ثريا شاهين

هل من تحديات تواجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس نتيجة قدرته على تحصيل الحق الفلسطيني في القرار الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعطاء فلسطين صفة دولة مراقب في المنظمة الدولية، وذلك قبل نحو 10 أيام؟
للمرة الأولى استطاع ممثل دولة فلسطين أي رئيسها، التحدث أمام الجمعية العامة بصفته ممثلاً لها، لدى إقرار هذه الصفة.
وتستطيع هذه الدولة ان تقدم دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل وممارساتها، وضد جرائم الحرب التي تحصل والتي تسبب ضرراً لهذه الدولة، وفي التفاوض السلمي إذا ما انطلقت هذه العملية في وقت لاحق من الولاية الثانية للرئيس الأميركي باراك أوباما، سيكون هناك تفاوض لدولة مقابل دولة. كما انه من خلال هذه الصفة، يسهل انضمام دولة فلسطين المراقبة إلى الاتفاقات والمعاهدات الدولية، فضلاً عن انضمامها إلى بعض الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
التحدي الأول، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة، هو ما إذا ستستعمل هذه الدولة حقها في مقاضاة إسرائيل لدى المحكمة الجنائية وهل تستطيع ذلك، وهل ستتخذ مثل هذا القرار أم لا. أي قرار في هذا المجال لا بد ان تدرسه السلطة الفلسطينية جيداً لاستدراك تداعياته السياسية والأمنية على الرغم من الحق بذلك. ويشار إلى ان عباس دعا أخيراً مجلس الأمن لاتخاذ موقف من أجل وقف الاستيطان الإسرائيلي.
والتحدي الثاني، هو القلق من إنعكاسات للاستياء الأميركي والإسرائيلي من ما حققته فلسطين ذلك ان هناك توجهاً أميركياً بالضغط على الفلسطينيين من خلال التمويل، أي بتقليص حجم المساعدات للسلطة. هذا لا يزال في إطار فكرة من جملة أفكار مطروحة في هذا السبيل. لكن المصادر، تؤكد انه ليس من مصلحة إسرائيل ولا الولايات المتحدة ان تنهار السلطة الفلسطينية. من الوجهة القانونية، إذا ما أنهارت السلطة تصبح إسرائيل دولة مسؤولة عن منطقتي قطاع غزة والضفة الغربية، لانه عندها يجب عليها ان تتعامل مع المنطقتين كسلطة احتلال. وإسرائيل لا تريد ان تتحمّل هكذا مسؤولية. وبالتالي الانهيار يسبب لإسرائيل مشكلة حقيقية.
وهذا الأمر بالتحديد هو الذي عزز رغبة وقناعة الرئيس عباس باللجوء إلى الجمعية العامة للحيازة على دولة مراقب. وهو الذي يدرك ان لدى واشنطن وتل أبيب مصلحة بالسلطة الفلسطينية. انهما مستاءتان من دولة مراقب، لكن في الوقت نفسه يريدان استيعاب النتائج ودوزنة ردود الفعل، بشكل، لا تؤدي إلى انهيار في وضع السلطة، ولا يتم الاستفادة من هذا الإنجاز جوهرياً. ويمكن في ضوء ذلك، ان يصار إلى تخفيف المساعدات للفلسطينيين على سبيل عقوبات، لكن إلى حد لا يؤثر على مرجعية السلطة الفلسطينية سياسياً وأمنياً ومعيشياً.
وتشير المصادر، إلى انه إذا ما حصل تقليص لتمويل السلطة، فإن القرار الأميركي سيكون عبر الكونغرس.
فضلاً عن ذلك، هناك تحدٍ ثالث، وهو التهديد الأميركي الضمني بأن لا تنضم دولة فلسطين إلى الوكالات التابعة للأمم المتحدة، وإذا ما انضمت قد يُصار إلى قطع التمويل الأميركي من الكونغرس أيضاً لهذه الوكالات. ويذكر ان نحو 25 في المئة من مصادر التمويل الدولي لتلك الوكالات هو أميركي. وإذا ما انضمت فلسطين لمنظمة الطيران المدني الدولي، يمكنها الاستعاضة عن إسرائيل في هذا المجال. عندما دخلت فلسطين في عضوية quot;الأونيسكوquot; العام الماضي جرى وقف الدعم الأميركي للأونيسكو. الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة الجنائية، كما انها لا تقوم بتمويلها. الوقت سيظهر ما إذا كانت التهديدات بأن تكون هناك إجراءات في الكونغرس ضد الوكالات، ستنفذ فعلياً.
معنوياً وقانونياً الوضع الفلسطيني بات أفضل من قبل. وبات لديه عضوية دولة مراقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة مثلها مثل دولة الفاتيكان. ولكي تصبح دولة فعلية، فهي تحتاج إلى اتفاق داخلي فلسطيني. أبو مازن يستطيع الذهاب إلى غزة، ورئيس حركة quot;حماسquot; خالد مشعل أيّده في خطوته في اتجاه الأمم المتحدة، والمطالبة بدولة مراقبة، والمطلوب خطوة من رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية في مجال المصالحة، والقبول بالتفاوض.
وفي ما يتصل بالمفاوضات لعملية السلام في الشرق الأوسط، وفلسطين بندها الأساسي، فإن الإدارة الأميركية لم تُعد بعد أي تصور جديد. بداية السنة المقبلة 2013 ستجري الإدارة تعيينات وزارية وللمدراء والمستشارين لا سيما تعيين وزير خارجية جديد، والكونغرس يجب ان يوافق عليها كلها. وحتى ذلك التاريخ، لا قرارات أساسية، وبعد التعيين هناك دراسة للملفات الدولية والإقليمية، لذلك ان ظهور أي جديد في التوجهات سيستغرق قرابة الخمسة أشهر.