حمد الماجد

احترافية ضاحي خلفان تميم، قائد شرطة دبي، في تنظيم مرور دبي بإتقان لم تنسحب على أقواله المثيرة التي تحولت مؤخرا إلى أشبه بالكلاشنيكوف، فرشق أميركا والإخوان المسلمين بكلمات كالرصاص، فاتهم أميركا بأنها تقف خلف ثورات الربيع العربي، والإخوان بأنهم أخطر على المنطقة من إيران، جاء هذا في كلمة له في مؤتمر الأمن الوطني والإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي المنعقد مؤخرا في العاصمة البحرينية المنامة.

الفريق ضاحي شخصية وطنية تحظى باحترام كبير في منطقة الخليج لنزاهته واحترافيته وتواضعه، ولسنا هنا بصدد الدفاع عن الذين اتهمهم الفريق ضاحي كما أننا لا نصادر حقه في التعبير عن وجهة نظره عن الدول والحركات التي يرى أنها تمثل خطرا أو إزعاجا لبلاده ولدول الخليج، وإنما ننبه إلى أن رجل الدولة المحترف هو الذي يضيق دائرة الخصومات والعداوات ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فكيف بخلق الخصومة مع شريحة من مواطني بلاده ومواطني الدول الأخرى، لها اسهامات معروفة مشهودة في تنمية بلادها؟ إن اتهامه للإخوان بأنهم أخطر من إيران يكاد يكون تهمة لبعض مواطني الإمارات في بلاده بالخيانة العظمى، وهذه ثقيلة جدا من رجل من الوزن الثقيل.

الإخوان المسلمون وصلوا لسدة الحكم وقبة البرلمان في كل من تونس ومصر والمغرب عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع، ولم يكونوا صانعين للثورات ولم تنطلق منهم شرارتها ولا هم لبسوا ثوبها زورا، بل كادت شعبيتهم في مصر تصاب في مقتل عندما وافقوا على اللقاء الشهير مع عمر سليمان المثير للجدل قبيل سقوط النظام، وهو ما يعني حينها محاولة إخوانية لمساعدة النظام في البقاء لو قدم إصلاحات كافية، والإخوان هم الذين التزموا سلمية المعارضة منذ عهد عبد الناصر حتى حسني مبارك، على الرغم من القمع والقتل والسجن لمدد طويلة، والتشريد والحرمان من حقهم في تأسيس حزب، والتضييق الشديد عليهم في الانتخابات، ومع ذلك كله لم تنسب لهم حادثة عنف واحدة، بل أصبحوا بسبب منهجهم السلمي وصبرهم على ضيم حكامهم خصوما لجماعات العنف مثل التكفير والهجرة قديما وlaquo;القاعدةraquo; حديثا.

الإسلاميون المعتدلون في كل من مصر والمغرب وتونس أصبحوا هم الحكام والمسيطرين على برلمانات دولهم وعبر الطريق الديمقراطي، وفي ليبيا هم عمود الثورة الفقري، سواء أحب الفريق خلفان أم كره، يعني أنهم قدر سياسي ليس له ولا للدول العربية خيار غير التعايش معهم، وإذا كانت أبجديات السياسة تفرض على الدول التعايش مع الحكومات الانقلابية حتى ولو كانت قمعية دموية كما كان القذافي وصدام وحافظ الأسد، فالتعايش مع من جاءت بهم صناديق الانتخابات من باب أولى.

ولقد نسب إلى الفريق ضاحي في ذات المؤتمر أنه قال: laquo;أقولها بكل صراحة إنّ الإخوان لا يتمنون رؤية شيوخنا حكامًا في الخليجraquo;. ويحدوني أمل أنه لم يقلها؛ فمثالية شخصيته تتعارض مع حدية هذه الأقوال، ولو صحت نسبتها إليه فهو حكم جائر بل مجافٍ لواقع سواد الإسلاميين في كل دول الخليج العربي، فالإخوان في الكويت هم الذين قادوا حركة الالتفاف حول شيوخهم في أحلك فترة مر بها تاريخ آل الصباح حين طردهم من الكويت، ولا أدري أي ولاء أقوى من ولاء لحاكم طرده من بلاده جار خطير شرس مثل صدام؟ وفي السعودية عندما حرضت جهات مشبوهة الشباب السعوديين على التظاهر في اليوم المسمى حنين، كان لرموز الاسلاميين مواقف مشهودة في الوقوف مع كيان الدولة وحكامها؛ فحذروا الشباب من الاستجابة لهذه الدعوات المسمومة، حتى لا تنجر البلاد لأتون الفتنة ومزالق العنف، وكانت النتيجة حاسمة فلم يستجب أحد، وقل ذات الشيء عن إسلاميي البحرين فهم وعلى الرغم من مطالبهم الإصلاحية التي لم يستجب للكثير منها فإنهم وقفوا مع الملك والحكومة وقفة قوية ضد زعزعة الأمن وضد الإخطبوط الإيراني الذي حرك الفتنة في البحرين، فكيف يكون هؤلاء خطرا كخطر إيران؟ ما لكم كيف تحكمون؟