يوسف الكويليت

أن تحضر أو لا تحضر كل من الصين وروسيا مؤتمر أصدقاء سوريا، غير مهم بحضور ما يزيد على سبعين دولة من كل العالم، وهذا دلالة أن الأفق التي حاولت أغلاقه سوريا وحلفاؤها لم يغب عن العيون التي ترصد اللحظة، وكيف جرى قتل ما يزيد على حروب سوريا مع إسرائيل..

ليس الهدف أن ينعقد المؤتمر، ولكن الأهمية تكمن في نتائجه، فالتنديد لم يمنع النظام أن يقسو ويعلن تحديه لإرادة شعبه والعالم، والتباطؤ باتخاذ قرارات حاسمة وذات جدوى تلوي ذراع الحكم، فكل ما يتلى ويقال يظل حزمة من حلول سلبية..

فالمعارضة الحاضرة في هذه التظاهرة الدولية سوف تشرح الواقع بتداعياته المختلفة وتطرح المطالب الهامة السريعة، فالقسوة وصلت إلى حد منع الضرورات من غذاء ودواء وماء، وهذا التصرف لم يعتده العالم إلا بالحروب الكبرى، لكن الأسد استنسخ صورة ستالين عندما غير خرائط شعوب وقوميات بالتهجير والقتل، وما يحدث بسوريا أكثر قسوة لأن الحدود المجاورة مغلقة وأصبح الموت داخل المنازل ودور العبادة والمستشفيات جزءاً من خطة إبادة مبرمجة ومعدة سلفاً..

لن يرحل الأسد ولن يوقف المجزرة، وهنا كيف يتم من هذا التجمع الكبير معالجة القضية، هل بالاعتراف بالمجلس الوطني وعزل النظام عن أي شرعية يتمتع بها، ثم مد العون السريع والضروري لمن يواجهون المذبحة، وهل بقدرة هذه الدول فتح ممرات آمنة لإنقاذ الشعب السوري الذي إن لم يمت بالرصاص، مات من الجوع وقسوة الشتاء؟..

فارق كبير بين التعامل إنسانياً مع موقف خطير، وتدابير سياسية تساوي بين المجرم والضحية، فالصين وروسيا تراقبان ما ينتج عنه المؤتمر وربما تراهنان على فشله وعدم جدواه، والاختبار الحقيقي، هو أن تكون الحصيلة موقفاً شجاعاً طالما يتعذر التدخل العسكري ويتراجع دعم المعارضة بالسلاح وفقاً لمبررات لا تزال مثار جدل..

المشكلة التي تواجه المتعاطفين مع الشعب السوري تشتت المعارضة، وهي أحد أهم مكاسب الأسد، وتقوي العناد الصيني - الروسي، وهذا يذكرنا بالانقسام الفلسطيني الذي رغم أنه يواجه عدواً شرساً، فهو من أعطى الفرص للعب على تلك التناقضات، والمؤسف أن القيادات التي تقف من النظام برؤية واحدة، عجزت أن تعطي مبرراً لخلافاتها والتي هي الأحوج بمراعاة الظرف الدقيق الذي جعل الشعب يعزل نفسه عنها ويواجه وضعه بشجاعة غير مسبوقة..

تونس التي انفجرت منها بدايات الثورات العربية تحتضن المؤتمر بروح البلد الذي تحرر من أعتى دكتاتورية، وشعوره مع الشعب السوري متطابق من حيث المبدأ أن مقاومة نظام القتلة، لا بد أن يجد التأييد والدفاع عن شرف مطالبه، ورمزية المكان تعطينا حقيقة أن التضامن العربي لا توقفه رغبات السلطات إذا كان الشعب العربي هو من يجمع على تحرير إرادته، وسوريا ضربت المثل الأعلى في الصمود أمام دكتاتورية المنظمة السرية والحكم الطائفي..