بيروت - عمر البردان


أكد وزير البيئة ناظم الخوري quot;أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان يربط التعديلات الدستورية باعادة توزيع الصلاحيات, ولم يقصد استعادة طائفة ما فقدتهquot;, مشيراً الى quot;أنه لا يجوز الاستمرار في شل المؤسسات والادارات بهذه الطريقةquot;.
واعتبر الخوري في حديث مع quot;السياسةquot;, quot;أن التغيير في سورية حصل والوضع لن يعود كما كان, لأن تركيبة الشعب السوري تغيرتquot;. وقال انه منذ الطائف الى اليوم اختبرنا مدى الشلل في عمل الحكومات, ولست مع المس في اتفاق الطائف لكي ينبغي معالجة الثغرات التي ظهرت في الممارسة.
الى ذلك, رأى الخوري أن المسؤولية تحتم على الجميع التعامل بواقعية مع دعوة سليمان لاجراء تعديلات دستورية, متمنياً على الرئيس بري أخذ المبادرة.
أما في ملف الحوار فرأى أن القابلية دائماً موجودة عند الرئيس سليمان, وهو يعطيه الأولوية, مشيراً الى quot;أن لبنان والميثاق بُنيا على الحوار, ومن غيره من يحمينا من الزلزال في المنطقة?
ولفت الخوري quot;أن لبنان ليس أولوية الآن عند العرب, ولنتدبر أمرنا بأيدينا. مشيراً الى quot;أنه ليس مع وضع شروط للعودة الى الحوار الذي يتخطى كل الاعتباراتquot;, وأن السلاح اذا كان جزءاً من المشكلة ولم نستطع معالجته, فلا يجوز بنا أن نبقى بلا حوار.
وبالعودة الى ما يجري في سورية, رأى وزير البيئة أنه ستكون هناك حتماً انعكاسات سلبية على لبنان, لافتاً الى كلام بان كي مون الصريح عن الوضع في المنطقة كافة لنأخذ صورة واضحة عن المخاطر المحدقة بنا.
وشدد الخوري الى أنه اذا كان معيارنا في العمل السياسي انتخابياً, فهذا لعب بالوطن غير مقبول, مشيراً الى quot;أن هناك تبايناً بين الرئيس سليمان والنائب عون حول مقاربة التعييناتquot;.
وأشار الخوري الى أن الرئيس سليمان هو الضامن لحقوق الموظف المثالي غير المحسوب على أحدquot;, واذا لم نضع معايير تحدد الكفاءة والتراتبية, فلا يمكن ضمان نجاح أي تعيينات, وقال ان اصرار البعض على التسييس شل عمل الادارة, مؤكداً أن رئيس الجمهورية متشدد في تطبيق آلية التعيينات لتفادي المحاصصة والمحسوبيات.
وحول ما يجري في المنطقة قال الخوري: نؤيد الربيع العربي لأن ما يجري أمر حتمي وأي لبناني لا يستطيع أن يقول انه ضده, مبدياً خشيته من تراجع الاقتصاد السوري لأن هذا سيحرك الشعب في كل الاتجاهات.
وهنا نص الحديث:

بعد الانتهاء من ملف الأجور, هل تعتقد أن ملف التعيينات وضع على السكة?
ملف التعيينات موضوع على السكة, ولكن الأهم أن يبلغ المحطة النهائية, رغم أنه لا تزال هناك بعض الاشكاليات في ما يتعلق بملف الأجور, سيما في ما يتعلق ببدل النقل والمنح المدرسية. لقد سبق لحكومة الرئيس سعد الحريري أن وافقت بتوجيه من فخامة رئيس الجمهورية على اعتماد معايير لانجاز التعيينات. وكما نعلم أن هناك كتلاً سياسية لها رأيها في هذا الملف, كما أن لها وللأسف مؤيدين ومحسوبين عليها في الادارات الرسمية, وهذا برأيي من أسباب اضعاف أداء هذه الادارات وعدم وصول الكفاءات الى مؤسسات الدولة. فاذا لم نضع معايير تحدد الكفاءة والتراتبية والأقدمية, فلا يمكن ضمان نجاح أي عملية تعيينات, للأسف هناك شلل في عمل الادارات والمؤسسات بسبب اصرار البعض على التسييس, كذلك الأمر لا يجب أن ننسى التبعية لدى بعض الموظفين الى مراجعهم السياسية على حساب التراتبية الوظيفية. ومن هنا فان اللجوء الى اعتماد المعايير هو الحل الوحيد للسير بالتعيينات الى خواتيمها السعيدة.
هل تعتقد أنه سيصار الى الالتزام بهذه الآلية عند اجراء التعيينات?
فخامة الرئيس متشدد بضرورة الالتزام بهذه الآلية ويرى أنه يجب أن تطبق, سيما وأنه لا بديل من هذه الآلية يمكن الركون اليه لتفادي عودة المحاصصة والمحسوبيات. لا يمكن برأيي انجاز أي تعيينات من دون اعتماد الآلية التي تم التوافق عليها, لأنه لا يجوز أن يبقى المنطق القديم سائداً, وهو أن تأتي كل حكومة بأزلامها الى الادارة من دون النظر الى معايير الكفاءة والجدارة. صحيح أن التداول في السلطة أمر ديموقراطي ومطلوب, لكن استمرارية العمل المؤسساتي يجب أن تُحفظ, يجب احترام المؤسسات وتحييدها عن المتغيرات السياسية.

