عدنان فرزات


فجأة نبتت للسياسيين المنشقين عن النظام السوري أجنحة، وصاروا ملائكة يحلقون في فضاء الحرية، ينثرون ورود الأمل، ويدلون بتصريحات ولقاءات عن الديموقراطية الجميلة laquo;الحسناءraquo;، وكأن هؤلاء ليسوا هم أثناء وجودهم في السلطة، من سهر مع هذه الحسناء في أحد فروع الأمن.
من المنشقين السابقين، الذين تابوا عن معصية السلطة، ولحقوا بربيع المعارضة، رفعت الأسد، وقد كثرت في الآونة الأخيرة تصريحاته عن الديموقراطية، معلناً براءته مما اقترفه النظام منذ تأسيسه. وراح يتحدث بثقة مطلقة على أنه هو الشخص المخلص laquo;الذي سوف يقود سوريا إلى مرحلة انتقالية، ليقرر الشعب بعد ذلك مصيره بانتخابات حقيقية. وآخر هذه التصريحات، جاءت على لسان رفعت الأسد عبر لقاء أجراه معه راديو سوا، ونقله موقع laquo;كلنا شركاءraquo;. وفيه يكشف الرجل عما أسماه مبادرة عائلية دبلوماسية يتم من خلالها الطلب من الرئيس السوري التنحي، حتى هنا الأمر طبيعي، ولكن ما هو البديل بنظر رفعت؟!.. البديل هو طبعا، لمرحلة انتقالية كما وصفها بقوله: laquo;دوري سيكون وطنياً بالدرجة الأولى وسوف نحرص على المصداقية أمام الوطن والشعب العظيم وتنفيذ بنود المبادرة عند إصدارهاraquo;.
وطمأن رفعت الشعب إلى انه سيقوم بتسليم السلطة إليهم، ولن يلتصق بكرسيها، قائلاً laquo;بعدها سأكون ضمن مجلس أو مؤتمر يشرف على المرحلة الانتقالية كجزء من الرقابة والقيادة الجماعية من أجل أداء جيد وكتابة مستقبل سوريا الحضاري والديموقراطي، ولن أكون متمسكاً بسلطة أو منصب بعد المرحلة الانتقالية، بل أكون بعدها كأي مواطن يعيش على أرض سورياraquo;.
هكذا ببساطة، وكأن أرض سوريا بلا ذاكرة!.. وكأن المدن فيها نسيت سرايا الدفاع التي كان رفعت يرأسها ثم تبرأ منها مؤخراً في لقاء تلفزيوني أدلى به لقناة العربية قبل أسابيع قليلة، واعتبر من خلاله أنه لم يكن رئيساً لهذه السرايا، حقاً نحن شعب laquo;مفترٍraquo;!
خلال الثورة المصرية، ظهر حسني مبارك وهو يعدد مناقبه وlaquo;جمايلهraquo; على الشعب المصري الرائع، فما كان من أحد المتظاهرين إلا أن رد عليه بقوله: laquo;يا أخي شكر الله سعيكمraquo;.. ومرادف هذه العبارة بالسوري: laquo;شكراً بس حل عناraquo;.
الشعب السوري اليوم يريد ان يكون كل شيء جديداً، فهو لم يقدم هذه التضحيات من أجل أن يرجع إلى ما قبل الوراء.
رفعت صرح قبل فترة في لقاء قناة العربية نفسه، بأنه خرج من بيته في دمشق - وهو في طريقه إلى خارج البلاد - دون أن يأخذ معه حتى ثيابه. حسناً فهو إن كان يفكر اليوم بالعودة لأخذ ثيابه، فلا داعي لأن يتكبد هذا العناء، فالشعب مستعد لأن يرسلها إليه بطرد بريدي حيثما يكون.