مصر: المرحلة الثانية من الثورة بدأت.. الشرطة ترفض التدخل لصالح النظام.. والجيش ينتظر ما سيفرزه الشارع


حسنين كروم

لا فائدة من كل المحاولات التي يتم بذلها الآن لتفادي شبح العنف وامتداده على طول البلاد وعرضها، صحيح ان هناك محاولة تتم الآن لتجنب هذا الاحتمال، بارغام الإخوان والسلفيين على عدم إقامة مؤتمرهم في ميدان عابدين في نفس توقيت مليونية المعارضين لهم على بعد حوالي نصف كيلو في ميدان التحرير، واحتمالات مؤكدة بمعارك بينهم وموافقة الإخوان والسلفيين على نقل المؤتمر بعيدا في محافظة الجيزة أمام جامعة القاهرة في ميدان نهضة مصر هي أمي، ثم اعلنوا انهم قرروا تأجيل المليونية لتفادي أي صدام ولاظهار حسن النية، والحقيقة غير ذلك تماماً، وسوف تظهرها الأيام القادمة، ويكفي ان نقول، ان الجماعة وصلتها رسالة بأن عليها أن تتوقف عن استفزازاتها، ايضا، أعلنت وزارة الداخلية على لسان وزيرها اللواء أحمد جمال الدين أن واجب الشرطة حماية المظاهرات السلمية ومنع الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، ولا دخل لها بالسياسة والأحزاب، مع ملاحظة اتهامات من بعض الإخوان بأن الشرطة تخلت عن حماية مقارات حزبهم الحرية والعدالة، ثم التأكيد على انه لن يتم استدعاء الجيش للنزول لحماية المنشآت.
ونشرت الصحف عن اجتماع الرئيس مع أعضاء مجلس القضاء الأعلى وإصرار الرئاسة على عدم التراجع عن الإعلان الدستوري وإعلان نادي القضاة الاستمرار في موقفه، وازدياد حركة تعليق العمل في المحاكم والنيابات إلا في بعض الحالات، ومحاولة صحيفة حزب الإخوان تصوير الأمر، على عكس الحقيقة، وإعلان مجلس الشورى تعيين الزميل السيد البابلي رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية رسمياً، بعد أن كان منتدبا ليحل محل رئيس تحريرها الذي تم عزله زميلنا جمال عبدالرحيم، ويأتي القرار تحدياً للأحكام القضائية، بإعادته الى منصبه، أي أن انتهاك القانون وأحكام القضاء مستمرة.
وفي القاهرة تم تشييع جثمان الشاب جابر صلاح وهو من حزب الدستور وحركة السادس من إبريل بعد نزع أجهزة التنفس عنه لموته اكلينيكياً بعد إصابته في شارع محمد محمود، كما تم تشييع جثمان الشاب الإخواني إسلام مسعود، في دمنهور - وعلى الاثنين رحمة ربك، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ودماؤهما في رقبة المحظورة سابقا والحاكمة حاليا.
وإلى قليل من كثير، كثير، عندنا، ولكن سنكتفي اليوم قضية واحدة، لأن الضرورات تبيح المحظورات.