تباين وليس خلافاً

هل هناك خلاف بين الرئيس ميشال سليمان والنائب ميشال عون حول التعيينات?
ليس هناك خلاف بمعنى الخلاف, وانما هناك تباين في طريقة مقاربة هذا الملف, بين من يفكر بطريقة مؤسساتية ووفقاً لمعايير, وبين من لا يزال يتمسك بنظرته الخاصة الى هذا الموضوع النائب عون رئيس كتلة سياسية كغيره من رؤساء الكتل السياسية الأخرى, وهو يطمح لأن تكون له حصة في هذه التعيينات, أما الرئيس سليمان فهو رئيس جمهورية كل لبنان, ويريد أن يعطي كل صاحب حق حقه. وهنا أسأل أليس رئيس الجمهورية هو الذي يحمي الموظف الكفوء غير المحسوب على فريق سياسي, وله الحق والأفضلية في الترقية, باعتبار أن رئيس البلاد هو الضامن لحقوق الموظف المثالي في الدولة اللبنانية التي يجب أن يصل اليها ويحصل عليها.
هل هناك موعد محدد لوضع ملف التعيينات على جدول أعمال الحكومة?
لغاية الآن لم يحدد موعد للبدء بمناقشة التعيينات, ولكن نأمل أن يكون ذلك قريباً, علماً أن رئيس الجمهورية طالب باجراء تعديل على الدستور لناحية ضرورة اقرار التعيينات بالأكثرية وليس بالثلثين, لأنه لا يجوز الاستمرار في شل المؤسسات والادارات بهذه الطريقة. وقد سبق للرئيس سليمان أن طالب بهذه التعديلات منذ خطاب القسم, على اعتبار أن لديه منهجية في التعاطي مع هذا الموضوع, وقد عاد وأكد على هذا الموضوع في أكثر من مناسبة, لكنه ربط هذه التعديلات بأمر أساسي وهو اعادة توزيع الصلاحيات والمشاركة في المسؤوليات, ولم يقصد من وراء ما طالب به استعادة طائفة لصلاحياتها, كأن يحاول أحد استعادة شيء ما فقده. وقد اختبرنا منذ اقرار اتفاق الطائف وحتى اليوم مدى الشلل الذي يحصل في الوضع الداخلي, فهناك تقصير في عمل الحكومات, بحيث أن أداءها لم يكن مقنعاً بسبب مدة الانقسامات السياسية في البلد, الأمر الذي انعكس سلباً على أداء الحكومات والمؤسسات, وهذا ما ظهر جلياً في ما سمي بحكومات الوحدة الوطنية, أضف الى ذلك أن تأليف الحكومات يأخذ الكثير من الوقت, خلافاً لما كان يحصل في الماضي. هذا الواقع برأيي لا يجوز أن يستمر, خاصة في ظل عدم تحديد للصلاحيات. لقد واجهت البلاد شللاً تاماً في عمل السلطة التشريعية عندما كان مجلس النواب مقفلاً, في ظل وجود حكومة غير منتجة, من دون أن يكون لرئيس الجمهورية دور فاعل وأساسي في التصدي لهذه المشكلة, أو أن يكون هناك فيصل يصار الى الاحتكام اليه في الدستور للخروج من هذه الأزمات.
أنا شخصياً لست مع المس باتفاق الطائف, لكن ينبغي أن يصار الى معالجة الثغرات التي ظهرت عند الممارسة, خاصة أن هذا الاتفاق لم يطبق بكامل بنوده. ومن هنا يجب اعادة النظر بتوزيع الصلاحيات والمشاركة في المسؤوليات.

