عبدالسلام اليمني

خطوط حُمر وصُفر وخُضر برزت أخيراً في الأجواء السياسية الإقليمية والدولية، وتصاعدت وتيرة الرسائل السرية والاجتماعات المعلنة وغير المعلنة، بعد التطور السريع الذي حدث في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي ضد الملف النووي الإيراني وربطه مع الثورة في سورية؛ فهل وُضِعَت ملفات التنازلات على طاولة المفاوضات؟ وهل سنشهد تساقط أوراق شجر التوت على رؤوس ثوار laquo;الربيع العربيraquo; في سورية؟

المشهد السياسي في منطقة الشرق الأوسط يُعبر عن إمساك النظام الإيراني بخيوط رئيسة ومؤثرة في اللعبة السياسية والعمل الميداني، تساندها هزات اقتصادية أصابت الولايات المتحدة الأميركية ومشكلات الديون في منطقة اليورو، وانشغال معظم الدول العربية في تقرير مصيرها ومستقبلها السياسي والأمني، والحفاوة بالشعوب بعد قطيعة وعصيان أملتها جمود صكوك حكم الأبدية.

اعطني حظاً وارمني في مضيق هرمز، فأيامنا عاصفة مائية تكاد تحجب الرؤية النفطية، وشهوات حروب الأقوياء إبتعلتها الأسئلة الاقتصادية، وإنهاك الفشل في أفغانستان والعراق وقبلهما الصومال أحبط القوات البرية والبحرية والجوية، هذا ما يردده المنشد السياسي الإيراني الذي صبر وخطط بنظرة شهوانية تقرع طبول التحدى منذ الثورة الخمينية الراقصة على هياكل هرطقة الفراغ والخلافات العربية!

نظرتان بعثيتان للثورة الإيرانية، الأولى صدامية، والأخرى أسدية، الفارق بينهما: في الأولى عاطفة رخوة إمتزجت ببندقية وجنون عظمة وبدلة عسكرية طارت رماداً مع رياح الهزيمة فانقلب الوطن وحُكِمَ من سلطات مسعورة؛ وأدار العقل النظرة البعثية الأسدية فاستحضر صورة العالم من حوله يقيناً في سماء التفكير بالأحداث يحاكي صورة الخوف والأخطار والعزلة؛ تَمَثل له الأمان في الوهج والطموح الإيراني الفارسي فتعلق به متجرعاً سم اتفاق كامب ديفيد المُوَقّع مع العدو المشترك من رفيق درب النضال!

أنا لا أمجد حُكماً ولا حاكماً، بل أُحاكي حقبة الأب الأسدية التي حوَّلت ربيع ثورة الشعب السوري إلى حسابات إقليمية ودولية معقدة، عناقيد لعبة الأب تُنبئ بجزالة حساباته السياسية، ولا يزال الابن المتهور مترفاً في أحضان إرث أبيه، ومنشد نظامه يردد مع رجع الصدى صوت المنشد الإيراني، أعطني حظاً وارمني في مضيق هرمز!

يحسب للجيش التونسي وطنية قادته في الحياد ورجاحة التفكير، ما أكسب الثورة التونسية، في الحسابات الثورية، سلاسة التغيير ونبراس القدوة الحسنة، ويحسب للشعب المصري في ثورته جبروت العزيمة وإشعال قناديل الخوف والرعب والرعشة في مراقد أزلام النظام السابق، ولا يزال الرئيس مسجى بأغطية الفساد في حضرة ابنيه، أما أرواح الشعب الثائر في اليمن فهي تشهق صباح مساء على خريطة طريق إصلاحية قابلة للانكسار على أطماع نظام لا يزال يرى في الحكم برزخاً تَلوّن بطعمه ورائحته وحكايات الوعود لأطفال رآهم في المنام على كرسي الحكم؟!

ها هي دروب أحلام الشعب السوري في الحرية والكرامة، تقودها أحلاف وحسابات سياسية إلى مضيق هرمز، تدندن بالأناشيد والموشحات الحسينية؛ الصورة موحشة، ومرعب ما قد يخبئه المستقبل للثورة إذا تلاقت وتلاقحت ملفات العقوبات والبرنامج النووي بين إيران ودول حلف الأطلسي على حساب أحلام الثورة السورية، ولربما تقسو على الثائرين قبضة الجائر والمستجير مهما كانت مدبرات مخارج الحلول؟! أضحوكة القرنين أرسلت بعثة المراقبين العرب، والتقارير الورقية كُتبت ملطخةً بدماء الأبرياء وروائح الجثث، فماذا كتبوا وبأي لغة ومصطلح سيُبررون، الحقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، إنها البينة وليست التهمة، لقد سقط على حسكم وبالقرب منكم 600 شهيد في 32 يوماً، ألا يكفي هذا فما أنتم فاعلون؟ نجاح الثورة في سورية سيمر عبر مضيق هرمز، شاءت الجامعة العربية أم أبت، الثورة أُختُطِفَتْ وقطار الحسابات السياسية والاقتصادية تحرك مخلفاً وراءه جامعة فاقدة الوعي والرؤية، على رغم محاولات قيادة الثنائية في قطر برمجتها ضمن أجندة قناة الجزيرة، لا أستبعد تدشين laquo;قناة الجامعة العربية مباشرraquo;، ضمن باقة قنوات الجزيرة، ويطل علينا الإعلامي فيصل القاسم متربعاً على كرسي رئاستها، فالاتجاه المعاكس ثقافة عربية متجذرة تحولت مع اختلال موازين القوى العربية إلى فيروس سياسي وإعلامي، ترعاه دولارات الغاز بمتابعة سارة من مكتب إسرائيلي، في حماية طائرات ودبابات قاعدة أميركية، وخطوط اتصالات ساخنة وباردة عابرة للقارات للاستئناس والتشاور، يا لها من خلطة!