quot;حزب اللهquot; وحده يملك الضمانات والشروط ولا حلّ إلا بتسليم الجيش المسؤولية الكاملة

أميل خوري

عندما وجه الامين العام لـquot;حزب اللهquot;السيد حسن نصرالله كلامه الى قوى 14 آذار قائلا لها: quot;لستم في موقع من يضع الشروط ومن يعطي ضماناتquot; كان على حق، لأنه وحده في موقع من يضع الشروط ويعطي الضمانات كونه يملك السلاح. وهذا معناه ان لا الدولة اللبنانية تستطيع اعطاء ضمانات تحفظ الامن والاستقرار، ولا الجيش يستطيع منع الفتنة، ولا الرئيس سعد الحريري يستطيع طمأنة الشيعة باعلانه عدم تحميلهم مسؤولية في دماء والده الشهيد، لأن وجود السلاح quot;في ايدي فئات حزبية وسياسية يتناقض كليا مع قيام الدولة وهو المصدر الدائم لانتاج الفتن والصراعات الاهليةquot;. والواقع، ان السيد نصرالله هو فعلا على حق. فوحده يستطيع فرض الشروط وقد اثبت ذلك في اكثر من مناسبة وهو وحده يستطيع ان يعطي ضمانات بدوام الامن والاستقرار ويمنع الفتنة ولا يستخدم سلاحه في الداخل ولا في الخارج حتى في حال وقوع عدوان على ايران لأن القرار للحزب وحده. لقد اثبت quot;حزب اللهquot; مرارا قدرته على ذلك، فباغت الدولة اللبنانية واللبنانيين بحرب تموز 2006 وباغت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بأحداث 7 ايار، وحكومة الرئيس الحريري باستعماله الوزراء الـ11 وقال للنواب قبل ان تبدأ الاستشارات اذا سميتم الحريري رئيسا للحكومة فلن تنعم البلاد بالامن والاستقرار فيما تنعم بهما اذا سميتم الرئيس ميقاتي، فكان للحزب ما اراد. ومع حكومة ميقاتي اختفى ملف شهود الزور وحلت مشكلة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وصار التمديد لها بمجرد اخذ الدولة والحكومة علما بذلك. ورغم فشل الحكومة في معالجة اولويات الناس وهمومهم، فإن quot;حزب اللهquot; اكد بقاء الحكومة لأنها مصدر الامن والاستقرار، وان حكومة اخرى بديلة قد تكون سببا لهزهما. وهذا يؤكد مرة اخرى، ان quot;حزب اللهquot; هو وحده القادر على وضع الشروط واعطاء ضمانات ولا اي طرف سواه لا في الدولة ولا في مؤسساتها فمن يتعهد منع الفتنة المذهبية يبقى تعهده بلا قيمة اذا كان الحزب لا يعطي مثل هذا التعهد. لذلك فإن quot;حزب اللهquot; يحمل نفسه مسؤولية قرار الحرب والسلم ومسؤولية الحفاظ على الامن والاستقرار في البلاد او زعزعتهما وهو وضع اشبه ما يكون بالوضع الذي عايشه اللبنانيون في عهد الرئيس فؤاد شهاب عندما خيروا بين القبول بحرية اقل وامن اكثر، وعندما خيروا في عهد الوصاية السورية بين الامن والاستقرار مع قليل من السيادة والحرية والاستقلال، وها ان quot;حزب اللهquot; يخيرهم بين بقاء حكومة فاشلة لا تهتم بأولويات الناس لان بعض الوزراء فيها اولوياتهم ومصالحهم ولا يسمح بتغييرها بأفضل منها مع احتمال خسارة نعمة الامن والاستقرار التي يمنحها الحزب ساعة يشاء ويحجبها عنهم ساعة يشاء.

لقد نجح الجيش اللبناني في اخماد الاضطرابات في مخيم نهر البارد لان غالبية اللبنانيين التفت حوله ووقفت معه، وفي الحوادث الاخيرة في طرابلس بين جبل محسن وباب التبانة نجح في اخماد الفتنة لان النافخين فيها على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم ساعدوا الجيش على ذلك، ولو لم يفعلوا لتعذر على الجيش اداء مهمته اذ عليه ان يطلق النار في اي اتجاه عندما تكون الاشتباكات بين اللبنانيين انفسهم، فيتحول قوة فصل لا قوة مقاتلة ضد هذا الفريق او ذاك. لذلك تقع المسؤولية عند اندلاع اي فتنة في اي منطقة من مناطق لبنان، على quot;حزب اللهquot; ومن معه، لان في يده قرار اشعالها وقرار اطفائها... كي تسهل مهمة الجيش ولن يكون الجيش مسؤولا عندما تقرر الاحزاب المسلحة الاقتتال لئلا يتهم الجيش اذا ما تدخل بالانحياز لهذا الطرف او ذاك.

فمطلوب اذاً من الجميع الاتفاق على تسليم الجيش مسؤولية الامن تسليما كاملا في كل زمان ومكان، لا ان يكون تسليمه هذه المسؤولية جزئيا، واستنسابيا وفي امكنة دون اخرى. ولا يكون الجيش مسؤولا عن امن مناطق وغير مسؤول عن مناطق اخرى، او ان يسمح له بمشاركة الآخرين في مسؤولية الامن عندما يصبحون في حاجة اليه... وعندما يسأل الناس من المسؤول عن الامن في البلاد يتم تحميل الجيش وقوى الامن الداخلي المسؤولية وتوضع له خطوط حمراء. ولذا مطلوب من جميع اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم الاتفاق على تسليم الجيش تسليما كاملا مسؤولية الامن كي يستطيع ان يحمي الجميع لا ان يحمي فئة من دون اخرى، وان يكون للجيش بالتفاهم مع السلطة السياسية حق اعلان حالة طوارئ او منطقة عسكرية عندما تدعو الحاجة وان يمنع كل ظهور مسلح لا ان يواجه بظهور مفاجئ كل مرة فيعرض حياة جنوده للخطر، كي يستطيع اغلاق باب التبانة نهائيا فلا يظل مفتوحا تارة على حرب وطورا على هدنة مفتوحة على مجهول، وان يبقى جبل محسن هادئا، وان تساعد كل الاحزاب على وقف حملات التحريض والاثارة. والواقع ان الجيش لن يكون مسؤولا عن الامن في طول البلاد وعرضها اذا لم يسلم له الجميع بهذه المسؤولية كاملة وليس جزئيا، وعندها تبقى تضحيات الجيش مهما بلغت، اقل كلفة من حصول فتنة ويبقى القرار السياسي هو المساند القوي للقرار العسكري.