مسؤولية وطنية

هل يمكن أن تلقى دعوة رئيس الجمهورية لناحية اعادة النظر بالصلاحيات صدى عن المعنيين?
المسؤولية الوطنية تحتم على كل الفرقاء السياسيين التعامل بواقعية مع دعوة رئيس الجمهورية. هذا الموضوع لا يخص, لا الموالاة ولا المعارضة, فالمسؤولية الوطنية تحتم على كل الكتل السياسية, وخاصة المجلس النيابي الذي يتحمل هذه المسؤولية, لأنه هو المؤسسة الثابتة كونه مصدر التشريعات. ولذلك أقول ان مسؤولية تجميل حسن تطبيق وانتظام العمل في المؤسسات تقع على عاتق المجلس النيابي في لبنان, وهنا أتمنى على الرئيس نبيه بري أن يأخذ المبادرة على هذا الصعيد.
هل صحيح أن بكركي تعمل على تقريب المسافات بشأن التعيينات بين الرئيس سليمان والنائب عون?
علاقات بكركي جيدة مع جميع الفرقاء, لكن رئيس الجمهورية ليس فريقاً, رغم الصداقة التي تجمعه بالبطريرك بشارة الراعي لاعتبارات عدة. وقد سمعنا أن بكركي تتابع ملف التعيينات, مطالبة بتسريع انجازها, ولاسيما في ما يخص المسيحيين. لكن يمكنني القول هنا ان فخامة الرئيس ليس عقبة في موضوع التعيينات. ومن موقع العارف أؤكد أن الرئيس سليمان ليس له مطلب شخصي في هذا الموضوع, واذا ما كان تمنى أن تعين القاضية أليس شبطيني لرئاسة مجلس القضاء الأعلى فلأنها تتمتع بالمواصفات التي تؤهلها لهذا المنصب وفي مقدمها أنها الأقدم في السلك القضائي, كما أن باقي المرشحين يتمتعون بنفس المؤهلات, مع العلم أن لا معرفة شخصية بين الرئيس سليمان والقاضية شبطيني, لكن لابد من اتخاذ القرار المناسب على هذا الصعيد من أجل مصلحة البلد وتفعيل دور هذه المؤسسة.
هل هناك قابلية برأيكم لدى الأطراف السياسية للمشاركة في الحوار الذي سيدعو اليه رئيس الجمهورية?
القابلية عند فخامة الرئيس للحوار مستمرة ودائمة وهو يعطي الأولوية لهذا الملف, واللجنة التحضيرية لهيئة الحوار تجتمع دورياً, باعتبار أن الرئيس يوليها أهمية قصوى. وهنا أريد أن ألفت النظر الى أن ما يتم تسميته بطاولة الحوار ليس دقيقاً, والأصح أن يقال هيئة الحوار الوطني التي يمكن النظر اليها على أنها نابعة من فلسفة ميثاقية في لبنان. فهذا البلد مبني على الحوار لحل كل المشكلات التي عصفت بلبنان, منذ الاستقلال وحتى اليوم. فالميثاق بُني على الحوار. ويجب مأسسة الحوار في لبنان باشراف ورعاية رئيس الجمهورية, باعتباره حاجة وطنية ولتحصين البلد, خاصة في الظروف الحاضرة.
أنا أدعو الى البدء بالحوار اليوم قبل الغد في لبنان, لأننا ندرك جيداً ما يحيط بنا, واذا لا سمح الله حصل أي خلل بالوضع الداخلي في لبنان فمن سيتصدى لذلك ويمنع تفاقم الأمور, وعندها سيتحول لبنان الى جزء من المشكلة الاقليمية والدولية القائمة. ويكفينا ما دفعناه من أثمان باهظة للصراعات في المنطقة.
والآن وبعد كل الذي جرى, ألا يجدر بنا أن نتعظ مما جرى ونعي أهمية الحوار فيما بيننا لدرء الفتنة التي قد تصيبنا لا قدر الله. لبنان ليس أولوية بالنسبة الى العرب والعالم في ظل ما يجري من حولنا, ولن نجد أحداً الى جانبنا اذا عصفت بنا رياح الخلافات والنزاعات.