الحل داخل الجماعة وحزبها
للإطاحة بمجموعة سيد قطب

ونبدأ بإعلان الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع يوم الأحد أن الجيش للشعب ولمصر، وبالتالي، فإذا اندلعت الاشتباكات وتطورت الى ما يشبه حرب الشوارع، وحرق مقارات واعتداءات متبادلة مع رفض الشرطة التدخل، فان الجيش لن يقف مكتوف الأيدي، فأما أن يتم إنزاله أو ينزل هو، وإذا موقفه المعلن اكثر من مرة وبشكل مقصود، بأنه جيش الشعب، لا فئة معينة، فالنتيجة في الحالتين محسومة، وهذا هو المأزق الذي أوقعت جماعة الإخوان نفسها فيه، وعليها هي، لا غيرها إخراج البلاد ونفسها منه، بتراجعها عما فعلته، وهو ما سيؤدي الى تسديد ضربة هائلة لها على المستوى الشعبي، والحل في رأيي، انه آن الأوان لإحداث التغيرات داخل الجماعة والحزب، لإبعاد القيادات المتشددة من تلاميذ وأنصار سيد قطب - عليه رحمة الله - اما بواسطة المجموعة المعتدلة والمحاصرة، أو بتنحي المرشد ومجموعته من تلقاء أنفسهم، وإعلان الجماعة فك أي ارتباطات لها مع السلفيين، ومحاولة استعادة تحالفاتها السابقة مع قوى وأحزاب مدنية وهي السياسة التي اتبعها مرشدها الثالث المرحوم عمر التلمساني، ابتداء من عام 1982، وحتى انتخابات مجلس الشعب الذي تم حله، وبدون ذلك، لا أظن أن الأزمة سوف تنتهي حتى لو أعلن الرئيس إلغاء قراراته الأخيرة، لأن إقدامه عليها من البداية نسف جسور الثقة مع الأحزاب الأخرى، فقد سبق لرئيس حزب الحرية والعدالة - الدكتور سعد الكتاتني أن دعا إلى حوار شامل مع الأحزاب والقوى المدنية، ثم دعا الرئيس نفسه لذلك واستقبل كلا من محمد البرادعي وعمرو موسى وحمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح، وتباجث معهم، ثم فاجأ الجميع بمن فيهم العدد الأكبر من مستشاريه بالإعلان الدستوري، فكيف يمكن الاطمئنان إليه حتى لو تراجعوا؟ إذن لا حل في رأيي، إلا بانقلاب داخل الجماعة وحزبها للإطاحة بمجموعة سيد قطب.

الرئيس وقاعدة الضرورات تبيح المحظورات

والى القضية التي تقدمت على كل القضايا، وهي الأزمة الخطيرة التي خلقها الإعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس، ولا أعرف ان كنت أصنف المؤيدين والمهاجمين كل في جانب، أم أعرض لما في كل صحيفة على حده، وبعد صلاة الاستخارة اخترت ما نشر في كل صحيفة، لإظهار تعارض الآراء بين كتابها وصحافييها، ونبدأ بـ'الأخبار' يوم الأحد مع زميلنا وصديقنا وأحد مديري تحريرها، أسامة عجاج وحماسته الشديدة للإعلان وقوله: 'الضرورات تبيح المحظورات قاعدة شرعية مهمة يمكن من خلالها دراسة ومحاولة فهم لقرار الرئيس محمد مرسي وإصداره الإعلان الدستوري الرابع منذ ثورة يناير والثاني منذ توليه مهمته الرئاسية، الإعلان الدستوري الجديد أنهى حالة السيولة السياسية ووضع حداً كان ينتظره الكثيرون لنهاية مرحلة الدولة الرخوة التي لا يقبل فيها بعض التيارات السياسية قواعد اللعبة الديمقراطية التي تتضمن وجود أغلبية منتخبة عبر صناديق الانتخابات بطريقة حرة ونزيهة تمكنها من ممارسة الحكم وتنفيذ البرنامج الذي تم اختيارها على أساسه. تحول القضاء خاصة بعد انتخابات مجلس الشعب وحصول حزب الحرية والعدالة ومعه التيار السلفي على الأغلبية الى لاعب أساسي في المواجهة الحزبية وأصبحت أحكامه سياسية بامتياز، وتحول الى أحد أدوار المجلس العسكري منفذا لرغباته وأوامره وسارع بإصدار الحكم بحل مجلس الشعب وكان منطوق الحكم سياسياً تجاوز المطلوب منه، الحديث عن خلق فرعون جديد وديكتاتور آخر هو مغالطة سياسية وترويج لمجموعة من الأكاذيب فتحصين قرارات الرئيس مرسي كما جاء في المادة الثانية مؤقت ومرهون فقط بوضع الدستور وإجراء انتخابات مجلس الشعب الجديد واسترداده سلطة التشريع مما يعني أن الأمر لن يستغرق سوى من أربعة الى ستة أشهر ويقيني أن الرئيس مرسي سيقتصد كثيراً في استخدام هذا الحق كما اننا لم نر من الذين يتباكون على الديمقراطية سوى الدعم والتأييد، وغياب المعارضة عندما أصدر المجلس العسكري الإعلان الدستوري المكمل'.

