سمر المقرن

ما زلنا كشعوب عربية نتألم كل يوم على أشقائنا في سوريا، ننتظر ما الذي ستسفر عنه نتائج بعثة المراقبين، هذه البعثة التي أتت كمبادرة تُحسب لصالح الجامعة العربية. وفي اعتقادي أن ما قرأنا من تصريحات تنظر تجاه هذه البعثة بقصور، كان آخرها تصريح رئيس البرلمان العربي علي الدقباسي، فإنها بسبب الصدمة التي صفعت وجه العرب جميعهم في استمرار النظام الأسدي مع وجود أفراد البعثة في عمليات الانتهاك والقتل وإسالة مزيد من الدماء، وإن كنت شخصياً قد توقَّعت هذا، فنظام الأسد لا يرى أن أحداً فوقه، فمن تحدى الله -عزَّ وجلَّ- فكيف ستكون نظرته للبشر؟ أضف إلى هذا أن المتتبع للأحداث من بدايتها وما فيها من تحد - أسدي- لكل العالم من خلال مجاهرته بجرائمه، بل تصويرها ونشرها على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، سيفهم أن نظام الأسد لن يردع جرائمه أفراد بعثة المراقبة، أو تقصي الحقائق، هذه الجرائم التي ظهرت وما زالت تظهر على الملأ! هذه الانتهاكات لها تاريخ طويل، فهي لم تظهر مع شهر مارس الماضي وقت الثورة، بل إنها جرائم ممتدة على مدى تاريخ زاد عن الأربعة عقود، تم خلالها استهداف الشعب السوري في بنيته التحتية، ونظامه الاجتماعي، والتشريد على مدى كل تلك السنوات شاهد إثبات على هذا.

الأمر الآخر، الذي قرأته من خلال تصريحات الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي. عن عمل بعثة المراقبين، حيث ذكر بعض النتائج الإيجابية لهذه البعثة من بينها: نجاحهم في إدخال المساعدات الغذائية، وإخراج جثث من مدينة حمص، وهذه الأعمال الجليلة لا أتصوّر أن أفراد البعثة وحدهم قادرون عليها، فهي تحتاج إلى مزيد من المختصين، ونحن أيضاً ننتظر على أحرّ من الجمر تقرير هذه البعثة التي ذهبت من أجل تقصي الحقائق.

منذ بداية وصول البعثة إلى سوريا، تحدث المجلس الوطني الانتقالي عن عدم قدرة البعثة على القيام بمهامها، بسبب أن النظام السوري سيحجب عنهم ما يريد وسيطلعهم على ما يريد. وأزيد على ذلك، أن النظام السوري مستمر في عمل أفلام هزيلة أمام البعثة، من أجل إلصاق التهمة بـraquo;القاعدةraquo;، وكلنا يعرف أسلوب القاعدة في ارتكابها للجرائم الإرهابية، وكلنا يعرف أيضاً أن القاعدة لم تتبرأ في يوم ما من أي عمل إجرامي قامت به، وكلنا يعرف أن لا وجود للقاعدة في سوريا، وهذه الحجج باتت واهية وضعيفة، وعلى نظام الأسد أن يكون أكثر شجاعة في مواجهة الواقع، لأن laquo;العربraquo; ليسوا بهذه السذاجة لتنطلي عليهم تلك السيناريوهات الهزيلة، بما في ذلك شبيحة القنوات الفضائية!

مع كل هذه الجهود العربية، بما فيها بعثة المراقبين، فباعتقادي أن المجلس الوطني السوري، الذي تم تشكيله في تركيا، هو الحلقة الأهم في كل هذه الدائرة، وهو حتى الآن لم يقم بالدور المنوط به، نظراً للتشكيلة المتنوِّعة من المعارضين والتي نجح النظام الأسدي في بث الفرقة وزرع عناصر من الشبيحة داخل صفوفها منذ سنوات طويلة، نتيجة لذلك هذه الخلافات والتحركات الفردية التي نسمع عنها وتسيء للمعارضة السورية، وتهدف إلى شق الصفوف، مما أثار غضب الشعب السوري تجاه المجلس بأخياره وأشراره.

إن بداية تشكيل المجلس الوطني، كان الخطوة الأولية للتنظيم السوري الذي يهدف لمصلحة الشعب، وإن لم يعد المجلس تنظيم صفوفه، فإن الخاسر الأول هم السوريون، والمكاسب لبشار الأسد وزمرته، ولن تنجح أي مبادرات عربية إن لم يكن بجانبها مجلس معارضة قوي، لذا مع كل الجهود العربية، فإن الكرة ما زالت في ملعب المجلس الوطني!