هآرتس


المفاوضات في القاهرة بين ممثلي حماس، اسرائيل ومصر دخلت أمس في مرحلة حاسمة، بل ربما الى يوم حرج. فاسرائيل تلوح بعصا طويلة في شكل عملية برية من فوق رأس حماس، والجزرة الوحيدة التي لديها هي الهدوء.
وهذه بالطبع جزرة هامة بالنسبة لحماس. محافل رفيعة المستوى في مصر تشارك في المحادثات قالت لـ 'هآرتس' امس ان 'الاطراف قريبة جدا من الاتفاق، ولكن مطلوب مرونة اخرى من جانبكم'. وعلى حد قولهم، فان مصلحة الجميع هي الوصول الى وقف للنار وفي أقرب وقت ممكن، وبدا الامر بوضوح في المواقف التي يعرضونها.
في هذه الاثناء تستمر استعدادات الجيش الاسرائيلي لاحتمال عملية برية. ولا حاجة الى خيال منفلت العقال للتخمين في أنه اذا فشلت المساعي السياسية التي يجريها الان رجال المخابرات المصرية برئاسة الجنرال رأفت شحاته، ففي غضون 48 ساعة سنرى الجيش الاسرائيلي يحرك قوات المشاة لديه الى داخل القطاع. هدف مثل هذه العملية، اذا ما وقعت، لن يكون بالضرورة اسقاط حكم حماس. معقول أكثر أنها ستكون مرحلة اخرى في الحوار غير المباشر، الذي تديره حكومة اسرائيل مع المنظمة، بالغالب من خلال عمليات عسكرية واحيانا في القنوات الدبلوماسية. او بتعبير آخر، حتى لو فشلت القناة المصرية وقررت اسرائيل استخدام العصا الطويلة، فلا يعني الامر ان القنوات الدبلوماسية ستهجر تماما. قد تخرج فقط في اجازة، الى أن تلوح امكانية اكثر حقيقية لوقف النار.
قيادة حماس على وعي بامكانية عملية برية وتخشاها. تصريحات خالد مشعل أمس في القاهرة بان منظمته لا تخاف من قوات المشاة والمدرعات، ليست مقنعة. ففور لقاء طويل مع شحاته، اعترف مشعل بان حماس غير معنية بدخول اسرائيلي الى القطاع ولكنه 'لا يخاف منه'. وكانت اقواله مفاجئة في صدقها مقارنة مع الخطابات التي القاها في الماضي، ولا سيما عندما نقارنها بنظيره من حزب الله، حسن نصرالله.
لقد تبنى مشعل في المؤتمر الصحفي خطا غير متحمس في أساسه قول صريح: 'حماس لا تريد التصعيد ولا عملية برية'. واعترف بان تصفية أحمد الجعبري كانت ضربة أليمة ولكن غير مفاجئة على حد تعبيره، وبدا لبضع لحظات كمن يحاول أن يشجع النشطاء الميدانيين في غزة.
'نحن فخورون بالمقاومة'، قال المرة تلو الاخرى، وكأنه يحاول القول لنشطاء الذراع العسكري: عليكم أن تصمدوا قليلا أيضا.
ورغم كل هذا، ليس واضحا بعد كم يقترب رجال المخابرات المصريين من اتفاق وقف النار. وحسب التقارير في قناة 'العربية'، فان معظم البنود بات متفقا عليها والخلاف هو على ترتيب الاعمال: بينما تريد اسرائيل وقفا للنار وفقط بعد ذلك الحديث عن التسهيلات في الاغلاق على غزة، تطالب حماس قبل كل شيء بالتسهيلات وبعد ذلك بوقف النار. والتسهيلات التي تطالب بها حماس موجهة ليس فقط لاسرائيل بل وايضا لمصر وليس معروفا اذا كانت القاهرة مستعدة على الاطلاق لان تسير 'الميل الاضافي' نحوها وتسمح مثلا بتسهيلات في دخول البضائع عبر معبر رفح.
دون أي صلة بمدى نجاح مصر في الوساطة، من الصعب عدم التوقف مرة اخرى عند شخصية الرئيس محمد مرسي. للحظات يصعب التصديق بانه هو هذا ذات المسؤول في 'الاخوان المسلمين' الذي في اطار حملته الانتخابية جلس في ايار الماضي الى جانب أحد زملائه في قيادة الحركة ووصف كيف 'سيحرر مرسي غزة ويجعل القدس عاصمة الامة العربية الموحدة'.
وها هو هذا الرجل بالذات، د. محمد مرسي، الذي رأى في اسرائيل كيانا معاديا على مدى سنوات طويلة جدا ووجد صعوبة في أن يلفظ كلمة اسرائيل، تلفظ قبل بضعة ايام بالتعبير الصريح. في هذه الايام المجنونة، فان هذا ايضا يعد مصدرا للمواساة والتفاؤل.

آفي يسسخروف