على مفترق طرق
والبلد على حافة الإفلاس

وقد فوجئت حقيقة بهذا الموقف المتطرف في التأييد من أسامة، كما فوجئت أيضا بقول زميلتنا ثناء أبو المجد في نفس العدد: 'رغم تأكيد الدكتور محمد مرسي أن هذه القرارات مؤقتة لمدة ثلاثة شهور لا يريد أحد أن يفهم أننا في مفترق طرق والبلد على حافة الإفلاس ولا يرغب أحد في الدعوة لكلمة سواء وليعود المصريون يداً واحدة لنصون الوطن، المصالح الشخصية الضيقة هي التي تتحكم في الكثير ممن تتعالى أصواتهم الآن متناسين أن عقارب الساعة لن تعود للوراء وأنه لا فرعون جديد، الدكتور محمد مرسي والذي نحسبه على خير يعرف ربه وبالتالي لن يسعى للديكتاتورية بل هو قبل قيادة سفينة وطن ممزق ينخر فيه الفساد بشكل لم يكن له مثيل علينا أن نقف خلفه لنعبر هذا النفق المظلم، أما استغلال خوف البعض من حكم الإسلاميين للمزيد من الفرقة فإننا جميعا سندفع ثمناً باهظاً وهو ضياع مصر لكل شرفاء هذا الوطن كفانا تشرذماً ولنكن على قلب رجل واحد فالأمر جد خطير حفظ الله مصرنا من كل سوء ورد كيد الحاقدين إلى صدورهم'.

الفضائيات وأوكار الصحف الهدامة
شهرت العقم والاتهامات

أما الذي لم استغرب من موقفه في نفس عدد الأخبار فهو زميلنا ممتاز القطر رئيس تحرير 'أخبار اليوم' الأسبق. وصاحب المقال الشهير الذي بكي فيه على ما يعانيه الرئيس حسني مبارك من الجهد المتواصل لأجل شعبه لدرجة انه أصبح محروما من أن يشم طشة الملوخية التي يحبها، ممتاز قال: شهرت الفضائيات وأوكار بعض الصحف الهدامة حالة من الجدل العقيم والاتهامات ومحاولات التشكيك والتي تصب كلها في إطار النيل من قضاء مصر الشريف وقضائه الأجلاء الذين يمثلون آخر الحصول المنيعة دفاعاً عن وحدة شعب مصر وسيادته، شعرت بالحزن الشديد من محاولات النيل من وزير العدل وتوجيه اتهامات ظالمة له رغم أنه كان ولا يزال أحد رموز استقلال القضاء وحفاظا على محراب عدالة لا تخشى'.

مرسي حصن قراراته من المحاكم
لكنه لم يحصنها من غضب الشعب

ونظل في نفس عدد 'الأخبار' مع مواقف مختلفة ذلك ان زميلنا أحمد جلال قال:
'اختلاف المصريين حول الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي قسمهم الى فريقين واحد مع الرئيس والثاني ضده أصبحنا فئتين الأولى تؤيد كل قرارات الرئيس بشكل مطلق والأخرى تعارضها بمنتهى العنف، الرئيس قال: انه يريد حماية الثورة 'التي قامت ضد تكريس حكم الفرد' وقال: إن هدفه عودة الحقوق لشهداء الثورة 'حق الشهيد يأتي عندما تتحقق الحرية والديمقراطية اللذين استشهد من أجلهما'، الرئيس مرسي حصن قراراته من الطعن عليها أمام المحاكم، لكنه لم يحصنها من غضب الشعب، ربنا يستر!'.