شروط 14 آذار

كيف تنظرون الى شروط quot;14 آذارquot; للمشاركة في الحوار, ولاسيما أنها تريد السلاح بنداً وحيداً على بساط البحث في الحوار المنتظر?
أنا لست مع وضع شروط للعودة الى الحوار. لنكن موضوعيين, الحوار يتخطى كل الاعتبارات والشروط من أي فريق كان, أكان quot;8 أو 14 آذارquot;. لأن مصير الوطن على المحك. السلاح جزء من المشكلات في لبنان ولا أحد ينكر ذلك, ولكن اذا لم نستطع معالجة مشكلة السلاح, فلا يمكننا العودة الى الحوار. هنا أقول الحوار من أجل الوطن وليس من أجل السلاح الذي هو جزء من المشكلة الوطنية, فالمسؤولية هنا تتطلب احترام الحوار والمشاركة فيه, لأن الهم هو تحصين الوطن ككل.
تتوقعون انعكاسات سلبية على الاستقرار الداخلي اذا تفاقم الوضع السوري?
حتماً, ستكون هناك سلبية على لبنان اذا تصاعدت حدة التوتر في سورية, نظراً الى التدخل القائم بين البلدين وفي أمور كثيرة. ولذلك فاننا سنتأثر بما سيجري في سورية وعلى عدة مستويات. وعلى اللبنانيين أن يعوا خطورة ما يجري حولهم وتحديداً في سورية, وأن يدركوا أن لبنان لا يتأثر ايجاباً بما يجري في سورية, فعندما كانت سورية تعيش سلاماً واستقراراً, كان لبنان يمر بظروف سياسية وأمنية غير مستقرة. فكيف الحال عندما تكون سورية تمر بأوضاع مضطربة. ومن هنا دعوتي الى اللبنانيين لتحصين بلدهم.
هل نقل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تحذيرات الى لبنان من تطورات سلبية قد يواجهها جراء ما يحصل في سورية والمنطقة?
في اعتقادي أن ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة في العلن كاف لنأخذ صورة واضحة عن خطورة ما يجري في المنطقة, فهو لم يكن ديبلوماسياً في مواقفه التي أطلقها خلال زيارته الى لبنان, وانما كان صريحاً الى أقصى الحدود, ولهذا أقول اننا نعيش في حالة غليان على صعيد الأوضاع في المنطقة, لابد من مواجهتها بالوحدة والتضامن والتحاور بعيداً من الحسابات الضيقة.
ان اللبنانيين مطالبون بتحديد مصالحهم بأنفسهم, وهذا الأمر لا يقتصر على رئيس الجمهورية أو على رئيس الحكومة, وانما المسؤولية جماعية لتحقيق ذلك. التفكير بالمصلحة الوطنية هو الأساس. أما المصلحة الانتخابية فتأتي في مرحلة لاحقة, واذا كان معيارنا انتخابياً, أي وفق منطق الربح والخسارة, فاننا قد نربح الوطن أو نخسره. وهذا لعب بالوطن لا يمكن القبول به, يجب التفكير بما يجعلنا قادرين على تحقيق مصالح البلد قبل أي اعتبار آخر.
هل تؤيدون ما يجري من تغييرات في الدول العربية?
طبعاً نؤيد الربيع العربي, لأن ما يجري هو أمر حتمي, وأي لبناني لا يستطيع أن يقول انه ضد هذا الربيع, فلبنان هو البلد العربي الوحيد الذي نقول فيه ان لدينا رئيس جمهورية سابق. فلا ملكية عندنا ولا رؤساء مدى الحياة. ونحن كنا كبلد ديمقراطي السابقين على صعيد الربيع العربي.
هل ترون أن مصير النظام في سورية سيكون مشابهاً لمصير انظمة تونس ومصر وليبيا واليمن?
لا أستطيع أن نحكم على المستقبل, لكن هناك خوف من تراجع في الأداء الاقتصادي وهذا يؤدي الى تفاقم الأزمة المعيشية, وعندها سيتحرك الشعب في كل الاتجاهات, وهنا مكمن الخوف على الوضع في سورية الذي لن يعود كما كان, فالتغيير حصل وان لم يكن ذلك مرتبطاً بالنظام. تركيبة الشعب السوري تغيرت. في السابق كانت هناك أمور لا تمس, الآن هذا الوضع تغير, لكننا نأمل أن تتجاوز سورية المأزق بأقل قدر من الأرواح البشرية.
من هنا يهما كلبنانيين أن تستعيد سورية استقرارها, لما لذلك من مصلحة لكلا البلدين.
هل هناك خوف على الاقتصاد اللبناني من محاولات خارجية لضربه, ولاسيما في ما يخص القطاع المصرفي?
هناك حكمة أثبتت قوتها في ادارة الشأن المالي والمصرفي في لبنان, حيث استطاع حاكم مصرف لبنان أن يقود السفينة المالية باقتدار, كما أن القطاع المصرفي يضم نخبة من الاختصاصيين الذين يتمتعون بالكفاءة العالية للمحافظة على قطاعنا المالي والمصرفي, لكن هذا لا يمنع من القول ان الوضع في سورية سيترك انعكاسات سلبية على الاقتصاد الوطني, ولاسيما أن هناك تبادلاً شبه يومي بيننا وبين سورية, كما أن عمليات الاستيراد والتصدير بين لبنان والخارج تمر عبر الأراضي السورية, ومن هنا خشيتنا من أن تفاقم الوضع السوري سيؤثر في الاستقرار اللبناني.