قاسم حسين

مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي، خرج ابنه الساعدي القذافي بتصريح مفاجئ يوم الجمعة الماضي توقّع فيه حدوث انتفاضة شعبية عارمة في ليبيا.
أسرة الزعيم الليبي تفرقت أيدي سبأ، بعضهم قُتل في غارات الناتو أو على أيدي الثائرين ضده، وبعضهم لجأ إلى دول أخرى، عربية أو أفريقية، وكان الساعدي قد لجأ إلى النيجر.
القذافي الأب لم يكن غير ضابطٍ صغيرٍ في الجيش، قاد مع بضعة ضباط انقلاباً وأطاح بالملك السنوسي، ليبقى على هرم السلطة اثنين وأربعين عاماً، تجمّدت فيها ليبيا عند تلك النقطة من التاريخ. حتى العسكر لم يكن يسمح لأحد بنيل رتبة أعلى من مرتبة العقيد.
كان الضباط مجموعةً متحمّسةً للتغيير والثورة، مستلهمةً تجربة الثوار الأحرار في مصر. ومع طول المكوث في السلطة أصابتها أمراض السلطة، فأصبح الفساد ينخر مفاصل الدولة. حتى القذافي في إحدى محادثاته مع نائبه الأول عبدالسلام جلود، تساءل فيما يشبه الاعتراف والإقرار: من منا لم يفسد أو يعاقر الخمر والنساء؟
القذافي عُرف بمغامراته النسائية، فقد أحاط نفسه بكتيبة من النساء الحارسات، قُدِّر عددهن بين 500 و600 حارسة، مدربات على فنون القتال واستخدام السلاح. وكانت هذه القضية تثير عليه الكثير من حملات السخرية والاستهزاء في وسائل الإعلام العالمية دون أن يكترث بما يقال فيه. كما نُشر الكثير عن علاقته بممرضته الأوكرانية التي لا تفارقه، وربما يكون الكثير من ذلك فيه الكثير من المبالغات.
هذا الرجل له بنتٌ واحدةٌ و13 ابناً، تسنّم أكثرهم مناصب رسمية في الدولة الليبية، عسكريةً وأمنيةً وسياسيةً وخيريةً ورياضية، تحكمهم جميعاً عقيدة أن ليبيا ورثوها من السماء. وكان السيناريو الذي أعد لخلافته أن يرثه ولده سيف الاسلام، إذ جرى تسويقه غربياً كوجه إصلاحي يمكن أن ينهض بليبيا الجديدة، بعيداً عن تركة أبيه الثقيلة. لكن ما جرى من حركة احتجاجات كشفت المخطط وأسقطت القناع، فوقف الابن ينافس أباه في كيل التهم والسباب والشتائم والتهديدات للمعارضين. وإذا كان التاريخ سيذكر للأب وصفه لأبناء الشعب بالجرذان والتهديد بملاحقتهم زنقةً زنقةً، فإنه سيذكر للابن تهديده بحرق ليبيا وتفتيتها قطعةً قطعة.
الساعدي القذافي في تصريحاته الأخيرة، قال إن 70 في المئة من الموجودين في ليبيا غير راضين عن الوضع الحالي، متوقعاً اندلاع انتفاضة في ليبيا على الحكّام الجدد الذين انتزعوا ملك أبيه. وكشف أنه على اتصال دائم بالليبيين في الجيش والمجلس الانتقالي وأفراد آخرين من عائلة القذاذفة. وهو ما استثار المجلس الانتقالي، فطالب متحدثٌ باسم المجلس السلطات في النيجر تسليم الساعدي إليها، فقامت باعتقاله ومصادرة هواتفه ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
الغريب أن رئيس مجلس ثوار طرابلس، قال إنه قد laquo;تقرر منح حكومة النيجر مهلة 3 أيام فقط لتسليم الساعدي، وإلا فسيتم طرد رعاياها من ليبياraquo; (كما كان يفعل القذافي تماماً بطرد رعايا الدول الأخرى حين يختلف مع رؤسائها)! وأضاف بأنه إذا لم يسلم نفسه فسيقومون باعتقاله وسيلاقي نفس مصير والده... laquo;فلدينا المقدرة على خطفه من النيجرraquo;... تماماً كما كان للقذافي القدرة على خطف معارضيه من الدول الأخرى.إن أكثر ما يُخشى على الربيع العربي بعد كل تلك الدموع والدماء... أن تختطف الثورات أو يُعاد تصنيع الدكتاتوريات