المعترضون على الإعلان
الدستوري ليسوا أعداء للثورة

أما زميله عبدالقادر محمد علي فانه قال: 'من الخطأ أن نصف المعترضين على الإعلان الدستوري بأنهم أعداء للثورة فهم جزء من الملايين الذين احتشدوا في ميدان التحرير لمساندة ثورة 25 يناير وإنهاء حكم الفرد ومن الخطأ ايضاً تخوين الرموز الوطنية لمجرد أنها تختلف في الرأي مع الرئيس أو الحزب الحاكم، نحن مازلنا في سنة أولى ديمقراطية ولا يليق أن نبدأ طريقنا بتخوين مصريين يسعون لنهوض مصر من كبوتها فالمعارضة جزء من النسيج الوطني ولا ديمقراطية بدونها ومصر عندما انتفضت لإسقاط مبارك وحزبه كان الهدف بناء ديمقراطية تضمن للمعارضة المشاركة في إدارة شئون الوطن، كفانا 60 عاما مضت ضاعت من عمر مصر بسبب قمع المعارضة'.
ونتحول الى 'أهرام' نفس اليوم لنكون مع استاذ العلوم السياسية والمستشار السياسي للرئيس وصاحب دعوة إرسال الجيش المصري لمهاجمة سورية تنفيذا لاقتراح أمير قطر، وهو الدكتور سيف الدين عبدالفتاح الذي قال ولم نفهم ما قال: 'أما هؤلاء الذين يتحدثون ويتباطون على تحصين قرارات ومراسيم الرئيس فإنهم ظلوا صامتين لا يقومون بواجبهم في مقاومة المجلس العسكري حينما كان يصدر الفرامانات ويصدر مراسيم بليل، أين كان هؤلاء من ممارسات استبدادية ظاهرة؟ أين هؤلاء من ممارسة لجنة انتخابات رئاسية لتحصين قراراتها وإجراءاتها رغم إصدارها قرارات إدارية؟
في هذا الصدد لماذا مر كل هذا مرور الكرام ونتحدث الآن عن استبداد رئيس منتخب أظنه لن يجرؤ أن يمارس الاستبداد ولن نتركه يمارسه؟
أيها الناس آن الأوان أن يقدم كل منا كشف حساب ماذا فعل لتمكين أهداف الثورة، لأن الثورة صارت تئن من كثيرين منا بعد أن هجروا مطالب الثورة وأهدافها باحثين عن رخيص مصالحهم وأهوائهم الأنانية، يا سادة بناء الوطن لا يتم عبر إفشال الرئيس والتربص بسياساته وقراراته دعونا مرة نمارس توافقاً بدلا من أن نمارس استقطابا وانقساما وفرقة، الفرقة لن تبني دستوراً ولن ترقى بوطن ولن تمكن لثورة دعونا لنحفظ هذه الثورة أهدافاً ومكتسبات، أن نستعيد روح ميدان التحرير التي نزهقها بأيدينا وبخطابنا وبأفعالنا إلى كل أبناء الثورة تعالوا إلى كلمة سواء فشركاء الوطن متوافقون لا متشاكسون'.
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أهذه لغة مستشار سياسي لرئيس، رخيص مصالحهم وأهوائهم؟ لماذا لا يتركها لغيره ويتحدث هو بلغة تليق للتدريس لطلبته؟

مطالبة مرسي باتخاذ اجراءات استثنائية
وعدم الخوف من المستثمرين الأجانب

وإلى جريدة الإخوان 'الحرية والعدالة' وزميلنا الإخواني محمد كمال وقوله: 'المطلوب من الرئيس أن ينزل لملعب السياسة وأن يجيش القضاة المستقلين بعد إسقاط النائب العام وأن يجيش القيادات الوسطى في الشركات لإسقاط القيادات الكبرى الفاسدة والمتآمرة على شعبها وأن يطرح المشروعات الاقتصادية ثم ليطرق بيد من حديد على أكلي أقوات الشعب والناس لن تغضب إذا اعتقل 'الرئيس' مهربي السولار وحقائب الأموال وعلى 'الرئيس' ألا يخشى من ابتزاز المستثمر الأجنبي الذي سيهدد بضرورة مراعاة حقوق الإنسان، على 'الرئاسة' أن تطرح مشروعاتها الكبرى التي أعلم علم اليقين أنها على مكتب 'الرئيس' وأن يصارح الناس بالتضحيات المطلوبة أن يطالبهم بربط الحزام والصبر لمدد محددة والانتظام في العمل، وعلى 'الرئيس' أن يتخلى عن حرصه - المبالغ فيه - على استقرار الأوضاع وعليه أن يلقي كرسي الرئاسة وراء ظهره.
على 'الرئيس' أن يعتصم بشعبه بعد ربه وأن يعد خطة حرب ضروس يتجاوز فيها المواءمات التقليدية ويدشنها ثورة جديدة للفقراء والطيبين والخائفين وأن يلقي بالنخبة وراء ظهره مؤقتا فلقد اختبروا وفشلوا وعلى المؤسسات الرسمية أن تقف بكل حزم مع الرئاسة سواء الإعلام الرسمي أو 'الأزهر' الذي ينبغي أن يقوم بدور مشهود في الحفاظ على الكيان الوطني و'الكنيسة' التي أقلعتنا بأول قرار لـ'البابا' الجديد، وهو الانسحاب غير المبرر من التأسيسية والمشاركة في تأزم الأوضاع، فعلى 'الرئيس' أن يكون حازماً مع 'البابا' وأن يطلب منه المساندة الواضحة بلا تردد وأن يأخذ منه وعداً بالكف عن شق صف الوطن والتخندق الكنسي للأقباط وأن يوجه بوصلة البابا للتوحد الحقيقي ويكفي ما قد مضى، على 'الرئيس' أن يقود ثورة تصحيح وأن 'يطور' القتال 'بلغة العسكريين' سيادة 'الرئيس' عليك أن تعلم أنك ربما تكون أملا أخيرا في إصلاح جذري للأوضاع ولو وصل مغامرو الفضائيات لحكم هذا الوطن أو لأغلبيته التشريعة فأعلم أن حكم العسكر سيعود وقبضة أمريكا ستشتد وسيباع شعبك في سوق النخاسة العلمانية، اكمل يا ريس وصدقنا، فإن الشعب سيؤازرك'.
إييه، إييه، وهكذا يذكرنا الإخواني محمد كمال بنفس الأجواء المحمومة التي سبقت إصدار السادات قرارات سبتمبر 1981 من اعتقال السياسيين من إخوان وجماعات ومشايخ وقساوسة ووفديين وناصريين وشيوعيين وعزل البابا شنودة، ولم يمر سوى شهر وثلاثة أيام إلا وقد تم اغتياله.

