يوسف الكويليت

جميع حركات النضال الوطني تنتهج أساليب لخططها العملية وتبتعد عن أي مؤثر يمزق وحدتها الوطنية، إلا الإخوة الفلسطينيين، والذين لأي سبب أو ذريعة ينقسم الفصيل أو الحزب وتصل إلى حد الخطف والسجن للإخوة في العمل، وقد أشرت مراراً إلى الكيفية التي تورطوا فيها بأعمال وضعتهم على دائرة الحرب مع الأردن ولبنان، والتفافهم حول صدام بعد غزوه الكويت والذي أدى إلى إخراجهم وخسارتهم واحداً من أهم مواردهم.

قبل ذلك دخلوا لعبة اليسار واليمين مع أنظمة عربية، فعادوا من كان بصف الغرب الاستعماري وصادقوا من كانوا ضد التوجه اليساري، وهي سياسات كلفتهم الكثير في وقت هم يعلمون أن جميع الأنظمة التي نادت بتحرير فلسطين دخلت حروباً بلا خطط أو استعداد صادق وهزمت ثم اتخذت من بعض المنظمات الفلسطينية مدخلاً للعبة سياسية كان من المفترض رفض أي اتجاه يبعدهم عن قضيتهم ولو بالحياد الذي لا يستطيع أي نظام إنكاره عليهم ليبتعدوا عن المزالق والخلافات العربية والتي لا يمكن أن تتعافى، حتى أصبح الهمّ الفلسطيني خارج الحسابات إلا في بعض المناسبات أو المنابر التي تريد توليد ماضي الشعارات واسترجاعها، لأنهم جميعاً يعلمون أن تحرير فلسطين دخل المستحيل بفعل قوة إسرائيل وتراخي الفلسطينيين وانقسامهم، واعتبار أي حرب قادمة خارج حسابات أي دولة عربية أو مؤيدة لهم.

هناك لاجئون في عدة دول عربية، ومعظمهم يعيش وضعاً صعباً وهناك من يخشى توطينهم لقلب المعادلة الطائفية، كما في لبنان، والبعض يعيش حالة اللاجئ لكن بظروف أفضل، لكن ما يعيب هذه المجاميع أنها على استعداد لدخول اللعبة السياسية في بلد الإيواء، بحيث أصبح المخيم الفلسطيني بالهوية والاسم لكن الانتماء يذهب للكثير من الاتجاهات بحيث وظفتهم بعض الأنظمة والأحزاب لصالحها، كما هي حالة أحمد جبريل في سوريا الذي ظل جزءاً من حلقاته، وأعضاؤه الآن داخلون في حرب ضد المعارضة والجيش الحر مما ألجأ محاربي النظام تشكيل فصيل فلسطيني من قلب المخيم باسم الصاعقة لمحاربة الطرف الفلسطيني المنتمي لأحمد جبريل، بمعنى عودة حرب الإخوة الأعداء وهي مأساة الفلسطيني مع نفسه، أي ان الطرفين سيدخلان الحريق السوري ليكررا نفس السيناريوهات القديمة.

لا يوجد مبرر أن يتحول الفلسطينيون إلى ورقة توظف لنزاعات داخلية أو خارجية، لكنها بنية التربية التي تأسست عليها الخلافات، والتحولات من كنف لآخر، وهذا يؤكد أن المشروع الفلسطيني للتحرير واعتزال كافة الصراعات العربية لم يوضع في صلب هذا المشروع، وهو السبب في تأخر الاهتمام بقضيتهم عربياً ودولياً.