الجزيرة السعودية


بدلاً من أن تساعد بعثة المراقبين العرب إلى سوريا على تهدئة الأوضاع، والتمهيد لبدء تنفيذ بنود المبادرة العربية، التي تتضمن وقف القتل والعنف في المدن والشوارع السورية، وإعادة الجيش إلى مقاره، وبدء حوار وطني، أضافت تأزماً إضافياً للأزمة المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، وانتقل الاختلاف حول جدوى عمل المراقبين العرب من المؤيدين لها والمعارضين إلى صفوف المراقبين أنفسهم؛ فبعد عودة بعض المراقبين، وإصابة آخرين، أعلن المراقب أنور مالك من الجزائر انسحابه من مهمته، والعودة إلى بلاده؛ لعدم جدوى استمراره في أداء مهمته، في ظل المضايقات وتهديدات النظام السوري، التي وصلت إلى حد الذبح، كما يقول.

أقوال المراقب الجزائري المنسحب من هيئة المراقبين العرب، الذي أدلى بأقواله عبر المحطات التلفزيونية الفضائية، قوبلت بنفي وتشكيك من رئيس المراقبين الفريق أول مصطفى الدابي، الذي اتهم زميله الجزائري بنكث الوعد، وأنه لم يشارك فعلياً في عمله؛ حيث كان مقيماً بالفندق متحججاً بالمرض، في حين أظهرت لقطات عديدة المراقب الجزائري وهو يؤدي عمله في حمص، وأن انسحابه من عمل المراقبين ليس له ما يبرره؛ لأن المراقبين يؤدون عملهم، ولا يوجد ما يهدِّد أمنهم..!!

دفاع الفريق الدابي عن مهمة المراقبين العرب، وتواصل انسحاب المراقبين، رفعا مستوى وحدة الجدل حول مهمة المراقبين، وكشفا عن سرعة تشكيل بعثة المراقبين، والكيفية التي تم بها تكوين واختيار أعضاء البعثة، التي اعتمدت على ترشيح الدول للذين كانوا ممثلين للدول، وليس للمنظمات الحقوقية، إلا نفراً قليلاً، كما أن تنصيب الفريق أول مصطفى الدابي رئيساً للبعثة، الذي تشوب حوله الشبهات، على خلفية عمله في دارفور في بلده السودان، وعدم إعداد وتدريب المراقبين وافتقارهم لمعدات المراقبة والتصوير والتسجيل.. كل هذا جعل مهمة بعثة المراقبين العرب دون فائدة، بل كانت مضرة ومؤذية للشعب السوري، وبخاصة المتظاهرين السلميين، الذين ارتفع عدد قتلاهم حتى زاد إلى أكثر من 400 قتيل، وهذا ما جعل الكثيرين يؤيدون انسحاب المراقب الجزائري، وقبله المراقب السوداني، إضافة إلى المراقبين الخليجيين الذين أُصيب بعضهم؛ كون بقاء المراقبين العرب أصبح محبِطاً، ويُزيد تفاقم الأزمة السورية، ويخدم الحل الأمني الذي ينتهجه النظام السوري، والذي يستثمر بقاء المراقبين العرب؛ ليرتكب مزيداً من القتل في صفوف الشعب السوري.