تجارب الإخوان تؤكد أنهم
يقولون ما لا يفعلون

ثم نتجه إلى جريدة 'روزاليوسف' القومية وقيام رئيس تحريرها زميلنا جمال طايع بتغيير موقفه من الرئيس وقال: 'التجارب مع الإخوان تؤكد أنهم يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون وأن متطلباتهم تتغير وفقاً للأحداث والزمن فكيف نأتمنهم على أشياء ان تبدلنا تسؤنا، لن اصدق النوايا أو أتعامل بها حتى لو صدقت أو كانت سليمة، لابد من إعادة الرئيس الآمر لطمأنة المصريين على وطنهم وعلى حريتهم، لابد أن يحترم الرئيس الدستور الذي أقسم عليه اليمين الرئاسية الشعب لن يقبل أن يعيش في قلق واستبداد، الشعب لن يلد فرعوناً جديداً ولديه ألف آلية لوقف هذه الولادة'.

محمد مرسي فقد
شرعيته كرئيس منتخب

ومن 'روزاليوسف' الى 'صوت الأمة' ورئيس تحريرها زميلنا وصديقنا عبدالحليم قنديل واستمراره في مجاملة الرئيس والإخوان بقوله: 'محمد مرسي فقد شرعيته كرئيس منتخب في لحظة إصدار قراراته الديكتاتورية الأخيرة وفتح الباب للخروج عليه وخلعه لمن استطاع الى ذلك سبيلا، ويخطيء مرسي لو تصور أنه سيحتمي بتنظيم جماعته الإخوانية وبمليارات المال الحرام من قطر وغيرها وبدعم الأمريكيين المحتلين لقرار مصر وربما كانت مصادفة بليغة أن قرارات مرسي المتجبرة العبثية صدرت بعد لقائه مع هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية وبعد تهنئة الرئيس الأمريكي أوباما لمرسي على أداء الدور المطلوب منه في حرب غزة وإثبات ولاء الإخوان لواشنطن فقد فقدت إسرائيل برحيل مبارك أعظم كنوزها الاستراتيجية لكن واشنطن عوضت الخسارة الإسرائيلية بكسب مرسي وجماعته وجعل الجماعة أعظم كنز استراتيجي للأمريكيين وهو ما بدا جلياً في تصرف مرسي وجماعته مع حرب غزة الأخيرة وتحت ذات السقف المنخفض الموروث عن مبارك أي دون المساس بكامب ديفيد مع الوساطة الضاغطة على الفلسطينيين، جمع حكم الإخوان زاد مبارك من الغباء الى زاد المجلس العسكري من الفساد وأضافوا عليه تواطؤ وخيانة للشعب والوطن والدين، وكانت النتيجة الفورية أن بدأت وقائع الثورة الثالثة بميدان التحرير في 23 نوفمبر 2012.
وباختصار مصر الآن في لحظة فارقة، مصر في احتقان وطني بسبب تورط الرئيس وصمته عن مؤامرة فصل سيناء وفي احتقان اجتماعي بسبب خيانة الرئيس للشعب وانحيازه لمصالح المليارديرات وفي احتقان سياسي بسبب خيانة الرئيس وتجاوزه لحدود التفويض الشعبي، وربما تكون غباوة مرسي مفيدة في شفاء البلد من داء الإخوان وتذكروا جيدا يوم جمعة الغضب الجديدة في 23 نوفمبر 2012'.

