حسين مرتضى

تبدو الأحلام الأتاتوركية ومحاولات العودة إلى الطربوش التركي التقليدي، ومقولة (إن التاريخ يعيد نفسه)، الأكثر دقة في توصيف السياسة التركية تجاه المنطقة العربية، ولكن هذه المرة لم تكن سياسة النصائح الملزمة هي المتبعة في السياسة التركية بحق سورية، بل كان المستهدف النساء السوريات في مخيمات المهجرين السوريين على الحدود التركية السورية الذين هجرتهم المجموعات المسلحة من جسر الشغور للضغط على القيادة السورية.
بكل تأكيد الجميع علموا بالممارسات التي تؤكدها الوثائق، عن اغتصاب 400 فتاة و250 امرأة من السوريات داخل مخيم (بوينويوغون) في منطقة التن اوز، ونشرت في صحيفة اطلاعات وباريف وايدلك التركية، تلك المأساة الإنسانية التي تدل على استهداف هذا المشروع لسورية بكاملها، شعباً وقيادة، ورأى العالم أجمع نفاق حكومة laquo;العدالة والتنميةraquo; التي تنتهج وتنظر للمشروع laquo;الإسلاميraquo; في المنطقة، ولم تحرك ساكناً، ضمن كوميديا سياسية فجة، عند توزيعها وصفات جاهزة حول الديمقراطية وحقوق الإنسان، على من كانت تعتبرهم في يوم من الأيام الشريك والجار، واكتفائها بدور الكومبارس للغرب بعد أن فشلت في إتقان دور المايسترو في الشرق الأوسط.
والمستهجن في الأمر، أن من يسمون أنفسهم المفكرين الإسلاميين، وحماة laquo;الربيع العربيraquo;، لم يهمس أحدهم في أذن أردوغان، الذي يقف أمام الإعلام، مطالباً سورية بمزيد من الإصلاحات، أن ما اقترفه الأتراك وعملاؤهم من جريمة ومأساة إنسانية لا يغفرها التاريخ، الذي سجل حالات مماثلة في فترة الاحتلال العثماني لمنطقتنا، والأكثر استغراباً أن هذه الجريمة لم تحرك النخوة العربية، لدى من سموا أنفسهم laquo;الثوارraquo;، وهم أنفسهم الذين أطلقوا تسمية laquo;جمعة حرائر سوريةraquo; على أحد أيام الجمع، وكأنهم في غيبوبة، ولا يشغلهم إلا إدارة الفوضى، بعد أن فرغت جعبتهم من القضايا المطلبية التي تم اللعب عليها بكثير من الدهاء، وتفضيل المصلحي على المبادئ والقيم، فضلاً عن المضي في تحطيم البنى العليا وتهديم النماذج الحضارية والإنسانية للإنسان السوري، وتقزيم المنجزات والإساءة إلى الهامات والشخصيات التاريخية والوطنية على السواء، وفوق هذا كله لم نسمع لهم موقفاً واحداً حول تلك الجريمة، كل تلك المسميات التي تخالف مضامينها، فمن أطلق تسمية laquo;جمعة حرائر سوريةraquo; كان الأحرى بهم اتخاذ مواقف مبدئية من حليفهم التركي الذي فتح لهم أرضه، فأقاموا مؤتمراتهم و بثوا إشاعاتهم، وهناك تم اغتصاب بناتهم ونسائهم.
والسؤال الملح حول تداعيات هذه الجريمة، ترى ما موقف رزان زيتونة ومرح الأتاسي ولمى الأتاسي وبسمة قضماني وسهير الأتاسي وبهية مارديني وخولة يوسف وغيرهن من laquo;حرائرraquo; المعارضة بهذا العمل المدان بكل الشرائع؟!
ولكن على ما يبدو أن شريعة laquo;الثوراتraquo; المدعومة من قوى الاستكبار العالمي، والتي تحاول فرض الحلم الصهيوني على الواقع العربي، وبالذات عبر استمرارها في محاولات كسر ثالوث المقاومة والممانعة المتمثل بسورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والمقاومة الفلسطينية واللبنانية.

الوطن السورية