جهاد الخازن

إذا كان لي أن أصف الملك عبدالله بن عبدالعزيز بكلمة واحدة فهي أنه مُصْلح، أو ربما قلت أنه صادق، أو صريح، وهي صفة تُكمل ما سبق فهو يسمّي الأشياء بأسمائها، ولا يحاول تقديمها ضمن إطار ديبلوماسي.

كنت أراجع ما خبرتُ من صفات الملك وأنا أسمعه يتحدث عن أيام مخيفة، وكيف اهتزت ثقة العالم كله في الأمم المتحدة بعد الفيتو المزدوج الروسي والصيني لحماية النظام السوري، وهو ما اعتبره الملك بادرة غير محمودة أبداً.

ما أقول اليوم، وأرجو القراء أن يعودوا إليّ إذا أثبت المستقبل أنني أخطأت، هو أن العلاقة بين الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد بدأت طيبة سنة 2005، وانتكست، ثم عادت إلى دفئها في صيف 2010. وهي انتكست من جديد بسبب laquo;آلة القتلraquo; وما أوقعت من ضحايا في صفوف الشعب السوري، ورأيي الذي أقبل أن أحاسَبَ عليه في المستقبل هو أن العلاقة بين الملك والرئيس لن تتحسن مرة أخرى، فالقطيعة نهائية.

كان الرئيس بشار الأسد سُرَّ كثيراً بعودة العلاقات الحسنة مع الملك وقلت له: أرجوك أرجوك أرجوك، لا تزعّل الملك عبدالله مرة أخرى. إذا زعل لن يرضى. وكان هذا الحديث قبل ثلاثة أشهر من أول الإشارات إلى الثورات العربية اللاحقة. ولم أرَ الدكتور بشار بعد ذلك.
سمعت الملك يتحدث في الديوان الملكي قبل الغداء التقليدي لضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، ورأيت في اليوم التالي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، في جلسة ضمّت الصديق مروان حمادة.
كنت أريد أن أهنئ الأمير سلمان شخصياً على توليه وزارة الدفاع، بعد أن هنأته بـlaquo;فاكسraquo;، غير أنني وجدت فرصة مناسبة لسؤاله عن التهديدات الإيرانية والأطماع، وخطر حرب أميركية أو إسرائيلية مع إيران على أمن دول الجوار، كما سألته عن الدور العراقي الجديد في الخليج فقد سمعت انتقاداً له وقلقاً منه في دولتين من أعضاء مجلس التعاون زرتهما هذا الشهر، حتى بتُّ أعتقد أن القمة العربية لن تُعقد في بغداد الشهر المقبل كما هو مقرر لها.
الأمير سلمان تحدث بصراحة ووضوح، ودخل في حوار مع أخينا مروان عن لبنان وتأثير الوضع السوري فيه، وربما عدتُ إلى ما سمعت في المستقبل، فقد ضمّ معلومات وآراء، إلا أن الجلسة لم تكن للنشر، فلا أنشر اليوم وإنما أنتظر فرصة قريبة لتسريب بعض المعلومات.
كان هناك طابور من الزوار في قاعات الانتظار قرب مكتب الوزير، غير أن دوامة العمل المستمر لا تصرف الأمير سلمان عن اهتماماته الصحافية المعروفة، ووجدت على مكتبه ملفاً يضم مقتطفات صحافية يومية، وذكّرته كيف كنت أراه يزور رئيس تحرير laquo;الحياةraquo; ومؤسسها كامل مروة في بيروت، ويجلس معه بانتظار أن ينهي الأستاذ كامل افتتاحية laquo;قل كلمتك وامشِraquo;. وهو استعاد بعض ذكريات الصحافة اللبنانية وتحدثنا عن سعيد فريحة وسليم اللوزي وآخرين.

سرّني أن الأمير سلمان في صحة طيبة، فقد كنت رأيته خلال أيام التعزية بالأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، وبدا متعباً ينوء بأثقال الحزن. غير أنه كان هذه المرة كما عرفته قبل المصاب بالأمير سلطان.
وما كنت لأزور الرياض من دون جلسة مع الأمير خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع وناشر جريدتنا laquo;الحياةraquo;. وكانت عندي أسئلة سياسية للأمير خالد، إلا أنه سبقني وأخذ يسألني عمّا عندي من معلومات منذ اجتماعنا الأخير. ورفضت أن أُستدرَجَ وطالبت بحقي أن أوجه أنا الأسئلة كصحافي، وأن يرد هو عليها كمسؤول.
الأمير خالد ضنين بالأجوبة، وقد وجدت دائماً صعوبة في انتزاع معلومات منه. وسألته عن سورية وإيران والعراق، وحصلت على أجوبة مقتضبة، ربما تجد طريقها إلى هذه الزاوية قريباً وكأنني صاحبها.
وأختتم بشيء خفيف، فقد كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعدني السنة الماضية بأن أكون شريكه laquo;نُصْ بنصْraquo; إذا فاز بجائزة المليون ريال من جورج قرداحي. وسألته هذه السنة أين حصتي من المليون، وقال أنه لم يحصل على شيء هو أيضاً. وجورج قرداحي غاب، فأسأل: أين المليون ريال يا عرب؟ وأردُّ: أخذها جورج وهرب.