مرسي رئيس لجماعة
الاخوان وليس لمصر

ايضا قال لي وقد صدقته في البداية زميلنا وصديقنا ورئيس تحرير 'الاسبوع' مصطفى بكري ان عنده كلمة يختلف فيها مع قنديل، وهي: 'الفرعون ما يزال مصراً على أن يبقى رئيساً لأهله وعشيرته من جماعة الإخوان يحركها لمساندة قراراته ويدفعها للمشاركة في حربه ضد الآخرين، ويعتبرها سنده القوي الذي يدعمه في كل المواقف والأزمات، والفرعون لا يستمع الى نصيحة من أحد، لقد احتكر الحكمة لنفسه وقرر أن ينحي الجميع عدا المقربين منه، وأن يعتبر مصر 'وسية' ورثها وقرر وحده ان يتصرف في شأنها كيفما يريد دون حسيب أو رقيب.
الرأي العام لا يهمه في شيء ومعارضوه هم مجموعة من المأجورين والبلطجية، الإعلام مرتزق ورجال الأعمال لصوص وحرامية ومعارضوه هم فلول يمثلون امتدادا للنظام السابق، القضاة في حاجة الى تطهير وأحزاب المعارضة هم طلاب سلطة ومخادعون، الكل فاسدون، والرئيس وجماعته هم فقط الأطهار، الحريصون على حاضر الوطن ومستقبله، لقد أخطأ الفرعون مرسي خطأ عمره بالقرارات الأخيرة التي استهدفت القضاء نهائياً على استقلالية القضاء ولا أظن أنه كان يحسب قوة رد الفعل الجماهيري والقضائي التي تهدد عرشه من الأساس ولذلك راح يتخبط ويطلق لسانه على الجميع، وراح يبشرنا بأنه يعرف القضاة السبعة الذين يتآمرون في الخفاء ويهدد بأنه لن يتركهم وشأنهم'.

مرسي اعلن قراراته من مركز
الاخوان وليس من التلفزيون الرسمي

وهكذا نقلنا بكري إلى يوم الاثنين و'الشروق' التي قال فيها زميلنا عماد الغزالي: 'بدلا من أن يتحدث إلى كل 'المصريين' من تليفزيون الدولة، مبرراً قراراته الاستبدادية البائسة، خرج الرئيس محمد مرسي إلى 'أهله وعشيرته'، الذين زحفوا الى مصر الرئاسة تنفيذا لتعليمات مكتب الارشاد وتبادلوا معه الصياح والهياج والتهليل، هو يهدد ويتوعد وهم يصرخون 'أفرم يا مرسي' يقول لهم انه يطهر القضاء فيهتفون! 'والإعلام يا ريس'، هذا المشهد يلخص باختصار حال مصر بعد ستة شهور من حكم مرسي هذا الرجل ليس رئيساً لكل المصريين هو الحاكم بأمر المرشد لصالح جماعته وأخواتها، ومن الآن فصاعداً علينا أن نتعامل مع هذه الحقيقة مهما قال أو قالوا، وبمناسبة قرارات الرئيس 'الثورية' عندي مقترحات بإجراءات ثورية بديلة أتمنى لو يأخذها الرئيس بعين الاعتبار مثلا: أن يعلن إخضاع جماعة الإخوان المسلمين لقانون الجمعيات الأهلية وأن يلزمها بالكشف عن مصادر وجهات تمويلها وأن تخضع ميزانياتها لرقابة الأجهزة المحاسبية، أن يعلن على الملأ الجهات المتورطة في قتل الجنود المصريين على الحدود مع إسرائيل وأن يكشف بوضوح حقيقة ما جرى ويجرى في سيناء من عمليات استيطان وبيع أراض وأن يكشف 'بالمرة' عن المتورطين في اقتحام السجون وأقسام الشرطة وقنص المتظاهرين في أحداث يناير'.

