علاء عريبي

كلمة الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، أول أمس يفهم منها ضمنا أن الجماعة تفكر في تحقيق نظام الخلافة الإسلامية، وأنهم بعد أن ينظموا المجتمع المصري ويفرضوا سيطرتهم عليه من خلال تطبيق خطابهم الديني، فإنهم سوف يلتفتون إلي التفكير في تطبيق نظام الخلافة الراشدة، أو كما قال تحقيق الغاية العظمي،

وهذه الغاية كما حددها الشيخ حسن البنا، وكما أوضحها الدكتور بديع في كلمته، تبدأ بإصلاح الفرد ثم بناء الأسرة، ثم إقامة المجتمع ثم الحكومة، فالخلافة الراشدة فأستاذية العالم.
وقبل ان يزحف الإخوان علي البلدان العربية والإسلامية لتحقيق الخلافة، وقبل أن يفردوا أجنحتهم ويمدوا سيقانهم علي الكرة الأرضية لفرض ما أسموه بأستاذية العالم، يجب أن نناقش ماذا لو استيقظنا صباحا واكتشفنا أن الإخوان والسلفيين هم الذين يشكلون الحكومة؟، ما هي المخاوف الحقيقية من وجودهم في الحكم؟، وهل سيفرضون علينا الشريعة أم خطابهم الشرعي؟، هل سيطبقون علينا فهمهم المتشدد للشريعة أم سيتركون للأزهر ودار الإفتاء تحديد الخطاب الديني؟.
بداية نؤكد أن للجماعات الدينية المعتدلة والمتشددة حقاً أصيلاً في التعبير عن تطلعاتها، ونؤكد أيضا حقهم في السعي إلي كرسي الحكم، وفي تصور شكل وهوية الدولة التي يحلمون بها، طالما أن مساعيهم وأمانيهم وأحلامهم هذه تأتي في إطار الدستور والقانون. لكن ما يثير المخاوف أن البعض منهم يخلط عن عمد أو غير عمد بين تطبيق الشريعة وبين مطبق الشريعة، أو بين الشريعة والخطاب الشرعي للمتسلط علي الحكومة، بمعني ثالث يخلطون بين الشريعة وفهمهم هم للشريعة، ويعتقدون أن تفاسيرهم لنصوص القرآن وللسنة النبوية هو صحيح الدين، وأن من يعارض أو ينتقد هذا الفهم أو هذه التفاسير فهو بالضرورة ينتقد ويعارض صحيح الدين، ينكر ما هو معلوم بالضرورة، أي أنه ينكر والعياذ بالله كلام الله وسنة رسوله، وهنا هو من الكفار وعليهم استتابته بعدها قتله، لأنك اعترضت علي فهم او اجتهاد أو رأي أحدهم في مسألة شرعية، أصبحت كافرا ووجب تطبيق الحد عليك.
التجربة العملية أوضحت خلال السنوات الماضية الغلو في الفهم والتشدد في التطبيق، وليس بعيدة عنا فتاوي التكفير، وإباحة قتل المخالفين سياسيا، وإباحة سرقة أموال غير المسلمين، وليس بعيدا عنا كذلك وصف المجتمع بالجاهلية. تاريخ أغلب هذه الجماعات يشهد ضدهم وليس معهم، ومراجعاتهم وعدولهم عن بعض المفاهيم خير دليل عما نتحدث عنه.
ولماذا نذهب بعيدا ونستحضر شواهد من التاريخ ونحن نعايش الجماعات السلفية، حيث ظهر علي الساحة مؤخراً العديد من الفرق، تجمعت حول خطاب ديني أقل ما يوصف به التشدد، حيث ينتج بعض مدعي العلم بالدين والقدرة علي الفتوي، العشرات من الآراء التي تنسجم ومزاجهم الحاد ورؤيتهم السوداوية للمجتمع، حيث توافقوا والحمد لله علي كراهية الآخر واقصائه، كان هذا الآخر مسلماً مثلهم أو مسيحياً.
هنا نعيد ونكرر انه يجب قبل التفكير في الخلافة أو الأستاذية علي العالم أن نميز أولا بين الخطاب والشريعة، ومن حقنا أن نعرف هل سيفرض علينا الخطاب الشرعي للإخوان أم خطاب السلفيين؟.
ومن الضروري والإخوان علي أعتاب تحقيق الغاية العظمي، ان توضح لنا موقفها من بعض النقاط الأساسية: ما موقفكم من المصريين غير المسلمين؟، هل سيطبق عليهم خطابكم الديني أم سنتركهم لشريعتهم؟، المرأة هل ستتمتع بحرية التعلم والعمل والتجول والمشاركة السياسية وارتداء الحجاب؟. الفن هل ستسمحون بالمسرح والسينما والغناء والبالية والأوبرا والرسم والتصوير والنحت؟، وما هي حدود الحرية التي ستتاح للأعمال الفنية؟، الآثار.. هل هي أوثان يجب تحطيمها؟، بعض الألعاب الرياضية مثل الملاكمة هل ستبيحونها أم ستحرمونها؟، هل ستسمحون للمعارضة بحرية التعبير والعمل والنقد؟، هل الصحافة ستظل علي حريتها أم النقد حرام لأنه ينتقد الخطاب الشرعي؟، هل ستغيرون القوانين بما يتناسب وخطابكم الديني أم وخطاب السلفيين؟.
والأهم من هذا وذلك هل ستغيرون الدستور بما يتوافق وخطابكم أم وخطاب السلفيين؟، وما هم المسمي الذي ستطلقونه علي الحاكم؟، هل الحاكم سيعرف في مرحلة ما قبل تحقيق الخلافة والغاية العظمي، بالوالي أم الخليفة أم الرئيس؟، ومستقبلا هل الخليفة سيكون حاكم الدولة الأغني ماليا واقتصاديا أم الأقوي سياسيا؟، وهل ستفرض الخلافة بالمبايعة أم باحتلال هذه البلاد وعزل حكامها وتعيين ولاه للخليفة؟.