنا من الضروريات كما يقول سموه. وفي اعتقادي أن هذه مسؤولية رجال الأعمال كما هي مسؤولية الجهات المسؤولة، ومن الطبيعي أن يتحمل الجميع كل من موقعه المسؤولية في ذلك.

***

وهكذا هو سمو الأمير نايف، لا يتحدث من فراغ، ولا يقول إلا ما يؤمن به، وهو قريب من الهموم والتطلعات والآمال التي يمر بها كل مواطن، وعلى يديه وبتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، تُعالج الأمور ويُستجاب لمطالب الناس، وتبقى العين ساهرة على أمن الوطن واستقراره.