فرعون موسى يخطب في التليفزيون؟

ومن 'الشروق' الى 'التحرير' ورئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى، الذي أشار إلى التليفزيون وقال: 'هل فكرت أنك ستعيش حتى ترى فرعون موسى يخطب في التليفزيون؟ ترى فرعون موسى على الهواء مباشرة نافخاً حنجرته ومنتفخاً بلغته نراه ونشاهده ونتابعه بعد كام ألف سنة، الفرق الوحيد فقط أنه لا يوجد موسى ولا عصاه ولا شق بحر أو نهر، نرى فرعوناً ولكننا نقاومه بلا نبي ولا معجزات ونواجه فرعونا ليس شخصا في ذاته بل جماعة بقضها وقضيضها، بمرشدها ورئيسها وقارونها وهاماتها، ولا يغرنك اللحى والتمتمة والهمهمة بالتسبيحات والصلوات فقد كان الفرعون ملتحياً ويتمتم كذلك، نحن إذن امام نظام فرعوني أسوأ من سابقه، بل لعله يكرر فرعونية عصر موسى كما هي بدينها وكهنوتها ومالها وإعلامها تماما كما جاء في كتاب الله العظيم، والمتأمل للآيات القرآنية يتأكد أن فرعون في شخصيته المتعالية يرى في نفسه انه فوق مستوى البشر وبهذه النظرة الفوقية تتم صناعة رئيس جماعته الذي لا يؤمن إلا بنفسه ولا يعتقد إلا في ذاته ويكره المعارضين ويتهمهم بالكفر وبالخيانة بل وبإنكار الالوهية للفرعون، سوف فرعون أمام قصر الاتحادية يقول كلاماً إلهياً في الحكم والأمن والتنصت والتجسس والوعيد والتهديد حين حشر جماعته فحشر فنادى فقال: 'أنا ربكم الأعلى' والمذهل أن عبيد جماعته كانوا يهتفون إيماناً بكلامه وتأميناً عليه بهتاف 'الله أكبر'، إلى هذا الحد عميت قلوب في الصدور وخلت رؤوس من عقول!'.

صار محمد مرسي العياط مقدساً لا يمس

وإلى 'وفد' الاثنين وزميلنا الرسام عمرو عكاشة، الذي كان عنوان رسمه - في بلاد الجاهلية، اللات والعزى يتخذان القرار، ويعلنه هبل ويتظاهر العبيد لتأييده - والرسم لهبل، وبجواره اللات والعزى، ومجموعة من الخراف تدور حول هبل وهي تغني نحن غرابة، عبد.
وبصراحة هذه أول مرة اسمع فيها عن خراف تغني كما لم اقرأ في كتب التاريخ، ان الخراف كانت تطوف حول الأصنام، أما زميله مصطفى عبيد فكان عنوان مقاله - أنا ربكم الأعلى - قال فيه: 'الفرعون الأخير محمد مرسي العياط الاستاذ الجامعي الذي استبدلوا به قائدهم الحقيقي ليسكن مقعد القيادة، مد حده، عطموه، أمروه ثم فرعونه في مصانعهم يتم انتاج فراعنة مشابهين للفراعنة السابقين بإعلانه الدستوري الأخير أعلن الرجل تتويجه فرعونا لمصر بعد ثورة كدنا ننخدع بنتائجها ولطموحات أبطالها، صار محمد مرسي العياط مقدساً لا يمس ولا ينتقد ولا يراجع، معصوماً، كأنه إله لا تأخذه سنة ولا نوم، هو الأول والآخر كما يريدنا المتأسلمون أن نسلم وهو الظاهر والباطن كما تبشر الجماعة الانتهازية، وكأني بمنافقيه وطباليه وزماريه، أرى الشاعر ابن هانيء يخطو على الأرض مادحاً الخليفة بقوله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار .... فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبي محمد.

تسلم يا ريس العدا.. ريحتنا من ده وده!

وتسبب الشاعر ابن هانيء في فتح الباب أمام شاعر إخواني اسمه نصر أبو عطايا عضو رابطة أدباء الحرية في دمياط، نشرت له 'الحرية والعدالة' في نفس اليوم الاثنين في صفحة - ثقافة وأدب قصيدة عنوانها - تسلم يا ريس ـ قال فيها:
تسلم يا ريس العدا، ريحتنا من ده وده
م البلطجية ودول بقا أطياف كتير متعددة
إعلام بضاعته في خسته فيه الفلول متوحدة
ومعاه قضاة مش مننا خلوا النيران متأسدة
طيب جميل بس البلد محتاجة أيد متشددة
تضرب بقوة بدون خشا ما تكونش أيد متقيدة.