علي الشريمي
الشعب الأميركي استطاع أن يثبت أنه قادر على أن ينتقل إلى عصر ما بعد العنصرية، لأنه تغلب على العنصرية وقهر التمييز العنصري في أكبر جولة انتخابية
انتخاب quot;باراك حسين أوباماquot; لرئاسة أقوى دولة في العالم للمرة الثانية على التوالي، يؤكد أن أميركا دخلت فعلا في quot;عصر ما بعد العنصريةquot;.
هذا النجاح الساحق الذي سجل الضربة القاضية للتمييز العنصري، فلا رجعة له في هذه الدول التي في الواقع تستحق وصفها بــquot;دول متقدمةquot;، والتي نأمل أن نراها -بحول الله وقوته- في الدول العربية والإسلامية حتى ولو في quot;سنة 3 آلاف وعشر طعش ميلاديquot;- الله يعطيكم طول العمر-.
انتخاب أوباما كان خيالاً ولم يكن حقيقة، خصوصاً إذا عرفت مثلا أن جميع رؤساء أميركا في القرن العشرين كلهم كانوا من مذهب quot;البروتستانتquot;، باستثناء زعيم واحد فقط كان كاثوليكيًّا وهو quot;جون كينديquot;، أما أن يأتي إلى سدة الحكم رجل أسود فكان ذلك ضربا من الخيال، وهذا ينطبق على معتنقي ديانة quot;المورمونquot;، الذين تم ترشيح أحدهم وهو quot;ميت رومني quot;ممثلاً عن الحزب الجمهوري والتي حصل فيها على نسب عالية من الأصوات رغم ديانته التي يعتنقها، والتي يؤمن بها حوالي ستة ملايين شخص فقط، في أميركا، من بين أكثر من ثلاثمائة مليون نسمة يتوزعون بين مئات الديانات واللاديانات. بل إن quot;رايانquot; المرشح نائباً للرئيس quot;رومنيquot; كاثوليكي.
توقع المراقبون قبل إعلان نتائج الانتخابات وفوز أوباما، أن يحصل رومني على أصوات كل من الولايات التالية: أريزونا وأيداهو ومونتانا ويوتا وألاباما وأركنساس وجورجيا وكانساس ولويزيانا وميسيسيبي ونبراسكا وداكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية وتينيسي وتكساس ووايومنج وأوكلاهوما وكنتاكي. وهذه الولايات فيها من التنوع ما يمكن وصفه بأنه سنة أميركا وشيعتها وحضرها وبدوها وقبائلها وعوائلها، والمؤمن والملحد.. وما لا تعلمون.. السؤال: كيف استطاع الناس أن يكونوا بهذه المرونة؟ كيف أصبحت لديهم القدرة على استيعاب مكونات جديدة في المجتمع تتولى القيادة في قمة الهرم السياسي؟ فأوباما وانتخابه ndash; في نظري - لم يكن لشخصه أو لأنه يمثل فكرا معينا، ولكنه جزء من رحلة طويلة في العالم نحو تكافؤ الفرص والعدالة والمساواة في كل أنحاء المعمورة. ففي أميركا، بدأت ملامح مسيرته إلى البيت الأبيض حتى قبل ولادته بست سنين عندما رفضت quot;روزا باركسquot; في منتجمري ألاباما التنازل عن كرسيها في الباص لرجل أبيض، مما أدى إلى حركة الحقوق المدنية، أو بعد سنتين من ولادته في خطاب quot;مارتن لوثر كنجquot; quot;لديّ حلمquot;، أو في خطاب كنج أيضاً quot;لقد رأيت الأرض الموعودةquot;، بعد ولادة أوباما بـ٧ سنين.
وسواء شاء quot;أوباما quot; أم لم يشأ، فإن انتخابه لا يمثل مجرد انتخاب لرئيس، وليس تأييداً لسياسته، فما زالت quot;جوانتاناموquot; وصمة عار، وما زالت فلسطين مغتصبة، ولكن انتخابه يمثل الفكرة الرمزية في أكبر وأقوى دولة في العالم قد تنجح في تفكيك العنصرية والتمييز.
الشعب الأميركي استطاع أن يثبت أنه قادر على أن ينتقل إلى عصر ما بعد العنصرية، لأنه تغلب على العنصرية وقهر التمييز العنصري في أكبر جولة انتخابية ليختار في النهاية رئيسه المقبل دون النظر لأي شيء سوى أجندته التي سوف تحقق مستقبلا أفضل لأميركا وللشعب الأميركي.
أما الشعوب العربية، فلا تعليق! الشعب الأميركي الذي يحوي كل العناصر المجتمعية من كافة الأديان, والألوان, والاتجاهات، والأحزاب, يجتمع في وحدانية ليختار مستقبل أميركا.
لنرفع القبعة إجلالا لديموقراطية الشعوب المتحضرة التي انتصرت على العنصرية والتمييز العنصري. وهل من دروس نتعلمها؟ أم أننا ما زلنا على رعاية مبدأ الكراهية والعنصرية, فنأكل بعضنا بعضا ونقول في النهاية: إننا شعوب مستهدفة.
نحن فعلاً شعوب مستهدفة.. ولكن الذي يستهدفنا هو التمييز العنصري.
التعليقات