علي البداح
لماذا انقسم الشارع الكويتي أمام مطالب تبدو مستحقة؟ ولماذا هذا الكم من معارضة المعارضة رغم أن الكل مجمع على أن الفساد لم يعد يمكن السكوت عنه؟
الأسباب عديدة، لكن الخوف الأكبر عندي وعند كثير من الكويتيين أن يحدث عندنا ما حدث ويحدث في دول ما يسمى بالربيع العربي، ولعل أبرز مظاهر هذا التخوف هو هذا الهجوم الشديد على quot;الإخوان المسلمينquot;، فقد بيّن الكويتيون أن صلاتهم وتدينهم وعملهم الخيري لا يعني أنهم يصطفون وراء quot;الإخوانquot; في كل ما يطرحون، وأنهم إذا خيروا بين أمن الكويت ودعوات quot;الإخوانquot; فإنهم سيختارون أمن الكويت واستمرار نظامها الدستوري.
الكل متفق أن في البلد فساداً وسوء إدارة وتدهوراً في أداء الحكومة، وتأخراً عن ركب التقدم والنمو في كل المجالات، لكن خروج المعارضة بالأسلوب واللغة التي تحدث بها بعض قادتها جعل الكثيرين يتراجعون عن تأييد فعاليات المعارضة، ويتخذون مواقف لا تتفق مع أطروحاتها، بل يستنكر البعض أسلوب الحديث فيها.
صحيح أن عدد المتظاهرين ليس بقليل حتى لو رأى البعض كثافة الحمية القبلية واصطفاف الأحزاب الدينية وتناقض مبادئ وأهداف المشاركين، إلا أن على الحكومة عدم التقليل من أهمية الحراك أو عدم الانتباه للأسباب الرئيسة المحركة للناس، فالقضايا الأساسية ليس عليها خلاف بين الكويتيين، إنما الخلاف على الأسلوب وخروجه عن أدواتنا ومؤسساتنا الدستورية.
الناس المعترضون على خروج المعارضة عن هذه الأدوات يتفقون مع الجميع أن البلد بحاجة إلى وقفة جادة أمام تفاقم الفساد وتدهور إدارة الحكومة، وتأخر الكويت عن ركب التقدم والنمو.
أعتقد أن التصويت للمرشحين الجدد سيفوق توقعات المعارضة، وإذا تأكد إيقاف ترشيح بعض العناصر المؤزمة المحسوبين على أطراف في النظام، فإن الناس ستختار بارتياح العناصر الجديدة، وسيكون لنا مجلس قد تظهر فيه عناصر منتجة ومدركة لدورها التشريعي والرقابي؛ بعيداً عن التشنج والخروج على النظام الدستوري.
إن نجاح العملية الانتخابية قد يقنع المعارضة أن الشعب الكويتي يريد أسلوباً أفضل في محارية الفساد وإعادة النظر في التشريعات غير الدستورية وفتح الأبواب لحريات أوسع للمواطنين، وتوفير العدل في بلدنا الحبيب.
إن ما يخشاه الناس ألا يفهم النظام معارضة المعارضة ويعتبرها تأييداً مفتوحاً له، ولذلك فالحكم مطالب باتخاذ إجراءات واضحة وسريعة لمحاربة الفساد والقضاء عليه، وتنفيذ خطة شاملة للإصلاح بما فيها تحقيق تقدم في دستور البلاد يفعل سلطة الشعب، وهذا لا يتم إلا بوجود حكومة قوية بوزراء ذوي كفاءة وقدرات قيادية ويشهد لهم بالأمانة والنزاهة.
إن استمرار التلاعب في هذا الأمر وعدم الاستفادة من الدرس قد يشجع على العودة إلى الشارع والسخرية ممن قدم أمن البلاد على كل دعم المعارضين الحاليين.
quot;الوطن أولاًquot; يكون شعار كل الناس عندما يسود العدل والحرية بقيادة أمينة وشجاعة.
التعليقات